ليس غريباً أن يكون الشيخ أسامة من مدينة جنين في الضفة الغربية، فهذه المدينة عودتنا على تقديم الأبطال، فكثيراً ما قدمت هذه المدينة المجاهدة الشهداء الأبطال الذين وهبوا أرواحهم رخيصة في سبيل الله،
ولخدمة قضيتهم العادلة فلسطين، وقدمت أيضاً كثيراً من الأسرى البواسل الذي ضحّوا ومازالوا يضحون يزهرات شبابهم في سجون الاحتلال من أجل حرية شعبهم، فحقاً علينا أن ندرس سيرتهم وأن ندرّسها للأجيال القادمة.
الميلاد والنشأة
ولد الأسير المجاهد الشيخ أسامة محمد عوض الحروب بتاريخ 28ـ04ـ1976، في مدينة جنين، لعائلة ملتزمة تنتمي لعشيره التركمان؛ وهي أكبر العشائر في شمال فلسطين؛ حيث تتكون من 7 قبائل هاجرت من منطقة حيفا في نكبه 1948، وتتميز هذه العشيرة بالوطنية وعدائها للاحتلال حيث قدمت عشرات الشهداء والجرحى والأسرى على مدار الانتفاضتين وعلى مدار تاريخ الثورة الفلسطينية سواء في محافظة جنين أو حتى في المهجر، وقد اعتقل الشيخ وهو أعزب إذ لم يمهله الاحتلال أن يتزوج حتى باغتته خفافيش المحتل وهو في سن 28 ليتم تغييبه في غياهب سجون الاحتلال الظالم حتى يومنا هذا.
ولقد عرف الشيخ منذ نعومة أظافره بحبه لدينه العظيم، فقد نشأ متديناً ملتزماً في مساجد مدينة جنين، واشتهر بين أقرانه بهدوئه وسكينته، رغم كثرة أصدقائه وحبه الشديد للصحبة الطيبة، وقد تميّز بدرجة عالية من الذكاء والحكمة، ويشهد أحبابه وأصدقائه بكرم أخلاقه.
شخصية يحبها الجميع
لقد كانت تلك الصفات التي لازمت شيخنا المجاهد أسامة الحروب منذ طفولته المبكرة، رصيد حب في قلوب كل من عرفه من الأقارب والجيران والأصدقاء، ولازم ذلك الميراث حب عميق زرع في قلوب كل من عرفوه، ولقد قدمت تلك الشخصية صورة رائعة نموذجية عن أبناء الجهاد الإسلامي الميامين؛ وترسخت معالمها في أذهان أبناء مدينة جنين.
الحياة الدراسية والمهنية
درس الشيخ أسامة مراحل الدراسة المختلفة في مدارس مدينة جنين، وحصل على شهادة الثانوية العامة-الفرع العلمي، وأتم دراسته في معهد جنين للعلوم المهنية، ليتعلم مهنة كهرباء السيارات، وليعمل في هذا المجال ما يزيد عن 6 سنوات.
المشوار الجهادي
أثناء دراسته في معهد جنين تعرّف على الشهيد القائد سفيان العارضة من بلدة عرابة وأحد أبرز مجاهدي سريا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وتطورت العلاقة بينهما ليصبحا وكأنهما أخوة أشقاء، وليتدرجا سوياً في طريق الجهاد والاستشهاد، وأصبح شيخنا المجاهد أسامة أحد أبرز كوادر سرايا القدس في محافظة جنين.
محنة الاعتقال
قامت قوات الاحتلال باعتقال الشيخ أسامة الحروب بتاريخ 05ـ05ـ2004؛ بعد اقتحام منزله في حي الألمانية بمدينة جنين، وبعد تحقيق قاسي وجهت محاكم الاحتلال للشيخ أسامة تهمة الانتماء والعضوية في سرايا القدس، والقيام بأعمال مقاومة ضد قوات الاحتلال، وتجنيد أعضاء للسرايا وإيواء مطلوبين من سرايا القدس، ليصدر بحقه حكماً بالسجن 14 عاماً، وتلقى الشيخ ذلك الحكم القاسي صابراً محتسباً ومفوضاً أمره إلى الله تبارك وتعالى راجياً الثواب.
حافظ لكتاب الله
يذكر أن الشيخ أسامة الحروب قد أتم حفظ كتاب الله القراْن الكريم كاملاً، وكذلك يحفظ عدداً كبيراً من أحاديث الرسول (صلى الله عليه وسلم)؛ وهو بدوره يعتبر أن هذا هو الإنجاز الكبير في حياته من فضل الله عليه.
وقد أمضى الشيخ أسامة 10 سنوات من مدة الحكم البالغة 14 عاماً؛ متنقلا بين سجون الاحتلال المختلفة؛ حيث قامت إدارة مصلحة السجون مؤخراً بنقله من سجن "ريمون" إلى سجن "النقب" الصحراوي، وهذه المدة الطويلة لم تؤثر في عزيمة الشيخ ومعنوياته العالية، فلم يزده الاعتقال إلا قوة يهابها المحتل، ولم تزده السنوات الطويلة التي أمضاها مغيباً في السجون إلا عزماً على مواصلة الدرب درب العظماء، وإصراراً على صوابية المنهج الجهادي واستمراريته حتى زوال الاحتلال وخلعه من أرضنا وتطهير الأقصى من دنس المحتل الغاصب.