قالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ"صحيفة الحياة الدولية"، إن "العلاقات بين السلطة الفلسطينية ومصر تشهد «توتراً شديداً» في ضوء رفض الرئيس محمود عباس تفاهمات التهدئة المحتملة بين حركة حماس وإسرائيل، والتي توقع مصدر أمني مصري إعلانها بعد عيد الأضحى المبارك".
ووافقت غالبية الفصائل الفلسطينية الموجودة في القاهرة على التهدئة باستثناء «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، التي تمسكت بـ «أولوية المصالحة الوطنية»، في وقت شدد المجلس المركزي الفلسطيني في ختام اجتماعاته في رام الله ليل الجمعة- السبت على القطيعة مع واشنطن، وعلى أن التهدئة مسؤولية منظمة التحرير. بموازاة ذلك، عرض الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة اقتراحات لتعزيز حماية الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، رفضتها إسرائيل.
وأشارت المصادر لـ "الحياة" إلى أن التوتر بين السلطة ومصر جاء بسبب رفض عباس اتفاق التهدئة الذي تعمل القاهرة ومعها منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، على إنجازه جنباً إلى جنب مع المصالحة الفلسطينية.
وقالت لـ «الحياة» إن "عباس يتشدد فيما يتعلق بالمصالحة وبشروطه المتمثلة في تسليم «حماس» قطاع غزة كاملاً ودفعة واحدة للسلطة «من الباب إلى المحراب وفوق الأرض وتحتها»، كما يشترط أن يوقع على اتفاق التهدئة وفد يمثل منظمة التحرير برئاسة عضو لجنتها التنفيذية، عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» عزام الأحمد، على غرار توقيع اتفاق التهدئة عام 2014.
وترفض «حماس» رئاسة الأحمد للوفد، كما ترفض تسليم القطاع تحت الأرض، وتُبدي مرونة كبيرة في التسليم فوق الأرض فقط.
ولم تنضم «فتح» بعد إلى وفود الفصائل في القاهرة، في وقت قال مصدر قيادي في الحركة إن وفداً منها سيتوجه إلى القاهرة للالتحاق بالفصائل الموجودة هناك، والتي أنهت اجتماعاً مطولاً مع مسؤولي الاستخبارات المصرية. وقال الناطق الإعلامي للجان المقاومة في فلسطين أبو مجاهد، إن المشاورات بين القاهرة والفصائل تتواصل اليوم، على أن تستكمل بعد العيد.
وقالت مصادر «حماس» إن المحادثات ستستكمل عقب العيد لإنجاز المصالحة وسبل إنهاء حصار قطاع غزة وإعادة إعماره.
في سياق متصل، قالت المصادر الفلسطينية لـ «الحياة»، إن معظم الفصائل الموجودة في القاهرة حالياً وافق على التهدئة المحتملة، باستثناء «الجبهة الشعبية». وكشفت أن وفد «الشعبية» إلى القاهرة أبلغ مسؤولي الاستخبارات المصرية، خلال لقاء ثنائي مساء أمس، رفضها التهدئة، وأكد أن «الأولوية يجب أن تكون للمصالحة قبل التهدئة».
ووافقت «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» على «تهدئة ملزمة للاحتلال الإسرائيلي بكسر حصار قطاع غزة، بالتزامن مع استئناف حوارات المصالحة». واعتبرت في بيان أمس أن «التهدئة ضرورة ملحة لتعزيز الموقف الفلسطيني وتوفير الشروط الضرورية لكسر الحصار عن القطاع، وتوفير المستلزمات الضرورية لإنهاء مأساته الإنسانية».
وتوقع مصدر أمني مصري إعلان التهدئة بعد عيد الأضحى، موضحاً: «نضع اللمسات الأخيرة للتوقيع على بنود التهدئة من الأطراف كافة، ونتوقع أن نعلنها الأسبوع المقبل إذا ساعدتنا حركة فتح على ذلك».
ونسبت الإذاعة "الإسرائيلية" إلى «مصدر فلسطيني بارز» في رام الله ليل السبت- الأحد تأكيده أن عباس سيوقف تحويل أي أموال إلى القطاع في حال وقعت «حماس» على اتفاق التهدئة.
وكان المجلس المركزي أكد في ختام اجتماعاته بحضور عباس في رام الله ليل الجمعة- السبت، استمرار القطيعة مع واشنطن لحين تراجعها عن اعترافها بالقدس عاصمة "لإسرائيل"، وجدد رفضه «صفقة القرن»، و «مواجهتها بكل السبل الممكنة وإحباطها، واعتبار الإدارة الأميركية شريكاً لحكومة الاحتلال الإسرائيلي، وجزءً من المشكلة وليست جزءاً من الحل».
كما أكد أن منظمة التحرير هي الوحيدة المخوّلة التفاوض مع "إسرائيل" على تهدئة في قطاع غزة. وجدد «رفضه الكامل المشاريع المشبوهة الهادفة إلى فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية»، محذراً من أن «اقتراح مشاريع إنسانية وموانئ ومطارات خارج حدود دولة فلسطين» يرمي إلى «تكريس تدمير المشروع الوطني وتصفية القضية الفلسطينية».
على صلة، عرض تقرير اقترحه غوتيريش على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، أربعة خيارات لتوفير الحماية للفلسطينيين، وردت في تقرير من 14 صفحة، وهي: زيادة المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، وإرسال مراقبين أمميين لحقوق الإنسان، ومراقبين غير مسلحين، ونشر قوة شرطة أو قوة عسكرية بتفويض من الأمم المتحدة.
غير أن مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون أفاد في بيان مساء الجمعة، بأن «الحماية الوحيدة التي يحتاج إليها الفلسطينيون هي من قيادتهم». وقال: «بدلاً من اقتراح وسائل لحماية الشعب الفلسطيني من "إسرائيل"، على الأمم المتحدة تحميل القيادة الفلسطينية مسؤولية الاستمرار في تعريض حياة شعبها للخطر».
وتم إعداد التقرير بناء على طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة رداً على تصاعد العنف في غزة حيث قُتل 171 فلسطينياً بنيران الجيش الإسرائيلي منذ نهاية آذار (مارس) الماضي. ويتطلب تشكيل قوة حماية أممية، وهو أمر مستبعد الحدوث في ظل استعداد الولايات المتحدة لاستخدام حق النقض (فيتو) لعرقلة أي مشروع تعارضه "إسرائيل".