Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

الحروب تدمر المستقبل العربي وإسرائيل الدولة القومية ليهود العالم!!

بقلم: طلال سلمان*

ليس من دولة عربية اليوم تستطيع الادعاء انها "مستقلة". لان معظمها مرتهن قرارها، بالاحتلال المباشر وغير المباشر .

قد تختلف اشكال "الاحتلال" او "الهيمنة" او "السيطرة على القرار الوطني المستقل"، لكن المؤكد أن هذه الدول العربية لا تستطيع أن تتقارب في ما بينها، بعيداً عن احلام الوحدة او الاتحاد، الا بموافقة دولة او دول اجنبية ولمصلحتها بالدرجة الأولى، كما انها لا تستطيع أن تذهب بالخصومة مع "اهلها" و"جيرانها الاقربين" الا بتحريض اجنبي مكشوف او مستتر وحماية معلنة.

لا جدال هنا في أن الهيمنة الجدية، اقتصاديا بالأساس، ومن ثم عسكرياً وبالتالي سياسيا، هي للغرب بقيادة الولايات المتحدة الاميركية، بعسكرها وقواعدها ومخابراتها بأجهزتها المتعددة، قبل الحديث عن الاقتصاد، والنفط والغاز خاصة.. ثم عن التبادل التجاري وهي معادلة تشبه معادلة الاسد والفأر.

أن ثمة قواعد عسكرية اميركية في معظم الاقطار العربية، ومعها ايضا قواعد فرنسية وبريطانية..

وهناك قواعد عسكرية روسية في سوريا، اضافة إلى وجود عسكري فرنسي طارئ فضلاً عن الوجود الايراني، بمعزل عن المساعدات والقروض والهبات والمعونات الاقتصادية التي قدمت وما تزال تقدم اليها وهي تحاول اجتياز محنتها في الحرب فيها وعليها..

وفي العراق ايضاً "بقايا" وجود عسكري اميركي مؤثر، ووجود بريطاني ملحق ومعه ما تبقى من قوات حليفة لواشنطن شاركت في غزو العراق واطاحة صدام حسين، وتوغلت في اللعبة السياسة الداخلية حتى صارت جزءاً منها.

***

أما في لبنان فكل الغرب موجود، وان كانت الارجحية المطلقة عسكريا واقتصادياً للولايات المتحدة الاميركية التي لها ما يشبه "القواعد الجوية" في بعض مناطق الساحل اللبناني على شكل مراكز تدريب..

 

واذا ما تجاوزنا القاعدة الاميركية العظمى في فلسطين المحتلة (اسرائيل) فان الوجود العسكري مؤكد وحاضر في بعض دول شمالي افريقيا، ربما مع استثناء الجزائر.. وان كان النفط يظل موضع تأثير اقتصادي، ولو محدود.

واضح أن تأثير "الغياب المصري" على السياسات العربية مفجع..

فمصر وحدها هي التي تستطيع أن تعيد التوازن إلى العلاقات العربية – العربية. ومع أن القاهرة قد حافظت على "علاقة ناعمة" مع سوريا عبر ابقاء سفارتها مفتوحة، ولو على مستوى قنصلي، وتبادل المعلومات عبر أجهزة المخابرات.. الا أن مصر تستطيع، لو ارادت، أن تلعب دور "الجامع" و "المقرب" بحكم ثقلها، والمصالح المشتركة، ونفوذها- بحكم التاريخ – على المستوى العربي..

كذلك، كان يمكن للجزائر أن تلعب دوراً مؤثراً في إعادة العلاقات العربية – العربية إلى سويتها، نتيجة لنفوذها المعنوي، الا أن حكومتها تبدو عاجزة مثل رئيسها الذي يستمر رئيساً على كرسيه المتحرك.. وكلما انتهت ولايته جدد لولاية أخرى بسبب من تورع الآخرين عن منافسته، نتيجة سيطرته عن طريق اقاربه ورفاقه من جماعة بومدين على موقع القرار.

***

كيف لا يمكن أن يضيع ما تبقى من فلسطين في ظل هكذا اوضاع عربية؟

لقد بات المغرب بعيداً جداً عن المشرق، بعد غياب مصر عن دورها الجامع، وغرق سوريا في دمائها، وغرق العراق في حربه ضد "داعش"، فضلاً عن مخلفات حكم الطغيان بقيادة صدام حسين، ثم ما الحقه الاحتلال الاميركي من دمار في البنية التحتية، فضلاً عن دوره التخريبي في علاقات العراقيين بعضهم ببعض وصراعهم الطائفي المفتوح (سنة وشيعة) حول السلطة ومركز القرار فيها... وهكذا ولى الاميركيون العراقيين العائدين من المنافي بغالبيتهم الشيعية مركز القرار ( تحت اشرافهم) بغض النظر عن اهليتهم وامانتهم ونظافة الكف، فزاد النهب والفساد.

ثم جاءت "داعش" بحربها واحتلالها الموصل واكثر من نصف مساحة العراق لتزيد الخراب والتدمير والفقر والضياع في غياهب الطائفية والمذهبية.. والعنصرية، اذا ما تذكرنا غرور مسعود البرازاني وإصراره على تحويل الفيدرالية التي كان سلم بها النظام إلى انفصال.. عدائي، كان بديهيا أن يسقطه الاكراد أنفسهم بقوة انتمائهم إلى العراق، قبل أن تتدخل السلطة المركزية لحسمه، واعادة الامور إلى سابق عهدها.

***

ولقد استفادت اسرائيل من هذه التطورات الدراماتيكية التي اعادت تقسيم العرب ليس بين المشرق والمغرب، بل كذلك على اساس طائفي ومذهبي ( سنة وشيعة، علويون ودروز ومسيحيون، فضلاً عن الانقسام العنصري، عرب، كرد، سريان، أشوريون، ازيديون وصابئة الخ..)

هكذا بات الجو ملائماً، مع الدعم الاميركي المفتوح والتشتت العربي لكي يعلن قادة العدو الاسرائيلي "قرارهم التاريخي" بإعلان اسرائيل "الدولة القومية ليهود العالم.."

ولقد كانت ردود الفعل العربية على هذا "القرار التاريخي" خافتة وخجولة، بل أن بعض هذه الدول قد تجاهل القرار تماماً، مع انه يشمل في ما يشمل تهديد من تبقى من الفلسطينيين العرب بالطرد، لتكون اسرائيل "وطنا يهودياً خالطاً"..

تتهاوى الدول العربية فتندثر او تكاد (اليمن، ليبيا، سوريا، التي تحتاج إلى اعادة اعمار شاملة، وكذلك العراق).. او انها تغرق في حروب ضد بعضها البعض.

انه وطن عربي ضائع عن طريقه إلى مستقبله، يكاد يخسر حاضره طالما أن القادة والمسؤولين يقفلون ابواب المستقبل ومهادنة اسرائيل، ومن يحميها ويدعمها ويجعلها متفوقة على مجموع العرب.

* رئيس تحرير صحيفة «السفير» اللبنانية

ينشر بالتزامن مع جريدة «الشروق» المصرية