تعتمد ألمانيا على إمدادات المياه الجوفية في سد حاجتها من ماء الشرب، هذه المياه تحتوي كميات عالية من اﻟﻧﺗرات. فهل ارتفاع مستوى النترات في ماء الشرب ضار حقا بالصحة؟
صنفت الوكالة الأوروبية للبيئة -في تقرير أصدرته مؤخرا عن جودة المياه الجوفية في أوروبا- الوضع الكيميائي على أنه جيد في 74% من الحالات.
لكن على العكس من هذا التصنيف، يعتبر المعهد الاتحادي الألماني لمعاينة الثروة المائية أن جودة إمدادات المياه الجوفية "سيئة" في مدن ألمانية كبرى مثل هامبورغ ودريسدن وشتوتغارت. وتقول بياتريس كلاوس المتخصصة في ملفات متعلقة بالبحر الوحلي ومصبات المياه والمحميات في الصندوق العالمي للطبيعة (WWF)، إن 37.5% من إمدادات المياه الجوفية في ألمانيا ملوثة بشدة بمركبات النيتروجين والأكسجين الضارة.
ويتم الحصول على 70% من مياه الشرب في ألمانيا من المياه الجوفية، لذا تنص تعليمات الاتحاد الأوروبي بشأن ماء الشرب على ألا يتعدى مستوى النترات في لتر واحد من الماء خمسين ملغراما، وهو مستوى يعتبره الاتحاد الأوروبي "آمنا" بالنسبة لصحة المستهلك.
ويتفاعل النترات مع البروتين في الجسم مما يؤدي إلى إنتاج مادة النتروزامين. ووفقا للمركز الألماني لأبحاث السرطان، فإن هناك تجارب على الحيوانات تظهر وجود صلة بين النتروزامين وسرطان المعدة، لكن حتى الآن لم تظهر أي علاقة بين النتروزامين والسرطان لدى البشر. من ناحية أخرى، ليست هناك براهين أو نتائج لأبحاث تنفي عدم تأثير النتروزامين على الصحة.
أما المناطق التي يُحتمل أن تكون فيها مستويات النترات مرتفعة فهي المناطق ذات الاستخدام الزراعي العالي والاستخدام المتكرر للأسمدة.
وتتعرض المياه الجوفية للتلويث العالي بالنترات عن طريق الزراعة، ذلك لأن الاستخدام المفرط للأسمدة في الحقول يجعل التربة غير قادرة على الاستفادة من هذا الكم من المواد. وكلما كثرت الأراضي الزراعية في منطقة معينة، ارتفعت مستويات النترات فيها.
فعلى سبيل المثال، تم قياس قيم تصل إلى مئة ملغرام من النترات لكل لتر من الماء على الحدود بين هولندا وألمانيا في غرب منطقة مونسترلاند، وهو مستوى يفوق الحد الذي وضعه الاتحاد الأوروبي بنسبة 100%.
وإذا لم يتم خفض مستويات النترات في المياه الجوفية، فسترتفع تكلفة ثمن مياه الشرب في ألمانيا. فعمليات معالجة المياه الجوفية أصبحت أكثر تعقيدا من أي وقت مضى بسبب تلوثها المفرط بالنترات. وتقول بياتريس كلاوس: "كلما كانت المياه الجوفية أكثر تلوثا، ارتفعت تكلفة مياه الشرب على المستهلك".