حمّل المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السلطات الجزائرية مسؤولية حماية طالبي لجوء فلسطينيين وصلوا إلى الجزائر قادمين من قطاع غزة مطلع أكتوبر/تشرين أول الماضي.
وقال المرصد في بيان الخميس، قامت السلطات تحتجزهم منذ ذلك الحين في أحد مراكز اللجوء في ولاية تمنراست جنوب البلاد، وتم إبلاغهم بنية السلطات ترحيلهم إلى غزة عبر مصر، وهو ما قد يعرضهم لانتهاكات خطيرة ويخالف حقوقهم كطالبي لجوء.
وبين المرصد الأورومتوسطي أن هؤلاء اللاجئين، والذين تقدر أعداهم بـ53 لاجئاً، بينهم عدة أطفال، وصلوا إلى الجزائر بطريقة غير قانونية، وذلك بعد أن خرجوا من قطاع غزة هرباً من الحصار والحروب المتكررة التي يتعرض لها القطاع المحاصر من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ومنها غادروا إلى مصر وصولاً إلى موريتانيا، وبعدها خرجوا بواسطة مهربين إلى صحراء مالي في رحلة غاية في الخطورة استمرت نحو 7 أيام حتى وصلوا إلى حدود الجزائر في الأول من أكتوبر/تشرين أول الفائت.
وفي شهادة خاصة لفريق الأورومتوسطي، قال أحمد -اسم مستعار لأحد اللاجئين المحتجزين، والذي طلب عدم الكشف عن هويته -: "عندما خرجنا من غزة إلى مصر توجهنا إلى موريتانيا التي كانت حينها لا تطلب تأشيرة لدخول الفلسطينيين، وبعدها انقلنا إلى صحراء مالي حيث بدأت رحلة العذاب استمرت لمدة أسبوع فتعرضنا للسرقة والنهب من قبل قطاع الطرق الذين سطوا على أموالنا وكل ما نملك، حتى أُجبرنا على أكل لحوم الحيوانات الميتة للحفاظ على حياتنا".
ولفت المرصد الحقوقي الدولي إلى أن السلطات الجزائرية قامت بأخذ بصمات طالبي اللجوء المذكورين وعرضتهم للمحاكمة بسبب دخولهم البلاد بطريقة غير قانونية، وحُكم عليهم بالسجن مدة 3 أشهر مع وقف التنفيذ، مع إعطائهم مهلة لتسوية أوضاعهم. غير أن السلطات تقوم باحتجازهم منذ ذلك الحين في مخيم للاجئين وتمنعهم من التحرك بحرية، فيما تم إبلاغهم مؤخراً بوجود نية لترحيلهم إلى قطاع غزة عبر مصر.
وقال أحمد عن أوضاع الاحتجاز: "نحن الآن مسجونون في كرفانات في مركز إيواء تحيطه الأسلاك الشائكة والجدران. في الصباح يقدمون لنا الحليب، ويحضرون الغذاء والعشاء معاً حيث يقدمون لنا "المعكرونة". وأضاف: "الحراس لا يسمحون لنا بالخروج لشراء أي شيء، وإذا أردنا أن نشتري شيئاً من الخارج فإن الحراس هم الذي يشترونه لنا ولكن بأسعار مضاعفة".
ويؤكد أحمد خوضه مع طالبي اللجوء الآخرين إضراباً مفتوحاً عن الطعام احتجاجاً على استمرار احتجازهم من قبل السلطات الجزائرية وتوجهها لترحيلهم، حيث تدهورت صحة عدد من المحتجزين، مشيراً إلى حضور مسؤولين رسميين من أمن الولاية أخبروهم أنهم سيخرجون خلال "عشرة أيام"، لكن تلك الوعود لم تتحقق.
ويخشى "أحمد" وطالبو اللجوء الآخرون من أن ترحيلهم إلى مصر قد يعرضهم للتعذيب والإهانات النفسية والجسدية، بالإضافة إلى حرمانهم لاحقاً من أي أمل بمغادرة قطاع غزة عبر معبر رفح الفلسطيني – المصري، والذي تسيطر عليه السلطات المصرية.
بدورها، شددت "سارة بريتشيت"، المتحدثة باسم المرصد الأورومتوسطي، على ضرورة التزام الجزائر بمبدأ عدم الإعادة القسرية للاجئين باعتباره مبدأً عرفياً في القانون الدولي، والذي يقضي بعدم جواز طرد اللاجئين بأي صورة إلى حدود البلدان التي تكون حياتهم فيها وحريتهم مهددتين بالخطر.
ونوهت بريتشيت إلى أن تعامل السلطات الجزائرية مع هؤلاء الفلسطينيين من طالبي اللجوء بصورة جماعية، وعدم النظر في ملفاتهم بشكل فردي لفحص مدى استحقاق أي منهم للجوء، يخالف المعايير المنصوص عليها في القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وقالت بريتشيت: "صحيح أن هؤلاء اللاجئين دخلوا الجزائر بطريقة غير قانونية، لكن المحكمة قررت الإفراج عنهم، وعلى السلطات الجزائرية الالتزام بأمر المحكمة وعدم إساءة معاملة هؤلاء أو الاستمرار في احتجازهم دون داعٍ".
ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات الجزائرية إلى ضمان عدم إعادة اللاجئين الفلسطينيين قسرياً إلى قطاع غزة، ودراسة طلباتهم بصورة منفردة، مشدداً على أنه وبالرغم من توقف الحرب في غزة، إلا أن المخاطر لا تزال قائمة. وطالب المرصد بوقف احتجاز طالبي اللجوء وتأمين أوضاع إنسانية لهم إلى حين البت في طلباتهم كطالبي لجوء أو إعطائهم الفرصة لتسوية أوضاعهم وفق ما قررته المحكمة الجزائرية.