من المرتقب أن تحفل الأيام المقبلة بأحداث كثيرة على الساحة الفلسطينية، بعد وصول مفاوضات المصالحة الداخلية إلى طريق مسدود، وسعي الأطراف كافة لاستخدام أكبر قدر ممكن من أوراق الضغط، التي تمتلكها لتسريع وتيرة الأحداث نحو الهدف الذي تريده.
فبحسب مصادر فصائلية في قطاع غزة، فإنّ المسؤولين المصريين فشلوا في إقناع إسرائيل بالتراجع عن مجموعة من القرارات العقابية ضد قطاع غزة، بعد توقّف مفاوضات التهدئة التي كانت ترعاها القاهرة.
وأوضحت المصادر، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أنّ وفد القاهرة الأمني الذي زار قطاع غزة أخيراً والتقى قيادة حركة "حماس" في القطاع، أشار إلى أنّ "إسرائيل بصدد التصعيد مقابل التصعيد الذي حدث بشأن مسيرات العودة أخيراً، إذ تتّجه نحو إغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري"، الذي يمدّ القطاع بالكمّ الأكبر من الاحتياجات اليومية.
وكان وفد أمني مصري، بقيادة اللواء أحمد عبد الخالق، مسؤول ملف فلسطين في جهاز الاستخبارات العامة، وعضوية مصطفى شحاتة قنصل مصر في فلسطين، قد زار قطاع غزة يوم السبت الماضي.
وأشارت المصادر إلى أنّ الوفد الأمني أبلغ قيادة "حماس" في غزة بأنّ "القاهرة لن يكون بوسعها إيقاف أي تصعيد إسرائيلي محتمل"، لافتةً إلى أنّ جيش الاحتلال أبلغ مصر "عن عزمه الرد بأقصى درجات العنف على أي خرق أو تهديد للحدود مع قطاع غزة، كما أكّد أنه بصدد توجيه ضربات جوية عنيفة ضدّ أهداف في القطاع".
في مقابل ذلك، قال قيادي بارز في "حماس" إنّ "الحركة متمسكة بالمسارات كافة وبإتمامها، ولكن على أسس صحيحة"، في إشارة إلى مفاوضات المصالحة الوطنية، والتهدئة مع الاحتلال، ومسار كسر الحصار المفروض على القطاع منذ عام 2007. وأكّد القيادي أنّ "هناك توافقاً عاماً بين الفصائل على ضرورة كسر الحصار، في ظلّ مضاعفة إجراءات هذا الحصار من جانب السلطة في رام الله أيضاً". وشدّد على أنّ "تهديدات الاحتلال لن تثنينا عن محاولات كسر الحصار، كما أنّها لن تدفعنا للرضوخ إلى الشروط التعسفية من قبل السلطة وحركة فتح لإتمام المصالحة".
وتابع "فعاليات الغضب والرفض للحصار ستتواصل، ومسيرات العودة ستتضاعف وتتوسّع أكثر، والبالونات الحارقة ستضيء سماء الأراضي المحتلة، ومع ذلك سنكون قادرين على الردّ على أيّ تصعيد متهوّر من قبل الاحتلال".
إلى ذلك، أوضحت المصادر أنّ قيادة حركة "حماس"، خلال اللقاء الذي جمعها بالوفد الأمني المصري الذي زار قطاع غزة، أكّدت أنّها "لا تمانع في تمكين الحكومة، ولا تتمسك بالجباية"، قائلةً "عرضنا أن نقوم بنقل الجباية لمصر أو أي دولة أخرى تكون ضامنة لأي اتفاق مع السلطة، كبادرة حسن نية من جانبنا، وتتولى تلك الجهة الإشراف على توزيع الجباية ضمن المصروفات اللازمة للشعب الفلسطيني، وأهل غزة كجزء لا ينفصل عن فلسطين".
وأشارت قيادة "حماس"، بحسب المصادر، إلى أنّ "أيّ شروط من جانب السلطة متعلّقة بسلاح المقاومة مرفوضة تماماً، ولن يتم التطرّق إليها"، مضيفةً "هذا ليس موقف حماس وحدها، بل موقف باقي الفصائل في القطاع؛ لإدراك الجميع أنّ العالم لا يستمع إلا للصوت الذي يمتلك قوة في يده".
من جهته، قال مصدر مصري مقرّب من دوائر الحكم، إنّ "حماس وفصائل غزة من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، ترغب بشكل مُلحّ في إتمام اتفاق التهدئة، ولكل منها أسبابه"، مضيفاً "في المقابل،ترى السلطة وحركة فتح أنّ الفرصة سانحة لهما للحصول على أعلى قدر من التنازلات من حركة حماس". وأكّد المصدر أنّ "القاهرة لديها قناعة بأنّ حماس قدّمت الكثير من التنازلات، وعلى فتح أن تتمتع بمرونة أكثر".