"السكر يؤدي إلى الإصابة بالسكري" هذا ما تسمعه، و"يجب عليك أن تبتعد عن السكر الأبيض حتى تحمي نفسك من السكري"، هذا ما يقال لك أيضا، فهل هذا الكلام صحيح؟
الجواب هو لا، هذه المقولات مجرد كلام مضلل؛ فالسكر له أضرار على الصحة من أهمها الإصابة بتسوس الأسنان، وهي مشكلة لا تقل أهمية عن الإصابة بالسكري.
ولكن بالنسبة للسكري فإن السكر لا يؤدي إلى المرض، حتى أن جمعية السكري في المملكة المتحدة وصفت هذه المقولة بأنها خرافة (myth)*، وكذلك الجمعية الأميركية لمرض السكري أيضا**.
والسكري نوعان: السكري من النوع الأول ويحدث عندما يهاجم جهاز المناعة خلايا البنكرياس التي تصنع الإنسولين ويدمرها، ويحدث هذا نتيجة مشكلة في جهاز المناعة في الجسم، وليست له علاقة بكمية السكر الذي يتناوله الشخص.
أما السكري من النوع الثاني فيحدث نتيجة زيادة مقاومة الخلايا للإنسولين، ويحدث نتيجة العوامل الوراثية والخمول البدني وزيادة الوزن.
الآن، فإن تناول كمية زائدة من السعرات الحرارية (سواء كانت من السكريات البسيطة كالسكر والفركتوز وغيرها، أو الكربوهيدرات المعقدة مثل الخبز والأرز، والبروتينات كاللحوم والبقول، والدهون كالزبدة وزيت الزيتون) يؤدي إلى زيادة الوزن، وبالتالي يزيد خطر السكري.
المشكلة في ترويج أن السكري ناتج عن تناول السكر هو أنه يغفل العوامل الحقيقية، لذلك قد يكون الشخص بدينا وخاملا، ولكن يظن أنه بمأمن من السكري نتيجة امتناعه عن السكر.
السكر سيئ
وهنا يجب ألا يفهم أن السكر جيد، فالسكر سيئ ومضر، سواء السكر الأبيض (السكروز) أو السكر الأسمر (سكر أبيض يضاف له دبس السكر) أو سكر الفاكهة (الفركتوز) الموجود في العسل، والذي يضاف للأطعمة والمشروبات المصنعة في صورة شراب الذرة عالي الفركتوز (High-Fructose Corn Syrup).
ومن أهم أضرار السكر تسوس الأسنان وزيادة خطر السمنة عند تناوله بكميات كبيرة، كما أن المشروبات السكرية والحلويات هي أغذية فارغة، أي أنك تأكل سعرات حرارية دون الحصول على فيتامينات أو معادن.
الأمر الآخر أن الأبحاث أظهرت أن شرب المشروبات السكرية يرتبط بالسكري من النوع الثاني، ولذلك توصي الجمعية الأميركية لمرض السكري بأن يتجنب الناس تناول المشروبات المحلاة بالسكر للمساعدة في الوقاية من مرض السكري.
ومرة أخرى فإن المشكلة هنا ليست مع السكر الصلب أو الأغذية السكرية بل مع المشروبات، وهذا يعيدنا إلى حقيقة أن هذه المشروبات تقدم سعرات حرارية فارغة، يشربها الشخص ولا يشبع طبعا، ثم يأكل الطعام، لذلك ينتهي بتناول كمية كبيرة من السعرات الحرارية تزيد خطر السمنة، وبالتالي الإصابة بالسكري.
جريمتان فقط
هناك ذنبان للسكر أثبتتهما الدراسات الطبية، وما تبقى من اتهامات فلا أدلة كافية عليها، أما جرائمه المثبتة فهي:
- تسوس الأسنان، إذ تقوم البكتيريا في الفم بتحليل وهضم السكر في الغذاء منتجة أحماضا تهاجم سطح السن، مما يؤدي إلى فقدانه المعادن وحدوث تسوس فيه. والعلاقة بين تسوس الأسنان والسكر مثبتة، وهذا يشمل العصائر والعسل والدبس والحلويات، فجميعها تسبب التسوس.
كما ترتبط درجة الأذى الذي يلحقه السكر بالسن بعوامل أخرى، مثل فترة بقاء السكر في الفم، فالسكر في العصير مثلا أقل ضررا من السكر في الكعك لأنه يتم ابتلاعه بشكل أسرع. وعامل آخر هو درجة لزوجة الطعام السكري، فمثلا "غزل البنات" والزبيب شديدة الضرر بالأسنان لأنها تلتصق به وبالتالي تمكث أكثر في الفم وتوفر غذاء للبكتيريا التي تنتج الأحماض.
- سوء التغذية، وهو الجرم الثاني الذي تم إثباته على السكر، ويرتبط بعدم حصول الشخص على المغذيات اللازمة مثل الفيتامينات، والمعادن كالكالسيوم، والألياف الغذائية.
وللتوضيح فإن سوء التغذية هنا لا يعني أن الشخص يعيش في مجاعة، فطالما أنه يستطيع شراء العصائر المعلبة الباردة والشوكولاتة فهو على الأرجح يعيش في بحبوحة وفي مكان لا يعاني سكانه من نقص الغذاء.
مجاعة
ولكن المقصود أن جسم هذا الشخص يمر بمجاعة، وذلك ناجم عن تناول كميات كبيرة من السعرات الحرارية لكن دون محتوى غذائي مفيد.
فالأغذية السكرية كالشوكولاتة والبوظة (آيس كريم) تحتوي عادة على سعرات حرارية فارغة، أي تحوي مقدارا من الطاقة ولكن دون مواد غذائية مفيدة، مما يجعلها ضمن ما يسمى "الأغذية الفارغة" (junk food).
فلدى الأطفال مثلا يؤدي تناول الحلويات إلى سد شهية الطفل عن الغذاء الصحي، ولذلك فإن من الأسئلة الأساسية التي يسألها الطبيب لأم الطفل الذي يعاني من فقر الدم أو سوء التغذية: هل يتناول الحلويات؟ وما مقدارها؟
كما أن تناول الشخص للمشروبات السكرية مثلا كالعصائر والمشروبات الغازية، قد يعني أنه لا يحصل أو يشرب كمية كافية من المشروبات المغذية كالحليب، مما يعني عدم حصول جسمه على مقدار ملائم من الكالسيوم.
لذلك فإن الخلاصة في هذا الموضوع: يجب عليك أن تقلل تناول السكر، فهو مضر ويؤدي إلى تسوس الأسنان وسوء التغذية، ولكنه لا يؤدي إلى الإصابة بالسكري.