تنطلق أعمال المجلس المركزي الانفصالي، اليوم الأحد، بمدينة رام الله، وسط تنديد شعبي ورفض فصائلي المشاركة فيها، وفي ظل الاتهام لفريق محمود عباس بالاستئثار بعضوية المجلس وقراراته، والتحذير من خطورة اقدامه على اتخاذ انفصالية بين الضفة والقطاع.
وفي المقابل، ستنطلق أعمال المؤتمر الشعبي في قطاع غزة، بمشاركة فصائلية واسعة تزامنا مع انطلاق اعمال المركزي؛ للتأكيد على عدم مشروعية وقانونية انعقاده.
وأجمعت الفصائل والقوى السياسية عدم مشروعية وقانونية انعقاد المركزي في رام الله، واعتبروه خطوة لتمرير صفقة القرن، من خلال التهديدات التي صدرت عن أعضاء بالمركزي باتخاذ خطوات تصعيدية ضد القطاع.
وأعلنت الفصائل الفلسطينية الرئيسية رفضها إصرار حركة فتح على التفرد بعقد المجلس المركزي نهاية الشهر الجاري، بدون توافق وطني وفصائلي، معتبرة هذه الخطوة بمنزلة "كارثة" وترسيخ لسياسة الهيمنة والتفرد التي تنتهجها الحركة إزاء توغلها في السيطرة على المؤسسات والمرجعيات الوطنية الكبرى.
وعدّت الفصائل خطوة انعقاد المركزي بمنزلة نسف لجهود المصالحة التي تسعى اليها القوى عبر النداء الذي اطلقته قبل ايام واستجابت له حماس، كما حذرت الفصائل من المساس بالمجلس التشريعي الذي تهدد فتح بإلغائه عبر المركزي واصفة هذه الخطوة بـ"التغول" على القانون الفلسطيني.
بدورها أكدّت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، أن خطوة انعقاد المجلس المركزي قبل انهاء الانقسام هي بمنزلة تعزيز للانفصال والانقسام، مشيرة الى أن التهديد بفرض المزيد من العقوبات على غزة، هي محاولة لترسيخ هذا النهج الانفصالي بين الضفة والقطاع.
وقال عضو المكتب السياسي للحركة د. وليد القططي، إنّه ليس من المناسب انعقاد المركزي بهذه الطريقة في ضوء الصراع المرير الذي يخوضه شعبنا عبر مسيرات العودة؛ "وهذا يتطلب اولوية تعزيز الوحدة الوطنية بدلا من تعقيد الاجواء".
وفيما يتعلق بتهديد السلطة بفرض المزيد من العقوبات ضد غزة في المجلس المركزي، قال إن هذه العقوبات ستؤجج نيران الانقسام وستذهب باتجاه الانفصال، خلافا لكل معاني المصلحة الوطنية.
ورأى أن تذرع بعض القيادات الفلسطينية بأن انعقاد الوطني يسعى لترتيب الانتقال الى بناء الدولة، "بمنزلة وهم جديد من اوهام الفكر السياسي العقيم الذي افرزه اتفاق اوسلو".
وتساءل القططي، "أين ستقام هذه الدولة في ضوء اعتراف رئيس السلطة بأن سلطته تحت بساطير الاحتلال، فهل ستكون دولتنا ايضا تحت بساطيره؟"
من جانبها أكدّت ليلى خالد عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، أن انعقاد المركزي بهذه الطريقة، دليل على سياسة التفرد، مطالبة الفصائل بمضاعفة الضغط كي لا تكون منظمة التحرير بيد فرد "فحن ضد التفرد والهيمنة ومع الشراكة الوطنية مع الفصائل مجتمعة".
وذكرت خالد في تصريحات أنه لا يمكن اعتبار انعقاد المجلس المركزي نهاية الشهر الجاري بديلا عن الوطني، قائلة: "ما يجري لا يعطي مساحة من أجل اعادة بناء منظمة التحرير".
كما عدّت دعوة فتح بحل المجلس التشريعي، دليلا على ارتباك قيادة السلطة، "الى الحد الذي لا تريد فيه التفكير بعواقب سياساتها التي ستدفع الشعب للانتفاض على محاولات تقسيمه".
وأشارت إلى أن السلطة لا تزال ترفض تطبيق قرارات "المجلس الوطني غير التوحيدي" الذي عقد في رام الله، الذي طالبها برفع العقوبات عن القطاع.
