Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

صيف ساخن في غزة

يونس السيد

بات واضحاً أن فصائل غزة قد حسمت أمرها على كسر معادلة «الهدوء مقابل الهدوء»، فإما أن يلتزم الاحتلال بتنفيذ تفاهمات التهدئة ويشرع في اتخاذ خطوات فعلية لرفع الحصار عن القطاع، أو لا يكون الهدوء على الإطلاق، أي أن البديل للمماطلة والتسويف هو التصعيد مهما كان الثمن، ما يعني أن صيف غزة سيكون ساخناً جداً هذا العام.

الصواريخ التي انهمرت على المستوطنات المحاذية لقطاع غزة، أو ما يسمونه «غلاف غزة» حملت ليس فقط رداً على استشهاد أربعة فلسطينيين خلال مسيرة العودة والقصف «الإسرائيلي» يوم الجمعة الماضي، وإنما رسائل قوية على جاهزية الفصائل للرد الذي قد يسقط معه كل «الخطوط الحمر» حتى لو أدى ذلك إلى مواجهة عسكرية جديدة. وتنطلق الفصائل هنا من أن هناك فاتورة لا بد أن يدفع ثمنها الاحتلال أيضا، وأن الاستشهاد في ساحة المعركة أفضل ألف مرة من قبول الوضع الراهن والحالة الكارثية التي يعيشها سكان القطاع على كل المستويات جراء استمرار الحصار الخانق، الذي هو بحد ذاته عدوان متواصل لم يعد ثمة مجال للقبول باستمراره، أو القبول بالتهدئة المجانية التي تتناسب مع مصالح الاحتلال من دون أن يتخذ أي خطوات جدية لرفع الحصار أو تخفيفه على الأقل.

وفي ظل معادلة موازين القوى الحالية، تدرك الفصائل الفرق الهائل لصالح الاحتلال من حيث القوة التدميرية وقدرته على إيقاع خسائر باهظة في صفوف الفلسطينيين، ولكنها تعتقد أنها قادرة على خوض «معركة الكل في الكل»، وأن لديها من الإمكانات ما يجعل الاحتلال ومستوطنيه «يتألمون كما يتألم الفلسطينيون»، وأن الرد القادم لن يتوقف عند حدود «غلاف غزة» وإنما سيشمل كل المدن والتجمعات السكانية الكبيرة، وحتى المنشآت الحيوية والاقتصادية، وربما يتضمن هذه المرة اقتحام مستوطنات وغير ذلك من مفاجآت يجري التلويح بها.

الاحتلال بدوره، وجه رسائل بالمقابل بأنه إذا لم يتوقف هذا التصعيد فإن الوضع سكون قابلاً للانفجار ولا مفر من الذهاب إلى المواجهة الشاملة، على الرغم من أن الاحتلال لديه مصلحة في التهدئة أكثر من المواجهة في المرحلة الحالية، لأسباب كثيرة بينها قرب ذكرى إنشاء دولته واستمرار مفاوضات تشكيل الائتلاف الحكومي، بحسب وسائل الإعلام «الإسرائيلية».

الفلسطينيون يدركون سخونة هذا الصيف ابتداء من شهر مايو/أيار الحالي الذي شهد ذكرى نكبتهم الأم في عام 1948، كما شهد نقل السفارة الأمريكية من «تل أبيب» إلى القدس بعد اعتراف واشنطن بها عاصمة ل «إسرائيل»، وغير ذلك الكثير من الأحداث المؤلمة في التاريخ الفلسطيني، كما يدركون ما ينتظرهم بعد طرح التسوية الأمريكية عقب شهر رمضان المبارك، ويتوعدون بمنع تمريرها بكل الوسائل ومهما كانت الضغوط، وربما تكون لديهم الرغبة في قلب الطاولة، حتى لو أدى ذلك إلى انفجار الوضع بكامله، وبالتالي فإن هذا الصيف سيكون الأكثر سخونة بالنسبة للفلسطينيين أكثر من أي وقت مضى. لكن ذلك يتوقف، في كثير منه، على مدى قدرة الفلسطينيين على إنهاء خلافاتهم وتوحيد أنفسهم للوقوف صفاً واحداً في مواجهة ما يحاك لتصفية قضيتهم تصفية نهائية، وحتى لا يقول أحدهم يوماً «أكلت يوم أكل الثور الأبيض».