انتقد مسؤولون أمميون وحقوقيون وهيئات دولية قرار الولايات المتحدة أمس الانسحاب من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بدعوى أنه لم ينفذ ما طلبته واشنطن من إصلاحات، خاصة في ما يتعلق بالاحتلال "الإسرائيلي".
وجاء قرار واشنطن بالانسحاب في أعقاب الانتقادات الشديدة التي وجهتها الأمم المتحدة للإدارة الأميركية بشأن سياستها المرتبطة بفصل أطفال المهاجرين غير النظاميين عن ذويهم عند الحدود مع المكسيك.
وعبّر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان الأميرزيد بن رعد الحسين عن استيائه من قرار الولايات المتحدة الانسحاب، وقال إنه كان على واشنطن بدلا ًمن ذلك أن تعزز مشاركتها بالنظر إلى عدد الانتهاكات على مستوى العالم.
ودعا الأمير زيد في آخر خطاب له أمام المجلس المكون من 47 دولة يوم الاثنين إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى إنهاء السياسة "غير المناسبة" المتعلقة بفصل الأطفال عن آبائهم المهاجرين الذين لا يحملون وثائق عند الحدود مع المكسيك لدى محاولتهم دخول الولايات المتحدة.
وعقب إعلان القرار الأميركي، أوضح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مجلس حقوق الإنسان "يضطلع بدور مهم للغاية في تعزيز تلك الحقوق وحمايتها في جميع أنحاء العالم"، وشدد في بيان على أنه كان "يفضل كثيراً بقاء الولايات المتحدة في المجلس".
وتحدث رئيس مجلس حقوق الإنسان فويسلاف سوك عن ضرورة اتخاذ الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار سد الفراغ بالمجلس الناتج عن انسحاب الولايات المتحدة منه. أما الاتحاد الأوروبي فقد اعتبر الانسحاب الأميركي "تقويضا لدور واشنطن الداعم للديمقراطية على الساحة العالمية".
لكن السفير "الإسرائيلي أعرب" في رسالة وزعها على الصحفيين بالأمم المتحدة عن شكره العميق لترامب، وقال إن الولايات المتحدة تثبت مجددا التزامها بالوقوف إلى جانب الكيان الإسرائيلي .
كما اتهم وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون مجلس حقوق الإنسان بالتحيز ضد الاحتلال "الإسرئيلي"، مندداً بأنها الدولة الوحيدة التي تدور مناقشات بشأنها تلقائيا عند كل دورة يعقدها.
أما حركة المقاومة الإسلامية حماس فقد اعتبرت أن انسحاب الولايات المتحدة "يعكس ازدياد عزلتها الدولية". وأضاف المتحدث باسم الحركة سامي أبو زهري في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي في موقع تويتر، أن الانسحاب يؤكد أن واشنطن "لم تعد قادرة على تبرير ممارساتها الإجرامية ودعمها للإرهاب "الإسرائيلي" بحق الشعب الفلسطيني".
وانتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش الخطوة الأميركية، وأكد مديرها التنفيذي كينيث روث أن "انسحاب إدارة ترامب هو انعكاس مؤسف لسياستها الأحادية البعد في ما يتعلق بحقوق الإنسان حيث الدفاع عن الانتهاكات الإسرائيلية في وجه أي انتقادات يشكل أولوية فوق كل شيء آخر".
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت أمس انسحابها من مجلس حقوق الإنسان، وقالت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة نكي هيلي إن قرار الانسحاب جاء بعدما لم تتحل أي دول أخرى "بالشجاعة للانضمام إلى معركتنا" من أجل إصلاح المجلس "المنافق والأناني".
وقالت هيلي "بفعلنا هذا، أود أن أوضح بما لا لبس فيه أن هذه الخطوة ليست تراجعا عن التزاماتنا بشأن حقوق الإنسان". وأضافت المندوبة الأميركية أن لدى مجلس حقوق الإنسان تحيزا مزمنا ضد الاحتلال، مشيرة إلى أنه لا يستحق الاسم الذي يحمله.
وهذه ليست المرة الأولى التي تنسحب فيها الولايات المتحدة من المنظمات الدولية منذ تولي إدارة ترامب السلطة في البلاد. فقد انسحبت من منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة يونسكو بسبب ما وصفت بالموقف المعادي للاحتلال، وأوقفت تمويل صندوق الأمم المتحدة للإسكان، وأنهت المشاركة في الاتفاق العالمي بشأن الهجرة الآمنة والنظامية، وانسحبت من اتفاق باريس العالمي للمناخ، وخفضت لأكثر من النصف مساهماتها إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا في ما بدا عقاباً للسلطة الفلسطينية.