وأضافت خالد " السلطة لا تزال تمعن في التخلي عن شعبها، في وقت ترفض فيه اعلان الغاء اتفاق اوسلو".
وتابعت: "السلطة بدلاً من فك الارتباط مع العدو سياسياً وأمنياً واقتصادياً وتنفيذ مقررات المجالس المركزية بإعلان إلغاء اتفاقات أوسلو، نجدها تعاقب الشعب الفلسطيني في غزة بإيقاع عقوبات إضافية تزيد من معاناة شعبنا وهو رهن الحصار منذ 11 عاماً".
وأشارت إلى أنّ: " الأخطر أن السلطة تنسق أمنياً مع الكيان، وهذا ما أرادته (إسرائيل) من اتفاقات أوسلو، وتستمر بالالتزام بوظيفتها الأمنية، فهي تعتقل في سجونها حتى اللحظة المعارضين لسياساتها"، مستطردة: "الشعب الفلسطيني يستحق قيادة تكون بمستوى تضحياته ومستوى آماله وطموحاته في التحرر من نير الاحتلال".
من جهته، أكدّ عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية اركان بدر، أنّ شيئا من اداء ما اسماه بـ "المطبخ السياسي" للسلطة الفلسطينية لم يتغير حتى الآن، "فقد رفض كل نداءات العقل بالحوار وانهاء الاستئثار بالقرار الوطني الفلسطيني".
وقال بدر، "لا شيء تغير، فقد دعونا لحوار وطني شامل يسبق انعقاد المجلس المركزي الذي يجرى التحضير له، كما دعونا لعقد اجتماع لفصائل المنظمة ولم يستجب لنا".
وأضاف: "حالة الاستئثار وفرض القرارات وتهميش الاجماع الوطني لا تزال قائمة وهي سيدة الموقف"، لافتًا إلى أن القرارات التي اتخذها المركزي سابقا بشأن تعليق الاعتراف بـ(إسرائيل) وتحديد العلاقة معها، قد جرى تجاوزها لمصلحة ما سمّي برؤية الرئيس في الامم المتحدة، وهي نقيض لما يجب ان يركز عليه في قرارات الاجماع الوطني.
واعتبر التمسك بهذه الرؤية لمصلحة تجاوز الاجماع الوطني، قائلا: "يشكل ما يجري انحدارا لهذا الاجماع ولا يخدم الحالة الوطنية، ويعبر عن تمسك هذا المطبخ بذات السياسة"..
وردا على دعوة "ثوري فتح" المجلس المركزي المزمع انعقاده نهاية الشهر الجاري بحل المجلس التشريعي، أجاب: "هذا موضوع يحتاج لنقاش وطني جامع، ولا يجوز لتنظيم أن يقرر بناء على رغبته، وبناء على قرار اتخذه فصيل ما بمعزل عن القوى الاخرى المكونة".
وذكر بدر أن هذه القرارات لا تتخذ بناء على املاءات وقرارات، "فهي يفترض أن تخضع لحوار وطني شامل جامع، كما أن انعقاد المركزي اساسا يجب ان يخضع لتشاور وطني".
وقال إن "قيادة السلطة منوط بها أن تتخذ الخطوات التي تعزز الوحدة وتزيل العقبات التي تعترضها، وتجعلها أكثر نضوجا وبما ينسجم مع القرارات الوطنية".
وأشار بدر إلى أن الاولوية الوطنية هي مواجهة صفقة القرن ورفع الاجراءات الانتقامية عن غزة واسدال الستار على اتفاق اوسلو وملحقاته الامنية والسياسية، مضيفا: "وظيفة القيادة الفلسطينية هي رفع كلفة الاحتلال، وتوحيد الطاقات، وليس العمل على تشتيتها واضعافها".
وأشار بدر إلى أن تذرع فتح بحل التشريعي للانتقال الى بناء الدولة، "هو حديث اثبت بطلانه وعجزه، فبناء مؤسسات الدولة تحت الاحتلال خيار لم يثبت واقعيته، وهذا الشعار تبنته شخصيات في السلطة سابقا واثبتت عجزها عن تحقيقه".
وقال بدر إن هذا النوع من القرارات التي تصر عليها فتح، تشكل خروجًا عن التوافقات الوطنية؛ "لذا نجدد دعوتنا لها بوقف حالة التفرد والهيمنة في اتخاذ القرارات؛ لان الوطن ليس ملكًا لفتح ولا يمكن لأي تنظيم مهما علا شأنه تحقيق القضايا المصيرية بمفرده".
(الرسالة)