اعتبر عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الدكتور محمد الهندي، غزة نقطة ارتكاز المشروع الوطني الفلسطيني، مشددًا على وصفها بقلعة الصمود، التي يجب على الجميع المحافظة عليها كما نحافظ على عيوننا.
وقال د. الهندي خلال مؤتمر "الفلسطينيون وصفقة القرن" والذي نُظم في مدينة اسطنبول التركية، وحضره العشرات من الشخصيات وقادة التنظيمات الفلسطينية من الداخل والشتات: "الصمود في وجه المؤامرات يتمثل حالياً في مسيرات العودة بغزة"، مشيرًا إلى أن "المشاركة فيها واجبةٌ على كل فئات وتيارات شعبنا، الذي يعبر من خلالها عن حقه في الوجود والعودة، ويعري "إسرائيل" ويفضح إجرامها أمام العالم".
ولفت إلى أن "إخضاع غزة قائم على مخططين، الأول: يقوم على ردعها بقوة السلاح والحصار"، موضحاً أن "هذا الخيار بات مشكوكاً في قدرته بعد فشله عبر ثلاثة حروب، وحصار متواصل كانت نتيجته الفعلية تمرد قطاع غزة، ليس على حركة حماس كما كان مخططاً، بل على "إسرائيل".
أما المخطط الثاني، فيتمثل في التهدئة عبر تخفيف الحصار وإعادة الاعمار، ومعالجات مرحلية لمشاكل القطاع، منوهًا إلى أن "التهدئة لها مدخلان، الأول: يكون عبر المصالحة وعودة السلطة الفلسطينية لغزة، وهو مدخل لإعادة الاعمار، وهذا يضع السلطة أمام استحقاق العودة للمفاوضات مع "إسرائيل" والانخراط فيما يسمى بـ"صفقة القرن" التي ترفضها.
والثاني: يكون بتجاوز السلطة والمصالحة والتعامل المباشر عبر آليات إقليمية ودولية، وتفاهم مع حركة حماس، كقوة أمر واقع تتحمل المسؤولية، باعتبار ذلك أفضل من الفراغ أو الفوضى لو غابت الحركة عن المشهد في القطاع.
وبحسب د. الهندي فإن "المماطلة في قضية المصالحة الفلسطينية، تُضيق من فرصها، وعلى قيادة السلطة إدراك أن قدرتها على اشتراط تسليم سلاح المقاومة قد انتهت، وأن معادلة السلاح إلى المخازن مثل كل السلاح العربي، والاحتفاظ بحق الرد بدلاً من الرد، لا يمكن فرضه على غزة".
وأضاف "أن السلطة مطالبةٌ أمام شعبها، وحتى أمام القوى الدولية والإقليمية ألا تطرح موضوع السلاح أساساً، بل وتلوّح بفصائل المقاومة، كما كان يفعل الرئيس الراحل ياسر عرفات إزاء الضغوط الممارسة عليه".
ولفت د. الهندي إلى أن "التهدئة في غزة أساس التحركات القائمة اليوم، وليس المصالحة"، منبهاً إلى أن "خيار الحرب مستبعد حالياً، كونه لا يحل المشكلة القائمة، والمطروح هو حل اقتصادي للقطاع، أما الضفة فتعتبر تحت سيطرة "إسرائيل" فعلياً".
ودعا عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي إلى "المحافظة على ما تبقى من المشروع الوطني عبر التفاهم والتوافق على سياسة مشتركة للتصدي لما يسمى "صفقة القرن"، دون ارتكاز على أوهام أو أمنيات بأن يشترط العرب حل القضية الفلسطينية لبدء التطبيع".
كما نوه د. الهندي إلى أن المطلوب استسلام عربي رسمي كامل، وتخلٍ عن فلسطين، واستعداد لبناء علاقات مع "إسرائيل" دون أي حل للقضية الفلسطينية.
وقال: "ستبقى فلسطين عامل تفجير واشتباك مع المشروع الصهيوني، وشعبها الصامد جدير بالأرض المباركة، والحلول المطروحة منذ بدء الصراع هي مرحلية، هدفها كسب الوقت لتهويد ما أمكن، وخلق وقائع جديدة من خلال اتفاقات مؤقتة"، مشدداً على أن "شعبنا وحده هو من يستطيع التصدي لأي مؤامرات تستهدفه".
وعرج د. الهندي للحديث عن صفقة ترامب، مبيناً أنها لا تعدو كونها أفكار إسرائيلية يمينية للتعامل مع القضايا الأساسية، على رأسها القدس واللاجئين والأرض ضمن حل إقليمي يتجاوز حتى الحلول والمبادرات العربية حول "حل الدولتين"، بذريعة بناء محور إقليمي، تكون "إسرائيل" في قلبه للتصدي لما يصفونه بــ"الإرهاب".
ووفقًا له فإن "إسرائيل" تعتبر المشروع الوحيد المطروح للتداول اليوم، وبدأ تنفيذه فعلياً بالاعتراف بالقدس عاصمةً لهذا الكيان المحتل، منوهًا إلى أن هنالك قبولاً إقليمياً رسمياً بذلك، رغم إعلانات الرفض الخجولة، وذلك ضمن ظروف وأولويات ومصالح جديدة في المنطقة.
وتابع د. الهندي :"هم يعتبرون غزة بؤرة متوترة في المنطقة من الضروري إخضاعها لتسهيل مرور الصفقة، حيث نشأت فيها قوى فلسطينية مقاومة تمتلك إمكانات معقولة، واستعداد عالٍ للتضحية والدفاع عن القضية الوطنية الفلسطينية".
واستطرد يقول :" شعبنا المرابط يقاتل الاحتلال الإسرائيلي عبر صموده في غزة، ولقد اكتسب ثقةً حقيقيةً في إمكانية التصدي للمشروع الصهيوني، وتوجيه صفعات له، على طريق الانتصار عليه".
وشدد د. الهندي على أن "إسرائيل" لن تتمكن من هزيمة شعبنا الأبي أو ردعه، مشيرًا إلى أن فلسطين ستبقى عامل تفجير واشتباك مع المشروع الصهيوني وأدواته في المنطقة.