أعلن "فلسطينيو أوروبا" رفضهم المطلق لـ"صفقة القرن" الأمريكية المزمع إعلانها في يونيو/حزيران المقبل، مطالبين بالنهوض بالعمل الوطني الفلسطيني في الخارج وإشراكهم في صناعة القرار السياسي.
جاء ذلك في البيان الختامي لمؤتمر "فلسطيني أوروبا" السابع عشر الذي انعقد في العاصمة الدانماركية كوبنهاجن يوم السبت تحت شعار (بالوحدة والصمود حتما سنعود)، بمشاركة ضيوف من شخصيات فلسطينية وعربية ومسلمة وأوربية داعمة سياسية ونقابية وناشطة.
وأعلن المشاركون في المؤتمر عن رفضهم المطلق لما ظهر من قرارات أمريكية مرتبطة بـ"صفقة القرن"، منها المتعلق بالاعتراف بالقدس المحتلّة عاصمة لـ"إسرائيل" ونقل السفارة الأمريكية إليها، وكذلك الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل.
وأكدوا أن شعبنا الفلسطيني قادر بصموده على إسقاط كل المؤامرات على قضيته الوطنية، كما أسقطها سابقًا، وقادر على إفشال هذا المخطط على طريق إنجاز المشروع الفلسطيني العادل.
وطالب المجتمعون بالنهوض بالعمل الوطني الفلسطيني في الخارج، مؤكّدين ضرورة إشراكهم في صناعة القرار السياسي من خلال مشاركة مختلف الأطر الوطنية فيه باعتباره جزءا لا يتجزأ من التكوين الفلسطيني.
أكد المشاركون في مؤتمر "فلسطينيي أوروبا" أن حضور آلاف الفلسطينيين من عموم القارة الأوروبية للمشاركة في المؤتمر، شكّل رسالة قوية إلى الإدارة الأمريكية بأنها ستُفشل مشاريعها الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية وعلى رأسها "صفقة القرن"، كما أنها رسالة تجديد وتأكيد لتمسك الفلسطينيين بحق العودة.
كما دعوا إلى إحياء مؤسسات منظمة التحرير وتطويرها وإصلاحها "عبر بنائها وإعادة تشكيلها وتفعيل مؤسساتها لتضم كل الأطياف الفلسطينية، عبر الانتخابات الشاملة في الداخل والخارج وحيث أمكن، وفق نظام التمثيل النسبي"، وفقًا للاتفاقات السابقة بين الفصائل.
وطالب "فلسطينيو أوروبا" الجهات الرسمية الفلسطينية بوقف المفاوضات مع الاحتلال "العلنية منها وغير العلنية، والتي وفرت للاحتلال فرصة وغطاء لاستمراره في ممارسة سياساته العدوانية" ضد أبناء شعبنا وأرضه ومقدساته.
وأكّدوا تمسّكهم بالوحدة بين كل القوى السياسية على اختلاف توجهاتها، داعيين إلى استئناف حوار شامل يضع الأسس الكفيلة لاستعادة الوحدة الداخلية وتوحيد المؤسسات الفلسطينية للتفرغ لمقاومة الاحتلال ونضاله بكل السبل المتاحة.
وبحث المؤتمر في أعماله وجلساته وملتقياته وندواته وورش عمله وفعالياته المتنوعة واقع القضية الفلسطينية وأبرز مستجداتها، كما ناقش آليات النهوض بمقدرات شعبنا الفلسطيني وطاقاته المتواجدة في القارة الأوروبية بمختلف شرائحه المجتمعية ومؤسساته ونقاباته؛ ليبحث وسائل حشدها وتوظيفها في خدمة قضية شعبنا ونضالات أبنائه.
وثمّن المجتمعون تمسّك شعبنا في "القارة العجوز" وكل أماكن تواجده بحقّه الراسخ في العودة إلى أرضه ودياره، مشدّدين على أنّه حق جماعي وفردي لا يسقط بالتقادم.
وعبّر "فلسطينيو أوروبا" عن استهجانهم للخطوات التطبيعية التي أقدمت عليها بعض الدول العربية مع الاحتلال الإسرائيلي، قبيل الوصول لحل نهائي يعطي الشعب الفلسطيني حقوقه، مطالبين هذه الدول بالكف عن هذه الخطوات والانسجام مع مواقف شعوبنا العربية الرافضة لكل أشكال التطبيع.
وأكّدوا التمسك بالحقوق والثوابت والمطالب المشروعة للشعب الفلسطيني، داعين كل دعاة العدل والتحرر في العالم للوقوف مع شعبنا في نضالاته، ومرحّبين بأي مشروع أو مبادرة لحل القضية الفلسطينية بما يضمن حق العودة وتقرير المصير والتحرر من الاحتلال وبما ينسجم مع دعوات شعبنا ويحفظ حقوقه الثابتة في أرضه التاريخية والعودة لدياره.
