Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

خيارات الكفاح الفلسطيني

33744_163883266973626_106125606082726_436018_5546162_n.jpg

يونس السيد

حينما انطلقت الثورة الفلسطينية في منتصف ستينات القرن الماضي، كان الشعار الذي رفعته آنذاك، أن «السياسة تنبع من فوهة البندقية»، أي أن الأولوية هي للكفاح المسلح دون أن تُسقط الخيارات الأخرى، واليوم بعد مرور أكثر من نصف قرن على تلك الانطلاقة، وضع الكفاح المسلح على الرف، وأصبحت الأولوية للمقاومة الشعبية السلمية.

صحيح أن الظروف تغيرت؛ لكن هناك ثوابت لا تتغير، ومع ذلك هناك بعض من المسؤولين في السلطة لا يترددون في الحديث عن اعتماد المقاومة الشعبية السلمية، واستبعاد خيار المقاومة والكفاح المسلح في هذه المرحلة، خلال اجتماع المجلس المركزي المقبل؛ بذريعة أنه «يورط شعبنا بأثمان في غنى عنها، ولا يعطي سوى نتائج عكسية» وما إلى ذلك..، وكأن منهج الرهان على التسوية استعاد ثلاثة أرباع الحقوق الفلسطينية، وأن المقاومة المسلحة أصبحت عائقاً أمام استعادة الربع الأخير من هذه الحقوق.

حسناً تفعل السلطة، حين تتحدث بوضوح ودون مواربة؛ لأن الجميع يدرك أن هناك فيها من أسقط خيار المقاومة والكفاح المسلح منذ زمن بعيد، ووضع كل رهاناته على التسوية الأمريكية، التي تبلورت في زمن ترامب تحت اسم «صفقة القرن»؛ وهي الصفقة التي يقر مسؤولون في السلطة بأنها ستأخذ حيزاً مهماً من نقاشات المجلس المركزي على قاعدة بلورة موقف وطني موحد لمواجهتها ومنع تنفيذ أي بند من بنودها. ولا نريد الحديث عن إمكانية وحدة الموقف الوطني من عدمه؛ لكن الحقيقة هي أن الذين راهنوا على التسوية أصبحوا الآن يطالبون بالتصدي لها وإفشالها!

والآن، كم من الوقت سيمضي حتى تدرك القيادة المتنفذة، أن المقاومة الشعبية السلمية وحدها لا تكفي، على أهميتها؛ لاسترجاع الحقوق الفلسطينية، أو على الأقل، توظيفها في تعديل موازين القوى لمصلحة الفلسطينيين. الغريب في الأمر أن أحداً في القيادة المتنفذة، لا يريد الإقرار، ولو بينه وبين نفسه، بفشل السياسات، التي انتهجتها منذ توقيع «اتفاق أوسلو» حتى الآن، وأن السبب الحقيقي لذلك، هو الرهان على خيار التسوية دون غيره، والابتعاد عن البرنامج الوطني وفي القلب منه المقاومة والكفاح المسلح، وإذا لم يعد الاعتبار والاحترام لهذا الخيار، فلن يحصد الفلسطينيون سوى الفشل.

وفي النهاية، يجدر بالقيادة المتنفذة أن تنزل عن الشجرة، التي علقت فوقها، أو بالأحرى أن تتخلى عن أوهامها، ورهانات التسوية التي انتهجتها، بدلاً من العودة إلى أبجديات الشعوب الواقعة تحت الاحتلال، وحقها المشروع في كل أنواع المقاومة؛ وفي مقدمتها المقاومة المسلحة قبل أن يجبرها الشعب الفلسطيني على ذلك.