على ضوء تصعيده الأخير الذي أعلنه ضد قطاع غزة، وأثار معه موجات غضب وانتقاد عالية، بدأت قوى وفصائل فلسطينية تتحرك باتجاه رفع الحصانة عن رئيس السلطة محمود عباس وعزله من منصبه.
هذا التحرك الجديد سيناقش بشكل رسمي خلال جلسة طارئة وخاصة للمجلس التشريعي، ستعقد اليوم الأربعاء (9 يناير) في مدينة غزة، وتشارك فيها كتل برلمانية مختلفة، على رأسها حركة "حماس" والتيار الديمقراطي التابع للنائب المفصول من حركة "فتح" محمد دحلان، إضافة لكتلة برلمانية لفصائل أخرى.
المجلس التشريعي الذي أعلن عباس في الـ22 ديسمبر الماضي حله، وإبقاء الحالة الفلسطينية فارغة دون جسم قانوني يحكمها ويسيطر عليها، قد يكون هو صاحب القرار هذه المرة في رفع الحصانة عن رئيس السلطة نفسه، لكون حركة "حماس" هي من تتمتع بالأغلبية النيابية.
وأعلن المجلس التشريعي، في بيان وصل "الخليج أونلاين" نسخه عنه، نيته عقد جلسة لمناقشة نزع الأهلية السياسية عن عباس، وأوضح أنّه ينوي، الأربعاء، عقد جلسة لمناقشة نزع الأهلية السياسية عن محمود عباس، وذلك الساعة العاشرة والنصف في مقر المجلس الرئيسي بغزة.
ويقول يحيى موسى، القيادي في حركة "حماس"، والنائب في المجلس عن كتلها البرلمانية: إن "المجلس سيعقد جلسة مهمة للغاية ستركز في أساسها على التصعيد الخطير الذي رفع رايته عباس ضد قطاع غزة خلال الأيام القليلة الماضية".
وفي تصريحات خاصة لـ"الخليج أونلاين"، أكد أن المجلس سيناقش مع باقي الكتل البرلمانية هذا التصعيد، وسيحاول التصدي له بلغة وقوة القانون، الذي تجاوزه رئيس السلطة بقرار حل المجلس التشريعي الذي يعتبر من أهم المؤسسات التي كان اختيارها بتصويت من الشعب وحده.
ويوضح موسى أن عباس وما ظهر من خلال تصعيده الأخير وقراراته غير القانونية "بات غير مؤهل ليكون رئيساً للشعب الفلسطيني، وإزاحته من منصبه ستكون واجبة على كل حريص على خدمة هذا الوطن وقضيته التي تواجه الخطر من كل مكان".
النائب عن حركة "حماس" يشير إلى أن عباس يتمتع بولاية "غير قانونية" للرئاسة؛ لكونها انتهت قبل سنوات طويلة، ولم تمدد له لا بانتخابات ولا حتى بتفويض من القوى والفصائل الوطنية، "لذلك هو يجلس على كرسي رئاسة السلطة ليس له حق فيه".
ويتابع حديثه: "كل الخطوات التي يتخذها عباس ضد غزة، وكان آخرها حل التشريعي، والعقوبات الاقتصادية، وسحب الموظفين من معبر رفح، وإغلاق ملف المصالحة، والتهديد بخطوات أكثر قسوة ضد أبناء شعبه، يؤكد أنه بات عبئاً ومشكلة، ولا يصلح ليكون رئيساً".
وفي تصريح متلفز لفضائية "الأقصى"، قال عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، صلاح البردويل، مساء الاثنين، إن ما وصفه بـ"اللغة الهابطة" التي يستخدمها عباس تعطي مؤشرات على عدم الأهلية التي يتمتع بها.
