هاني حبيب
من الطبيعي أن سعي نتنياهو لتشكيل حكومته الخامسة والثلاثين، سيواجه بالعديد من العقبات والصعاب، لا شيء جديدا في هذا السياق، على ضوء تجارب التشكيلات الحكومية السابقة، لكن بات من المؤكد، وعلى نطاق واسع، أن نتنياهو في نهاية المطاف، الأقدر على مواجهة هذه المشكلات وإيجاد المخارج والحلول للاستعصاءات المختلفة، فقد أصبحت لديه تجربة غنية في استرضاء الحلفاء، وتوزيع المناصب والهبات والميزانيات، بما يكفل له في نهاية الأمر التوصل إلى حكومة مدعومة من قبل 65 نائبا في البرلمان "الكنيست".
ظهر في بداية مشاورات الليكود مع حزب ليبرمان، "إسرائيل بيتنا"، أن تصلب هذا الأخير حول قانون التجنيد، وهو القانون الذي كان من شأنه اتخاذ قرار تبكير الانتخابات البرلمانية، مع أسباب أخرى، قد وضع جانبا إلى حين التوصل إلى توافقات حول مطالبة ليبرمان بحقيبة الدفاع، وذلك بصياغة ماكرة لحل عقدة الخلاف حول قانون التجنيد، فقد قدم نتنياهو اقتراحا يقضي بإدخال تعديلات على القانون من قبل "الحريديين"، مقابل حق النقض والاعتراض من قبل ليبرمان، وبالتالي يتم ترحيل هذا القانون إلى الكنيست الجديدة التي ستخضع القانون، مع تعديلاته المحتملة للتصويت مجددا.
أوساط ليبرمان، بدأت تشير إلى تراجع رئيس "إسرائيل بيتنا" عن إصراره على حصوله على وزارة الدفاع، إذا ما عاد مجددا إلى وزارة الخارجية، إلاّ أنه يناور للحصول على تحسين شروط المشاورات مع صلاحيات أفضل، ذلك أن ليبرمان في وضع بالغ الضعف، فقد استقال من وزارة الدفاع، ما أدى إلى إسقاط الحكومة، لكنه عاد إلى الكنيست بمقاعد أقل، وبالكاد حاز على تجاوز نسبة الحسم. الأهم من ذلك، ومع أن حزب "إسرائيل بيتنا" سيشكل ما يطلق عليه "البطة السوداء" في إطار التشكيل الحكومي، كونه حزبا ليبراليا مخالفا لمعظم أحزاب اليمين الديني في الائتلاف، إلاّ أن هذا الحزب يدرك أن لا مكان له سوى هذا الائتلاف، لا بديل له، أيديولوجيا هو حزب يميني متطرف، وسياسيا لا يمكن له أن يبقى في ذيل المعارضة التي يقودها أزرق ـ أبيض برئاسة غانتس. نتنياهو يدرك هذه المعادلة، ويعرف كما الجميع، أن مآل ليبرمان في هذه الحكومة الائتلافية، مع أن "إسرائيل بيتنا"، يشكل بيضة القبّان، إلاّ أنه في حال إدراك هذه المعادلة، فإن مكان هذه البيضة هو في سلة الائتلاف اليميني برئاسة نتنياهو.
ليبرمان الذي خسر أحد مقاعده بنتيجة الانتخابات الأخيرة التي كان أحد أسباب عقدها مبكرا، أمامه درس من صديقه اللدود نفتالي بينيت، الذي ساءت العلاقة بينه وبين نتنياهو في الحكومة الرابعة. وضمن عوامل التحدي المستمر والدائم والمناكفة والتهديد بالانسحاب، قام بينيت بالانسحاب من حزب "البيت اليهودي" مشكلا حزب "اليمين الجديد" الذي كان جوهر حملته الانتخابية ضد الليكود وضد نتنياهو، مع ذلك لم ينجح رهان هذا الحزب على أصوات الجنود بدفع مقاعده إلى الأمام، وحتى اللحظة الأخيرة، كان يظن أنه سيتجاوز نسبة الحسم، لكنه بقي خارج البرلمان، وعلى ليبرمان، أن يستعيد هذا الدرس جيدا، وربما فعل ذلك عندما أزاح أحد شروطه التي ظل متمسكا بها حتى اللحظة الأخيرة، والمتعلق بالعودة عن التفاهمات مع حركة "حماس" إذ لم نلحظ مثل هذا الشرط أثناء مباحثات تشكيل الحكومة، بين "الليكود" و"إسرائيل بيتنا"!
حكومة نتنياهو القادمة، ستكون أكثر استقرارا وتماسكا نسبيا، والرهان على سقوطها يتعلق بالملاحقة القضائية لرئيسها، لذلك جهود نتنياهو ستنصب على مسائل تتعلق باقتراحات قوانين لها علاقة بالحصانة أولا، ثم ما يسمى بالقانون الفرنسي، وهذه المسائل على جدول أعمال المشاورات لتشكيل الحكومة الجديدة!