حديث القدس
بعد أن تمادت حكومة الإحتلال الإسرائيلي في تصعيدها الخطير بالأراضي المحتلة، خلال الأيام القليلة الماضية، سواء عبر إقدامها على ارتكاب إعدامات ميدانية وإصابة الكثير من المواطنين في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية المحتلة أو قيامها بحملات إعتقال جماعية أو إستباحة مناطق السلطة الفلسطينية، بما في ذلك الاعتداء على مؤسسات سيادية أو دفع الالاف من قواتها العسكرية وأجهزتها الأمنية الى الأراضي الفلسطينية أو حملة التحريض السافرة ضد الرئيس محمود عباس التي يقودها رئيس هذه الحكومة المتطرفة بنيامين نتنياهو ووزراؤه والتي انضم اليها ما يسمى بالسفير الأميركي لدى اسرائيل، ديفيد فريدمان، واعلان نتنياهو عن مخططات استيطانية واسعة واجراءات قمعية .. الخ من الممارسات والمواقف الاسرائيلية، فمن الواضح ان الوضع في الأراضي المحتلة بات على حافة الانفجار، والسؤال الذي يطرح الان هو: ماذا بعد؟ وما الذي تريده حكومة الاحتلال؟
إن ما يجب أن يقال هنا أولا، أن هذه الحكومة المتطرفة التي يقودها عتاة اليمين الإسرائيلي ومستوطنيه، ربما اعتقدت واهمة انها بعد أن توصلت الى تفاهمات التهدئة مع قطاع غزة بوساطة أطراف عربية، تستطيع ان تواصل تنفيذ مخططاتها في الضفة الغربية المحتلة وبشكل متسارع من استيطان ومصادرة اراض وهدم منازل فلسطينية واستمرار تهويد القدس والمسّ بالمسجد الأقصى ومواصلة التحريض السافر ضد القيادة الفلسطينية والسلطة الوطنية، متجاهلة أن الشعب الفلسطيني شعب واحد سواء في الضفة الغربية او قطاع غزة أو الشتات أو الداخل الفلسطيني وأن القضية الفلسطينية قضية واحدة لا تتجزأ، وأن أية تهدئة او تسهيلات سواء في قطاع غزة او الضفة الغربية لا يمكن أن يشكل بديلا عن المطلب الاساسي للشعب الفلسطيني بإنهاء الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
كما أن حكومة الاحتلال تخطىء خطأ جسيما اذا ما اعتقدت أن التطورات الدولية والإقليمية والانحياز الاميركي المطلق لصالحها، يمكن أن تضعف قوة الصمود الفلسطيني والارادة الفلسطينية أو ان هذه التطورات تعني طمس القضية الفلسطينية واعطاء الضوء الاخضر للاحتلال للمضي قدما في تصعيده وقمعه في محاولة بائسة لتصفية القضية.
هذا الصمود الفلسطيني سواء في الضفة الغربية او قطاع غزة وهذا الاصرار الفلسطيني الذي يعبر عنه ابناء شعبنا في مختلف أماكن تواجدهم يوجه رسالة واضحة للاحتلال وحليفته الكبرى إدارة ترامب أن هذا الشعب لن يرفع الراية البيضاء وأنه متمسك بانتزاع كامل حقوقه المشروعة وأن مختلف أساليب القمع والبطش والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي التي يرتكبها الاحتلال لن تفتّ من عضده أو تنال من عزيمته في المضي قدما في نضاله العادل من اجل حريته واستقلاله.
كما أن ما يجب أن يقال هنا إن هذه الحكومة الاسرائيلية العمياء تتجاهل دروس وعبر عقود من الصراع أثبتت لهذا الاحتلال قبل غيره أن قوته العسكرية وجبروته وتعسفه واستخدامه لأبشع أساليب القمع لم تنجح في تصفية القضية أو إخماد روح النضال من أجل الحرية والاستقلال لأبناء الشعب الفلسطيني، وأن دوامة العنف وسفك الدماء التي تدفع نحوها هذه الحكومة الإسرائيلية المتطرفة لن تقتصر آثارها على الشعب الفلسطيني بل تطال الشعب الإسرائيلي وتهدد أمن واستقرار المنطقة بأسرها.