وشدد البردويل على أن عباس ليس أهلاً لقيادة شعبنا، ويجب أن تتضافر كل القوى لنزع أهليته؛ "فلا يليق أن يخرج من رئيس أنه تحت بساطير (أحذية عسكرية يستخدمها الجنود) الاحتلال"، مضيفاً: "يجب أن تجلس فصائل كل الشعب وقواه الحية لنزع الأهلية عنه، فالشعب الفلسطيني راقٍ وثائر ومتميز، وهو فخر للعالم".
الجدير ذكره أنه لم يتبقَّ لعباس أي خطوات أخرى يمكن أن يعاقب فيها قطاع غزة، إلا أن يعلنه وبشكل رسمي "إقليماً متمرداً"، وهو الخيار الذي ألمح عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، عزام الأحمد، إلى اتخاذه ضد القطاع خلال الفترة القليلة المقبلة.
وإضافة للعقوبات الاقتصادية الصارمة التي فرضها على قطاع غزة منذ أبريل 2017، وشملت الرواتب والكهرباء والتحويلات البنكية ووقف القروض المالية والترقية والتوظيف، أعلن عباس، في 21 ديسمبر المنصرم، حل المجلس التشريعي الفلسطيني، وقرر كذلك وبشكل مفاجئ (6 يناير) سحب موظفي السلطة من معبر رفح البري، في ضربة قوية للوسيط المصري الذي رعى الاتفاق قبل أكثر من عام.
كما أثار حالة من الاحتقان والغضب في الشارع بعد تصريحات توتيرية جديدة وصف فيها أهل غزة بـ"الجواسيس"، وتوعد "حماس" بقطع الأموال التي تصرف لغزة وتقدر بـ96 مليون دولار شهرياً.
وبالعودة لجلسة التشريعي التي خصصت، الأربعاء، لمناقشة "عزل عباس"، يقول نافذ المدهون، الأمين العام للمجلس التشريعي، في تصريحات خاصة لـ"الخليج أونلاين": إن "عباس قدم لشعبه قرار فصله، وأثبت عدم أهليته لمنصبه، بعد القرارات والعقوبات الصادمة التي اتخذها بحق كل من هو فلسطيني".
ويوضح أن جلستهم ومناقشتهم لعزل عباس ستكون وفق القانون الفلسطيني، مشيراً إلى أنه لا توجد في أيديهم أي وسائل أخرى للتصدي لما يقوم به رئيس السلطة بحق شعبه وخاصة سكان قطاع غزة المحاصرين من الاحتلال والمنهكين من العقوبات الظالمة "إلا النظر في أهليته لقيادة هذا الشعب".
ويلفت المدهون إلى أن الجلسة ستركز على "انتهاء ولاية عباس، وعدم أهليته لقيادة شعبه"، مؤكداً أن "الرئاسة لها مواصفات وشروط يجب أن يتبعها الرئيس لخدمة شعبه وليس حصارهم، وإلا فإنه لا يكون صالحاً لهذا المنصب، وعلى التشريعي في هذا الوقت التحرك لعزله من منصبه".
ويشير الأمين العام للمجلس التشريعي إلى أن عباس بات فعلياً لا يتمتع بـ"الأهلية السياسية" للاستمرار بمنصبه في قيادة المشروع السياسي، خاصة في ظل العقوبات والتصعيد اللذين ينتهجهما ضد قطاع غزة منذ سنوات، وسنرى في المجلس كيف سيتم التعامل مع هذا الملف في جلسته المقبلة، ورأي الجهات القضائية المختصة في "أهليته" كرئيس.
الجدير ذكره أن عباس فاز في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 9 يناير 2005، في منافسة يمكن عدّها "شكلية"، نظراً لعدم مشاركة حماس في السباق، ومع مساء يوم 8 يناير 2009، تنتهي ولايته كثاني رئيس للسلطة الفلسطينية، لتتجه بذلك الأزمة الداخلية الفلسطينية نحو مزيد من التعقيد؛ خاصة في ظل صعوبة إجراء انتخابات رئاسية مع استمرار الانفصال بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وتوجه السلطة في رام الله للتمديد للرئيس عباس، ورفض حماس القاطع لهذا التمديد.