أجمعَ كتاب ومحللون سياسيون، أنً فشل جولات المصالحة الأخيرة مرتبطة بمتغيرات عدة منها: البيئة الفلسطينية المتمثلة بين فتح وحماس، والتحركات "الإسرائيلية" الرافضة للمصالحة والتي تعمل بكل ما أوتيت بقوة من اجل تعزيز الانقسام بالإضافة للبيئة الإقليمية الغير قادرة على الضغط على طرفي الانقسام، كما أن البيئة الدولية لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية التي تحاول أن تستغل كل طرف على حدى من اجل ابتزاز كلاً من حماس و فتح للوصول لتطبيق ما يسمى صفقة القرن.
وقال الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني، إن "الجانب المصري يمتلك أدوات كبيرة للضغط على كلا الطرفين بقبول المصالحة، إلا أنها لم تلعب دوراً بارزاً في الضغط على حركة فتح من أجل رفع العقوبات عن غزة وإدخال البضائع والمقاصة.
وأشار الدجني خلال حديثهِ لـ "فضائية فلسطين اليوم"، ضمن برنامج قلب الحدث الذي بُثَ مساء الاثنين، الجانب المصري يريد علاقات قوية مع كل الأطراف فهو لا يريد أن يغضب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لأنه يريد علاقات متوازنة مع منظمة التحرير والعملية السياسية، كما انه لا يريد أن يغضب حركة حماس لان ملف التهدئة والأمن القومي في قطاع غزة مسالة بالغة الأهمية والحساسية لديه، لذلك فهو يعتمد سياسة النفس الطويل.
وتساءل الدجني قائلاً: هل اتفاق أكتوبر 17 / 12 / 2017 نص فقط على التمكين؟ وأين توقفت المصالحة الفلسطينية؟، إن الاتفاق واضح ومتزامن ومتلازم ومتكامل فلا يوجد شيء اسمه تمكين فالمصالحة توقفت عند البند الذي يقول "على حكومة التوافق الوطني أن تصرف دفعة مالية لموظفي حماس حتى تاريخ 5 نوفمبر 2017"، معتبراً أن مسألة التمكين هي شماعة وليست المعضلة والتي تعبر عن أزمة الثقة لدى السلطة الوطنية الفلسطينية.
وحول نجاح أو فشل قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بإدانة حركة حماس قال الدجني، إنه لا يوجد مؤشرات ودلالات لفشلها أو نجاحها فالمسألة غامضة إلا أن الدبلوماسية الفلسطينية تعمل بكل ما أوتيت بقوة من أجل إفشالها.
اعتبر الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني، أن شرعنة المقاومة المسلحة للشعوب المحتلة لدى جمعية الامم المتحدة يتناقض مع قيم الاتحاد الأوروبي، فعندما تدين استهداف المدنيين الفلسطينيين لا تدين انقلاب "إسرائيل" الواضح على تفاهمات الأمم المتحدة للسيد نيكولاي ميلادي نوف، يأتي لعدة أسباب منها: هو أنه عندما يرى الاتحاد أن الاقليم العربي بات سريعاً في التطبيع مع الاحتلال فإنه سيتغير موقف الاتحاد للشعب الفلسطيني.
بدورة قال الكاتب والمحل السياسي مصطفي ابراهيم، إن الانقسام الفلسطيني لم يعد بين فصيلين وإنما بين سلطتين وتوجهين وهذا ما يعزز لدى كل طرف ثقته بنفسه بالرغم من هذا الانهيار في الحالة الفلسطينية، كما أنه لم يكن هناك موافقة حقيقية لدى كلا الطرفين فتح وحماس للخضوع للمصالحة والوحدة الحقيقية.
وتابع إبراهيم خلال حديثه لـ "فضائية فلسطين اليوم"، إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بيده أن يوافق ويجمع الكل الفلسطيني بحوار وطني كما بإمكانه جعل كافة الفصائل المشاركة من أجل إعادة النظام السياسي من جديد، كما أن حماس تملك المفاتيح التي بيد الرئيس تجعلها تتمسك بالحكم لأن لديها نظام كامل وشامل متكامل بالرغم من قلة الموارد المالية حيث أنها تعتمد على الجباية لذلك ليس من السهل لحماس أن تسلم القطاع للسلطة.
وأضاف مصطفى إلى أن كل جهود المصالحة بين الطرفين تبقى فقط محاولات ولا يوجد تحولات جوهرية تدفع لأي طرف الذهاب نحو إنجازها فإذا شعر أحد كلا الطرفين بنشوة النصر فإنه يبقى متمسكاً بمواقفه وشروطه نحو إتمام المصالحة، معتبراً أن إنجاز المصالحة بالغة التعقيد لأنها أصبحت متجذرة ذات بعد إقليمي ودولي .
من جانبه قال استاذ الاعلام في جامعة القدس أحمد عوض، إن فشل المصالحة الفلسطينية في جولتها الأخيرة يأتي لعدة ظروف وأسباب منها: الظروف الجغرافية التي لعبت دوراً كبيراً في تعميق الانقسام باعتبارها أنها أصبحت دولية كما أن التكاليف المالية للمصالحة لا يمكن لأحد أن بتكفلها ويغطيها وبالتالي نحن أمام حالة صعبة جداً في تثبيت المصالحة،
وتابع عوض خلال حديثه لـ "فضائية فلسطين اليوم"، قائلاً: "لو توافق الفلسطينيين في كسر الانقسام والذهاب للمصالحة بشكل جدي سيكون هناك انصياع إقليمي ودولي للإرادة الفلسطينية لأنه لهم النصيب الأكبر في تحديد مصيرهم".