يُشكل إعلان وزير حرب الاحتلال، أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” الانسحاب من الائتلاف الحكومي، عملياً الطلقة الأولى، لبدء المعركة الانتخابية في الكيان "الإسرائيلي"، فقرار ليبرمان جاء على خلفية زعمه أنه رفض اتفاقا مع المقاومة الفلسطينية لإنهاء التصعيد في غزة.
وعلى الرغم من استقالة ليبرمان والذي شكل انتصارا سياسيا لغزة وللفصائل الفلسطينية، فإن العديد من المؤشرات والقراءات تُظهر أنه جاء أيضاً لحسابات سياسية حزبية داخلية، إذ يخشى ليبرمان من تواصل تآكل قوته الانتخابية، بعد تصويره بأنه شخصية ضعيفة لا تقوى على فرض القوة في غزة وغير قادرة على توفير الأمن للإسرائيليين.
وأمام هذا الفشل "الإسرائيلي" الذريع في تحقيق أي انجاز على الأرض خرجت أصوات المعارضة في كيان الاحتلال لتلك السياسية التي تتبعها حكومة نتنياهو حيال الأوضاع في غزة، برزت المُطاحنات والمزايدات بين الأحزاب في الكيان حين شن عضو الكنيست عن حزب "البيت اليهودي"، موطي يوجيف، هجوماً واتهم ليبرمان بأن استقالته من وزارة الحرب تهرب من المسؤولية.
استقالة ليبرمان في هذا الوقت تحديداً لم تكن مفاجئةً لمن تابع تراجع مكانة ليبرمان في الكيان في ظل حكومة حكومة نتنياهو، في الأشهر الأخيرة، لذلك جاء القرار السريع منه،سعياً لتكرس في أذهان "الإسرائيليين" عجز حكومة اليمين الأكثر تطرفاً وافتقارها للإرادة والقوة التي تدفعها لشن حرب شاملة ضد قطاع غزة، خصوصاً في ظل الاحتجاجات التي قادها المستوطنون في "سديروت"و"نتيفوت"، أمس، والتي جاءت على إثر فشل حكومة الاحتلال من حفظ أمن المستوطنين.
في المقابل دافع نتنياهو عن قراره بوقف إطلاق النار مع غزة، بعد أخطر تصعيد بين "إسرائيل" والفصائل الفلسطينية المسلحة منذ عدوان 2014، وقال "في أوقات الطوارئ عند اتخاذ القرارات الحاسمة للأمن، لا يمكن للجمهور أن يكون دائما مطلعا على الاعتبارات التي يجب إخفاؤها عن العدو".
تآكل قوة الردع لدى الكيان "الإسرائيلي" أمام صمود المقاومة الفلسطينية وإحداثها للمفاجآت بدءً من تفجير الباص وعملية العلم وصولاً لصاروخ سرايا القدس الجديد الذي ضرب منزلاً في عسقلان وقتل واصاب العشرات كل هذه التطورات أربكت حسابات الاحتلال ودفعته إلى الاتجاه نحو قبول مقترحات وقف إطلاق النار، لذلك لا يمكن عزل أثر أداء المقاومة على ما يجرى داخل الحكومة وحتى الحلبة السياسية للأحزاب "الإسرائيلية"والدعوة لانتخابات جديدة عقب استقالة ليبرمان.
في السياق نجد أن نتنياهو لا يرغب في الخروج إلى الانتخابات في هذه الأثناء حيث يرى أنه “لا يوجد التزام بالانتخابات في هذا الوقت لما ينطوي عليه الوضع من حساسية أمنية” كما قال. ووفقاً لمسؤول إسرائيلي أيضاً كشف أنه وعلى المدى القصير سيتولى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو حقيبة الحرب بدلاً من ليبرمان على الأقل مؤقتا، وهي خطوة قد تسرع تبكير موعد الانتخابات، لكن ديوان نتنياهو أعلن أنه لم يتخذ قراره النهائي بعد".
ومع وتيرة الأحداث على الساحة السياسية "الإسرائيلية" وحالة الارتباك والبلبلة، استغل حزب "البيت اليهودي" برئاسة نفتالي بينيت ذلك وسارع إلى المطالبة بحقيبة وزارة "الدفاع" بعد استقالة ليبرمان. وهدد بنيت بانسحاب حزبه من الائتلاف الحكومي، وهو من شانه أن يطيح بالحكومة إذا لم يتم منحه حقيبة الحرب.
وأكدت شولي معلم، رئيسة كتلة "البيت اليهودي"، "حان الوقت لتسليم حقيبة الدفاع لنفتالي بينيت، ودون هذه الحقيبة فإن الكتلة لن تبقى شريكا في الائتلاف الحكومي". وسائل إعلام إسرائيلية تقول إن نتنياهو يميل إلى رفض طلب رئيس حزب البيت اليهودي الحصول على حقيبة الأمن وهنا نجد أنه وفي حال انسحاب حزب "البيت اليهودي"، فستفقد حكومة نتنياهو أغلبيتها البرلمانية، وقد يؤدي ذلك إلى سقوطها في حال أجري تصويت على سحب الثقة منها.
بدوره، قال رئيس "المعسكر الإسرائيلي" آبي غباي ان ليبرمان كان شخصا غير ملائم لإدارة ما أسماه "أمن المواطنين الإسرائيليين"، مؤكدا ان على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ان يستقيل بعد ان اصبح بمثابة شهادة تأمين لهنية وسنوار".
زعيمة المعارضة تسيبي ليفني، قالت ان على الحكومة ان تقج استقالتها بعد فشلها في "إدارة الأمن"، مضيفا ان "الفشل الأمني المدوي في الجنوب هو وصمة في وجه الجمهور في غلاف غزة وضربة قاضية للردع في الكسان الصهيوني"، مشيرة إلى ن الإعلان عن استقالة لبيرمان والصراعات في مجلس الوزراء تثبت ما كنا نقوله منذ سنوات عديدة، بانه لا يوجد لدى أحد من عناصر الائتلاف، اي حل لمشكلة الأمن."