كتب: خضر عدنان
هي أم الأسير الفلسطيني كامل الخطيب.. هي أم جرحنا ووجعنا وألمنا وأملنا؛ تفارق الحياة بعد سنوات طوال من الصبر والمعاناة والإنتظار ليوم حرية ابنها المناضل الأسير.. ستة عشر عاما في اعتقاله الأخير وقدر الله تعالى أن يتعلق فراقها بحريته..و كأن روحها الطاهرة معلقة بيوم حريته.
الخالة المرحومة أم كامل الخطيب تذكر بفراقها كل أسير ومحرر وفلسطيني بالأم الفلسطينية التي بذلت الغالي والنفيس في تربية ابنها على كل سجية كريمة.. على حب أرضه ومقدساته و أقصاه.. على رفض ومقاومة الاحتلال.. تذكر بسفر كبير ممتد من عقود المعاناة والتضحية والفداء لشعب بأكمله.
تكشف أكثر بفراقها بعد يوم من حرية نجلها دون أن تراه سادية الاحتلال وسجانيه.. تكشف زيف كل من يدعي احترام حقوق الإنسان ويسكت عن جرحنا.. تكشف عقم وتقصير الإعلام العربي والإسلامي والدولي نصرة لحق شعبنا وأسراه بالعيش بحرية وعزة و كرامة.
يا وجعنا فيك أمنا أم الكامل و أمهات الأسرى يقضين حسرة و كمدا على إخوتنا في الأسر و عتمة "حقدهم".
يا ألمنا فيك أمنا أم الكامل وأمهات الأسرى والفراق دون سلام وقبلة ووداع.
يا دمع عيون تبيت في الوجع دون أن يضمد جرحها فراقا أحد في زنزانة لئيمة.. يا حشرجات صدور رجال رجال و حرائر حرائر يكتمونها عزة ولئلا يتشفى السجان.. بأي الكلمات نرثيك سيدتنا ومن هو دون قامتك السامقة كيف بحق يراك.. بأي العيون ننظرك سيدتنا وكلنا مقصر إياك.. بأي الخطى المثقلة نلحقك وداعا في المخيم وفلسطين كلها تنعاك.
اليوم عرفت أكثر الحب كيف يكون؟!
في وجع أم عماد شقير عندما دخلنا عليها فأخذت تستحلفنا عنه وصحته وحتى حياته!، في كلمات أمي في ساعاتها الأخيرة تحمد الله تعالى سعيدة أنها ترحل ولم تفجع بي في حياتها!، في دعاء لربما رأينا استجابته للخالة أم الكامل وتردده كل أم أسير أن يمن عليها بعناق ابنها حرا ولا يضيرها بعدها الرحيل!
لا.. لا.. يا صحب.. رأته أم الكامل يوم احتضنها.. خفق قلبها تحية وحبا ووداع.. خفق معلنا موت قلوب لا تعرف فلسطين والأقصى والأسرى والشهداء.. و الشهداء خطوا ذلك بدمهم لا باليراع.