وجّدد المجتمعون رفضهم المطلق "للقرارات المجحفة" التي أقدمت عليه الادارة الامريكية والمتعلقة بمدينة القدس المحتلّة، كما ندّدوا بمحاولات التهويد المستمرة التي يمارسها الاحتلال بحق المدينة المقدّسة وأهلها.
وشدّدوا على أن القدس كانت ولازالت وستظل عاصمة فلسطين التاريخية، وأن أي مشاريع تهدف إلى تغيير هذا الواقع هي "مشاريع مكشوفة سيحطمها شعبنا الفلسطيني بصموده وبدعم من أحرار العالم"، بحسب البيان.
كما لفتوا إلى تجاوزات الاحتلال الاستيطانية التوسعية والعنصرية في الضفة الغربية المحتلّة والمخالفة للقوانين والقرارات الدولية، داعين لتوسيع حملات وحراك مقاطعة الاحتلال ليشمل حملات وإجراءات أخرى.
وأدان "فلسطينيو أوروبا" استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ عام 2006، وما تركه من آثار اجتماعية واقتصادية مدمّرة على أهالي القطاع، داعين المجتمع الدولي إلى التحرك لفك هذا الحصار الظالم وإعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي.
وحيّا المؤتمر أسرانا في سجون الاحتلال الإسرائيلي وعائلاتهم، مثمّنًا نضالاتهم الصامتة وخوضهم معارك الأمعاء الخاوية، ومواقفهم التوحيدية في "إضراب الكرامة 2".
كما أدان المؤتمر سياسات الاحتلال بحق الأسرى، ودعا لجان حقوق الإنسان والفعاليات القانونية الأوروبية والعالمية للتحرك لدعم صمود الأسرى الأسطوري، والدفاع عنهم أمام المحاكم وكشف زيف العدالة الإسرائيلية، والمطالبة بإطلاق سراحهم وإعادتهم إلى عائلاتهم ليعيشوا أحرارا تحت شمس الحرية في وطنهم، بحسب البيان.
كما حيّا المؤتمر شعبنا في مخيمات اللجوء والشتات، وثمّن عاليًا صمودهم وتصديهم لكل المشاريع البديلة لحق العودة، محذّرًا من خطورة تقليص خدمات وكالة الغوث" أونروا".
ودعا "فلسطينيو أوروبا" الجهات المانحة من دول ومؤسسات (وفي المقدمة منها الدول الأوروبية) إلى الوفاء بالتزاماتها المالية نحو وكالة الغوث، وتأمين التمويل اللازم والكفيل بتطوير خدمات الوكالة وتحسينها، بما يستجيب لحاجات سكان المخيمات وتجمعات اللاجئين ويوفر لهم الحياة الكريمة إلى أن يحين موعد العودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها عام 1948، وفق البيان.
كما طالبوا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه أهلنا في مخيم نهر البارد وإعادة إعماره.
وحيّا المجتمعون أهلنا في الأراضي المحتلة عام 1948، وأشادوا بدورهم في التصدي لمشاريع تهويد المقدسات والتصدي للسياسة العنصرية، منددين بالتصريحات الإسرائيلية المتكررة والداعية إلى تهجير الفلسطينيين بشكل جماعي من الداخل المحتل.
كما طالبوا الدول والمنظمات والهيئات الأوروبية والدولية كافة بالوقوف عند التزاماتها تجاه القضية الفلسطينية، وضرورة عزل الاحتلال وإنهاء جميع أشكال الدعم والتعاون المشترك معه والإسراع في فرض عقوبات عليه ومحاسبته.
وناشد المجتمعون أهلنا من فلسطيني الشتات ومنهم فلسطينيو أوروبا بأداء دورهم المأمول والمطلوب في دعم قضيتهم وإسناد شعبهم والتمسك بحقوقهم في العودة والتعويض.
وأعلن المؤتمر في ختام فعالياته عن تكفّله بإمداد مخيمات لبنان بجهاز "سكانر" طبي يؤمن الصور الطبية لعموم اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان؛ الأمر الذي من شأنه تخفيف معاناتهم الصحية وضمان التشخيص الصحيح لأمراضهم.
كما أعلن المؤتمر عن تقديم دعم للمشاريع التنموية في قطاع غزة؛ بما من شأنه تخفيف المعاناة الإنسانية التي يعاني منها سكان القطاع نتيجة الحصار الإسرائيلي الظالم الممتد.