تواصلت التحليلات "الإسرائيلية" بشأن نتائج المواجهة العسكرية الأخيرة في غزة، وتقديم قراءات استشرافية لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع هناك، ومدى صمود التهدئة الأمنية بين الاحتلال "الإسرائيلي" والفصائل الفلسطينية.
آخر هذه القراءات قدمها جنرال "إسرائيلي" سابق في جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان" أن قال فيها إن "إسرائيل مطالبة بأن تضع الحقائق الماثلة أمامها على الطاولة، والتي تجسدت بصورة واضحة عقب الجولة التصعيدية الأخيرة، ومفادها بأن "إسرائيل" ليس لديها بديل استراتيجي في قطاع غزة".
وأضاف دورون ماتسا في مقاله بصحيفة "إسرائيل اليوم"، وترجمته "عربي21" أن "من كان يظن من "الإسرائيليين" أن البديل يقوم على إيجاد تسوية جديدة قائمة على القضاء على حماس من جهة، وإعادة السلطة الفلسطينية للقطاع من جهة أخرى، يجب عليه أن يأخذ في الحسبان أن ذلك لابد أن يسبقه إعادة احتلال القطاع بصورة كاملة، وتحمل مسئولية مليوني إنسان هناك".
واستدرك ماتسا، الباحث بمعهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب بالقول، أن "هناك شكوك بأن تنجح السلطة في القدرة على تحمل إدارة شئون الفلسطينيين في غزة، كما أن إسرائيل ليس لديها تجارب ناجحة في فرض أنظمة سياسية معينة في المنطقة، كما أكدت التجربة اللبنانية في الثمانينات، مما يؤكد أن حماس هي البديل الحتمي الاضطراري رغم كل ما نقوله عنها بأنها منظمة معادية وقاتلة، وتنزع شرعية إسرائيل".
وأشار ماتسا، الذي أصدر عدداً من المؤلفات والكتب الخاصة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أن "هذه المخاطرة تحمل بين ثناياها فرصا جيدة، من أهمها أن بقاء حماس مسيطرة في غزة يعفي "إسرائيل" من المسئولية عن إعالة ورعاية الشئون الحياتية لسكان غزة من جهة، ومن جهة أخرى فإن وجود حماس هناك يشكل عازلا بين "إسرائيل" والمجموعات المقاتلة في سيناء".
وأوضح أنه "طوال أكثر من عقد من الزمن، فإن تعامل "إسرائيل" مع حماس والفصائل تراوح بين الإبقاء عليها مسيطرة على غزة، وفي الوقت ذاته على تقليص قدراتها العسكرية، من أجل تخفيض تهديداتها الأمنية، وقد أثبتت أحداث العام الأخير التي تمثلت في مسيرات العودة، والبالونات الحارقة، والطائرات الورقية، وإطلاق القذائف الصاروخية على وسط إسرائيل، أن الأداء الهجومي لحماس بات يتصاعد بصورة متزايدة".
وأكد أن "هذا قد يتطلب من "إسرائيل" إجراء تغيير في إستراتيجيتها الحالية، بالعمل على تخفيف الحصار الذي بات يزداد على سكان غزة، ويهدد بانفجار الوضع فيها، لكن أي مخطط إسرائيلي للمضي قدما في هذه التسوية لا يجب أن يتم دون أن تبدي "إسرائيل" جاهزية كاملة لخوض مواجهة عسكرية واسعة في القطاع".
وأوضح أن "إسرائيل، الدولة والمجتمع، ما زالت مردوعة من فقدان جنودها ومواطنيها، وبناء على ذلك أصبح الجنرالات يفضلون إدارة المعارك عن بعد خاصة عبر سلاح الجو، دون أن تشكل هذه أدوات ضاغطة على العدو هناك ممثلا بحماس".
وختم بالقول أن "هذا يتطلب من "إسرائيل" أن تنتهي من موسم المهرجانات والاحتفالات: الاستقلال واليوروفيجن، والاستعداد لتوجيه ضربة قوية فتاكة ضد حماس تعمل على إعادة تموضع للخارطة السياسية والسلطوية في غزة من خلال الدفع بحماس لأن تبدي حرصا أكبر على بقائها في الحكم، مرورا إلى تسوية سياسية بعيدة المدى، تشمل مبادرات اقتصادية تحقق الاستقرار في المنطقة بأسرها".