Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

نكسة أم هزيمة ..حقائق الصراع لا تتغير!!

222222222.jpg

عامر خليل

حجم ما حدث بعد الخامس من حزيران 1967 لا يمكن استيعاب وقعه حتى الآن فدولة الاحتلال الإسرائيلي في غضون ستة أيام احتلت باقي أراضي فلسطين التاريخية وهضبة الجولان وسيناء وبعضا من الأراضي الحدودية مع الاردن فضاعفت مساحة ما تحتله الى ثلاثة ونصف في اكبر محطة انحطاط في التاريخ العربي الإسلامي منذ سقوط القدس قبل ما يزيد على ألف عام بيد الصليبيين فالمسجد الأقصى استبيح في حينه وأعيد المشهد مرة أخرى في حزيران 67 حين دنسته قوات الاحتلال ورفع العلم الإسرائيلي فوق قبة المسجد الأقصى ونفخ في مزامير داود في ساحاته من قبل حاخام الجيش الإسرائيلي الرئيس شلومو غورين.

أن يأتي البعض بعد ذلك ويطلق على نتائج الحرب اسم نكسة فانه يحرف حقائق التاريخ فهي هزيمة كبرى لا تزال ارتداداتها تتداعى حتى الآن فهي هزيمة وليست نكسة تطلق على شخص ينتكس لسبب ما ثم يتعافى مما اصابه فهل تعافينا من نتائج الهزيمة ام لا زالت اطنابها تضرب ودولة الكيان تعربد؟ ولولا حالة المقاومة الممتدة حتى الآن لما افضت اليه الهزيمة لقلنا انها مطبقة وماحقة فالامل معقود عليها في ازالة نتائج الهزيمة ووقف حالة الهرولة الرسمية العربية تجاه الاحتلال.

واضح ان تسمية الهزيمة بالنكسة أريد بها تخفيف وقع ما حدث في أوساط الجماهير العربية التي لم تقبل الكيان بأي حال ويراد اليوم بعد 51 من الهزيمة ترويضها كي يتم التعامل معه كائنا طبيعيا في المنطقة ورغم بعض الأصوات التي تسير في هذا الاتجاه الا ان مخططات التطبيع المتعددة المسميات لم تلق رواجا بأي حال سوى من بعض أقطاب النظام العربي الرسمي الخليجي الذي تداعت بعض أبواقه الاعلامية للحديث عن الكيان وتبييض صفحته، وذات يوم قال شارون في حوار صحفي ان اتفاقيات السلام الموقعة مع دول عربية لا تساوى الحبر الذي وقعت به لأن الشعوب لا تقبل بها.

التغير الحادث بعد 51 عاما كبير على الصعيد السياسي فبعد نكبة عام 1948 لم يقبل أي نظام عربي بوجود دولة الكيان وطالب باستعادة الارض التي احتلت وعودة اللاجئين الفلسطينيين وان لم يكن الموقف جادا في حينه ولم تتداع الدول العربية للتحرك الفعلي في هذا الاتجاه امام دولة نشأت حديثا وعاشت معضلات التكوين الاولى الا ان التغيير الهائل الكبير جاء بعد هزيمة 67 حين قبل النظام العربي فعليا بالكيان وبات يطالب باستعادة ما احتل في اعقاب الهزيمة أي 22% من مساحة فلسطين التاريخية ولم يعد أي طرف يذكر 78% وقد انضم الى هذا الموقف منظمة التحرير الفلسطينية بتوقيعها على اتفاق اوسلو في الرابع من ايلول عام 1993 أي 26 عاما بعد هزيمة 67 قبلت بوجود دولة الكيان واعترفت به مقابل التفاوض على ما سمي قضايا الحل النهائي والذي لم يسفر عن أي نتيجة بعد 26 عاما أخرى من عمر اوسلو حسم فيها الاحتلال قضية الارض ديمغرافيا بحيث بات ما يسمى حل الدولتين جزءا من الماضي.

لم يتوقف الامر عند القبول العربي الرسمي بدولة الكيان واحتلالها لما يزيد عن ثلاثة ارباع فلسطين التاريخية وهو جوهر المبادرة العربية للسلام عام 2002 بل تعدى الامر الى أكثر من ذلك بالانتقال الى مرحلة التعامل والتطبيع ثم جاء ما سمي الربيع العربي فرصة غير مسبوقة لإزاحة فلسطين عن المشهد العربي وبداية الانشغال بالصراعات المذهبية والطائفية ليصبح العنوان ايران هي العدو الذي تتضافر الجهود العربية الخليجية لمواجهته وفي سياقه تجري عملية التهميش القائمة الان للقضية الفلسطينية وصولا الى تصفيتها عبر الحلول الأمريكية الاسرائيلية المطروحة فيما يسمى صفقة القرن.

لا شك ان هزيمة 67 في نتائجها لم تتوقف باي حال فهي تتفاقم وتزداد وتعكس ازمة النظام العربي وعجزه عن واجبه العربي والاسلامي تجاه فلسطين والذي تجلى في اوضح صوره في الموقف من نقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس والاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال فلم يلمس أي تداعيات سياسية له في العلاقات العربية الامريكية فيما يبدو انه تفاهم صامت بالقبول بالامر الواقع مقابل صرف الانظار نحو ايران وهو ما دلل عليه انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع ايران وتلويح وتهديدات نتنياهو ضدها وهو ما يفسر سخونة العلاقات الاسرائيلية مع دول الخليج.

قبول النظام العربي الرسمي بالاحتلال لا يعطي شرعية له باي حال فهو يتناقض مع التاريخ والجغرافيا وعقيدة العرب والمسلمين ويغامر  بفتح علاقات مع كيان غريب على ارض عربية اسلامية فتحها عمر بن الخطاب وحررها صلاح الدين الايوبي، وطول امد الاحتلال لا يعطي مبررا لهذا الاعتراف وقيمة فلسطين في وجدان الشعوب ورفضها للكيان وانحسار التطبيع على مستوى النظام فقط وخوف الاسرائيليين من زيارة الدول العربية الا متخفين او بحراسات يدلل على ذلك وعدا عن ذلك فان الفلسطينيين رأس حربة الصراع مع الاحتلال لا زالوا يخوضون المعركة ويصرون على المقاومة ومليونية القدس شاهد على ذلك.