د. فايز رشيد
نشرت اللجنة المركزية للانتخابات «الإسرائيلية» النتائج النهائية لانتخابات الكنيست التي أظهرت تعزيز قوة حزب الليكود الأكثر تطرفاً بمقعد إضافي ليحصل على 36 مقعداً، وفشل حزب «اليمين الجديد» برئاسة نفتالي بينيت في تجاوز نسبة الحسم. كما تظهر النتائج تراجع حزبي «كولانو- كلنا» و«ميريتس» من 5 مقاعد وحصولهما على 4 مقاعد لكل منهما. وقد ارتفع عدد الأصوات التي حصل عليها معسكر الليكود وتحالفه مع الأحزاب اليمينية الأكثر تطرفاً، فقد حصل على 65 مقعداً، وهي أكثر من نصف مقاعد الكنيست ما يسهل من مهمة الليكود بزعامة الفاشي بنيامين نتنياهو في تشكيل الحكومة المقبلة.
فيما حصل معسكر أحزاب التيار المسمّى زوراً «الوسط - يسار» على 55 مقعداً (مع احتساب المقاعد العربية)، إذ حصل تحالف أزرق - أبيض على 30 مقعداً، وحصل «العمل» برئاسة آفي غباي على 6 مقاعد. أما الأحزاب العربية فقد حصل تحالف «الجبهة العربية للتغيير» على 6 مقاعد، فيما حصل تحالف «التجمع والموحدة» على 4 مقاعد، وحزب «ميريتس» على 4 مقاعد.
في قراءة أولية لنتائج الانتخابات يمكن تسجيل جملة قضايا أهمها، أن تحولات الشارع في دويلة الكيان تتعزز باطراد نحو النهج الأكثر تطرفاً. كذلك تم تعزيز قوة الليكود كحزب حاكم بارتفاع عدد مقاعده من 30 إلى 36 مقعداً، على الرغم من التهم التي تلاحق نتنياهو بالرشى والفساد والتكسب غير المشروع. أيضاً فقد هوى حزب «كولانو» برئاسة وزير المالية موشيه كاحلون من عشرة مقاعد إلى أربعة، وتحطم حزب وزير التربية والتعليم نفتالي بينيت ووزيرة القضاء أييلت شاكيد اللذين كانا يتمتعان بثمانية مقاعد إلى 4. كذلك انخفض حزب وزير الأمن الأسبق أفيغدور ليبرمان من ستة إلى خمسة مقاعد.
اللافت، كان تعزيز تمثيل الأحزاب القطاعية الحريدية المتمثلة ب«شاس» و«يهدوت هتوراه» حيث حصل كل منهما على ثمانية مقاعد، أي بزيادة ثلاثة مقاعد عن الكنيست السابقة، الأمر الذي ترافق مع تعزيز تحالف تلك الأحزاب وتماهيها السياسي مع معسكر اليمين الأكثر فاشية وتطرفاً.
هذا التحول ينسجم مع البعد الديمغرافي للانقسام السياسي في الشارع «الإسرائيلي»، حيث باتت ثلاث مجموعات إثنية هي اليهود الشرقيون واليهود الروس واليهود الغربيون تشكل قاعدة انتخابية شبه ثابتة للمعسكر الأكثر تطرفاً، ما يجعل مسألة انتقال الأصوات من معسكر إلى آخر شبه مستحيلة. وقد رأينا كيف ذهبت أدراج الرياح جميع محاولات الجنرال بيني غانتس في استمالة أصوات من اليمين الفاشي. فلم يجده نفعاً ضم الجنرال اليميني المتطرف موشيه يعالون ولا مصممي قانون القومية، تسفي هاوزر ويوعاز هندل إلى تحالفه، ولا عدّاد القتل خلال حرب الجرف الصامد على غزة (عدوان عام 2014)، والتهديد بإعادتها إلى العصر الحجري ولا برنامجه السياسي اليميني، وأنفه الجلوس مع العرب، وتباهيه بقتل أكبر عدد من الفلسطينيين.. وكذلك قوله إنه ليس بحاجة إلى جواز سفر لدخول مطلق لأي دولة عربية (يقصد يدخلها بالدبابات).
للعلم، إن هذه الأحزاب ترفض الاعتراف بالحقوق الفلسطينية والدولة الفلسطينية المستقلة، وحق العودة، وهي مع الاستيطان وضم التجمعات الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة إلى دويلة الاحتلال، وتواجد قوات الاحتلال في كلّ أنحاء الضفة الغربية والإشراف على منطقة غور الأردن، ومع صفقة التسوية الأمريكية «التصفوية»، وفصل الضفة عن القطاع.
ومعروف أيضاً أن حزب العمل حكم «إسرائيل» من عام 1948 إلى عام 1977، وسمّي زوراً بالحزب الاشتراكي؛ ذلك أن نخب تأسيسه كانت أوروبية، واتخذت من أحزاب ما سمّي بالاشتراكية الديمقراطية مرجعية فكرية وسياسية له. وكان حزب العمل السبّاق لما أسماه بناء الكيبوتزات (المزارع التعاونية). وفي عام 1977 انتصر حزب الليكود في الانتخابات، وكان ذلك فاتحة لبدء مرحلة جديدة ستمتد حتى سنة 2001 ساد فيها تداول السلطة بين العمل والليكود. صعد اليمين الفاشي في الكيان تدريجياً بحكم العديد من التحولات في الشارع، ولأسباب أخرى نجح الليكود في الاحتفاظ بقاعدته الانتخابية، أي بغالبية اليهود الشرقيين التي كان لها الفضل في إيصاله إلى السلطة عام 1977، كما نما تيار الصهيونية الدينية من خلال تعاظم شعبية اليمين الأكثر تطرفاً واليمين المتطرف والسيطرة على المشهد السياسي.