تؤكد مصادر مطلعة أن حركة الوفود الدولية وكذلك العربية التي لها علاقة بترتيبات إعادة الهدوء في قطاع غزة، ستستمر خلال الفترة المقبلة، لضمان استمرار الحالة القائمة، ومنع انزلاق الأمور والعودة إلى مربع التصعيد، خاصة مع اقتراب إحياء ذكرى مرور عام على «مسيرات العودة»، حيث يترقب أن يصل من جديد الوفد الأممي المصري للقطاع، وأن يعود مسؤولون آخرون إليه، للبحث مع قيادة حماس آخر تطورات المشاريع الإغاثية التي سيتم تنفيذها.
وحسب تلك المصادر الفصائلية، فإن الوفد الأمني المصري الذي أنهى الجمعة الماضية زيارته إلى قطاع غزة، يستعد للعودة من جديد خلال الأيام المقبلة، بعد أن أنجز مهمته الأولى خلال لقاءات في غزة وتل أبيب، تمثلت في إعادة الهدوء إلى الحدود، والتوافق مبدئيا على العودة للعمل من جانب "إسرائيل" بتفاهمات الهدوء السابقة، التي جرى إقرارها في مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وتشمل مرحلتين، يتم خلالهما تقديم مساعدات وإقامة مشاريع في غزة، من أجل التخفيف عن كاهل السكان وإنهاء الحصار.
وعلى خلاف ما يتردد بإن الوفد سيحمل ردوداً إسرائيلية على مطالب حركة حماس، فإن المصادر التي تحدثت لـ «القدس العربي»، أشارت إلى ان الوفد المصري سيطلع على سير تطبيق الاتفاق، خاصة المرحلة الأولى منه، التي تشمل تقديم مساعدات للأسر الفقيرة، وهو أمر جرى إنجازه، من خلال المنحة القطرية التي قدمت مساعدات أول من أمس الإثنين الى 55 ألف أسرة، بواقع 100 دولار لكل منها، وكذلك مراقبة تنفيذ باقي البنود الأخرى مثل زيادة مساحة الصيد البحري، وبدء عملية التشغيل المؤقت لآلاف العاطلين عن العمل.
برنامج التشغيل المؤقت
ومن المقرر أن يتم البدء من قبل مؤسسات دولية «الأونروا»، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ببرنامج التشغيل المؤقت الذي سيستوعب 10 آلاف عاطل خلال الأيام المقبلة، حيث ينفذ هذا المشروع أيضا بدعم من دولة قطر، التي تكفلت حتى اللحظة بتقدم كامل الأموال لبرامج الإغاثة الخاصة بسكان غزة.
ومن شأن هذه المشاريع أن تساهم في تخفيف حدة ونسب الفقر والبطالة، وأن تؤسس لبدء المرحلة الثانية من التفاهمات، التي تشمل البدء في تنفيذ مشاريع كبرى، لها علاقة بتحسين وضع التيار الكهربائي، وإنشاء خزان وقود كبير لمحطة الكهرباء أيضا وتنفيذ مشاريع بنى تحتية.
وفي إطار السعي لتنفيذ هذه المشاريع لتكون واقعا على الأرض، كان السفير العمادي، الذي وصل غزة الأحد الماضي، في إطار جهود وساطات الهدوء، قد وقع عقود إنشاء ثلاثة مشاريع جديدة في قطاع غزة.
اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة قالت إن هذه المشاريع تبلغ تكلفتها نحو 1.7 مليون دولار أمريكي، تشمل إنشاء مقر اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة – المرحلة الأولى، بتكلفة ما يقارب 630 ألف دولار أمريكي.
كما تتضمن المشاريع الجديدة مشروع إنشاء مسجد حي الهدى في منطقة جحر الديك بتكلفة 704 آلاف دولار أمريكي، وكذلك أعمال إنشاء وتجهيز خزان وقود محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع، بتكلفة نحو 350 ألف دولار، وبسعة مليوني لتر.
وتأتي هذه المساعدة ضمن منحة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لإغاثة سكان قطاع غزة، بقيمة 150 مليون دولار أمريكي.
وعقد العمادي خلال وجوده في غزة لقاءات مع قيادة حركة حماس، من بينها لقاء مع يحيى السنوار رئيس الحركة في غزة.
وذكرت حماس في بيان لها أن اللقاء تناول العديد من المشاريع المطروحة في إطار الدور القطري الأساسي للتخفيف عن قطاع غزة، لافتة إلى أن السنوار أكد على دفء العلاقات بين الحركة وقطر، مثمناً الدور القطري المبذول.
وخلال وجوده في غزة التقى العمادي بنيكولاي ملادينوف مبعوث الأمم المتحدة، كما التقى مدير عمليات «الأونروا» ماتياس شمالي، واستعرض معهما آخر جهود قطر للتخفيف عن سكان القطاع، خلال نقاشهم الأوضاع الإنسانية، وسبل تحسينها مثل موضوع الكهرباء وبرامج «النقد مقابل العمل».
جاء ذلك بعد لقاء العمادي بعدد من الشخصيات الدولية والاعتبارية في مدينة القدس. وقالت اللجنة القطرية إن رئيسها اجتمع بجون كلارك، رئيس بعثة الرباعية الدولية في القدس ورام الله، وكذلك بالسيدة ماري إليزابيث، رئيسة بعثة أطباء بلا حدود في فلسطين، وكذلك مع توكوميتسو كوباياشي، مدير مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع في القدس (UNOPS)، مستعرضا معهم المشاريع المنفذة والجاري تنفيذها في غزة، وسبل تخفيف الأزمات الإنسانية، من خلال مد خط الكهرباء 161 وخط الغاز لمحطة توليد الكهرباء.
الجهاد تؤكد استمرار المسيرات
وقال جميل عليان، القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، إن «مسيرات العودة» ستتواصل، وإن الفصائل ستستمر بها حتى كسر الحصار. وأكد في سياق تصريحات لفضائية «فلسطين اليوم» التابعة لحركته، أنه لا توجد «شروط سياسية» على المسيرات، وقال «نحن ندرك أن هذا العدو يريد التنصل من كل الاتفاقيات كما فعل في الاتفاقات السابقة».
وأضاف «العدو يريد تفاهمات مع غزة بوساطة مصرية، للتخفيف عن سكان غلاف غزة وعن نتنياهو نفسه وعن الخريطة السياسية الإسرائيلية، ومحاولة منع المزيد من التفكك في المجتمع الإسرائيلي».
وتابع يقول «بالتالي التفاهمات مرتبطة بهدف آني للعدو الصهيوني، ولكن نحن بدورنا نرى أن التخفيف عن شعبنا واجب إنساني وأخلاقي ووطني، وهذا أساس التفاهمات».
وأكد أن تلك التفاهمات التي يجري العمل بها «لا علاقة لها باستمرار المسيرات، وإنما ببعض الأدوات». وقال «المسيرات ستستمر، وسنقايض على بعض الأدوات مثل البالونات (الحارقة)»، التي قال إنها تخضع لـ «التفاهمات الآنية».
وأضاف «نحن مصرون على كسر الحصار بضمانات عربية ودولية حتى لا يتنصل العدو من تفاهماته، كما تنصل من اتفاقات سابقة».