أصدر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، صباح اليوم الاثنين، نسخة مترجمة إلى اللغة العربية من تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "الإسكوا" تحت عنوان: "الممارسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني ومسألة الفصل العنصري"، والذي كانت "الإسكوا" أصدرته في مارس/آذار من العام الماضي، ثم سُحب بعد إصداره بأيام بطلب من الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريس".
وقال كل من رئيس مجلس أمناء الأورومتوسطي والمقرر السابق للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية "ريتشارد فولك"، وبرفسور العلوم السياسية "فيرجينيا تيلي"، اللذين كتبا التقرير الذي كانت أصدرته "الإسكوا"، في تقديمهما للنسخة العربية التي ترجمها المرصد الأورومتوسطي: "إن التقرير يستنتج بشكلٍ أساسيّ أنه لا يمكن تحقيق سلامٍ دائمٍ بين الفلسطينيين والإسرائيليين دون إزالة مسبقة لهياكل الفصل العنصري، ولا بدّ لأيّ نهجٍ يتجاهل هذا الاستنتاج أن يفشل".
وأضاف فولك وتيلي: "بعد دراسة متأنية للأدلة المتعلقة بالممارسات الإسرائيلية لفرض السيطرة على الشعب الفلسطيني، يتوصل التقرير إلى أن إسرائيل مذنبة بارتكاب جريمة الأبارتايد على النحو المحدد في القانون الدولي"؛ واعتبرا أن ما يميز التقرير هو أن "مزاعم الأبارتايد السابقة -فيما يخص إسرائيل-استندت إلى تفسيرات أوسع لسلوكها كوعاء للتمييز أو ممارسة العنصرية بشكل عام؛ لكن دون استيفاء متطلبات التدقيق القانوني".
واستنكر فولك وتيلي "موجة الهجمات الافترائية" التي صاحبت إصدار التقرير في الأمم المتحدة، والتي "لم تتناول فحوى التقرير، وإنما ركّزت سمومها على الغضب المفترض من استخدام لفظة 'أبارتايد' في خطاب الأمم المتحدة عند نقاش العلاقة بين إسرائيل والشعب الفلسطيني"، واعتبرا أن سحب التقرير جاء إثر التهديدات التي تلقاها الأمين العام للأمم المتحدة بسحبه، تحت طائلة تقليص التمويل الذي تتلقاه الأمم المتحدة إذا لم يفعل.
وأضافا: "قبل سحبه، علمنا أنه كان أكثر التقارير تحميلاً طوال 45 عاماً من عمر الإسكوا، وصادقت عليه الحكومات العربية ال 18 الأعضاء في مجلس الإسكوا".
من جهتها، قالت سارة بريتشيت، المتحدثة باسم الأورومتوسطي، إن "مناسبة نشر التقرير في هذا الوقت تغدو أكثر أهمية مع ممارسات إسرائيل الآخذة بالتصاعد في إنكار هوية الفلسطينيين وتقنين ممارسة التمييز ضدهم، وهو ما ظهر بشكل جلي مؤخراً من خلال إقرار الكنيست الإسرائيلي لما عُرف باسم قانون القومية، والذي يكرس إسرائيل كوطن قومي للشعب اليهودي، ويعطي اليهود دون غيرهم حق تقرير المصير، وحق الهجرة التي تؤدي إلى المواطَنة، ويعزز الاستيطان في الأراضي المحتلة كقيمة وطنية".
وأكدت بريتشيت: "اقتصر دور الأورومتوسطي على ترجمة هذا التقرير بصورة احترافية، وكما ورد بنسخته الإنجليزية، والتي كانت نُشرت على موقع الإسكوا سابقاً، ولم يتدخل في إعداد المادة الخاصة بهذا التقرير، أو يغير بها، بأية صورة من الصور".
وتأتي ترجمة التقرير كجزء من مشروع ينفذه الأورومتوسطي حول رفع الوعي بقضايا الفصل العنصري، وحتى تظل مخرجات التقرير حاضرة دولياً ومحلياً، كما أنّ ترجمة التقرير للغة العربية جاءت لإيصاله للباحثين والأكاديميين والحقوقيين العرب وعموم الفلسطينيين باعتبارهم الفئة الأكثر تأثرًا بالموضوع الذي يناقشه التقرير.
وكانت ريما خلف، رئيس الإسكوا وقت إصدار التقرير، قالت بأن الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريس" طلب منها سحب التقرير عن موقع الاسكوا، وطلبت منه أن يراجع موقفه، غير أنه أصر على ذلك، ما دفعها للاستقالة.
فيما قال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، في تعقيبه على سحب التقرير عن موقع الاسكوا بعد نشره: "إن الأمر ليس متعلقا بالمحتوى، وإنما بالأمور الإجرائية.إذ لا يمكن للأمين العام للأمم المتحدة أن يقبل أن يقوم مساعده أو أي مسؤول كبير آخر في الأمم المتحدة يعمل تحت سلطته، أن يجيز نشر شيء تحت اسم الأمم المتحدة أو تحت شعارها، دون التشاور مع الجهات المختصة".
واعتبر الأورومتوسطي التقرير بما تضمنه من تحليل للوقائع على الأرض وتكييفها وفق القانون الدولي وثيقة مهمة لأجل المساءلة ووقف سياسة الإفلات من العقاب السائدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث يعد التقرير المسحوب الذي كانت أعدته "الإسكوا" أول تقرير يتناول بالتحليل الممارسات الإسرائيلية كمنظومة مركبة وليس كأفعال منفصلة، ما يجعل منه وثيقة استثنائية تحتاج إلى الدراسة بعمق والبناء عليها.