يعتبر السكري مرض العصر ومن أكثر الأمراض المزمنة، والمنتشرة على نطاق واسع على مستوى المنطقة والعالم. وتُعزى الإصابة بالسكري إلى حدوث اختلال في مستويات السكر في الجسم، ينجم عنه ارتفاع النسب في الدم بسبب خلل في عملية إفراز الأنسولين من البنكرياس، أو انخفاض حساسية الأنسجة للأنسولين وكلاهما يؤدي الى مضاعفات خطر.
عندما يتوقف البنكرياس عن إفراز الأنسولين يزداد السكر بالدم ويتسبب بالإصابة بالسكري من النوع الأول. أمّا عندما يتم إفراز الأنسولين بكميات غير كافية لحرق السكر الموجود بالدم وتحويله الى طاقة، ترتفع نسبة السكر في الدم وتحدث الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. ويتسبب كلا النوعين باعتلال الأعصاب، وأمراض القلب والأوعية، والإصابة بالعمى، واعتلال الكلية، ومرض القدم السكري.
يترتب على الإصابة بالسكري الحاجة إلى تعويض نقص الأنسولين من مصدر خارجي أو إعطاء المريض الأدوية اللازمة التي تكفي حاجة الجسم من الأنسولين. كما أن هناك علاقة قوية ترتبط بصيام المريض المصاب بالسكري وما يترتب عليه نظراً لحاجة جسمه للموازنة بين احتياجاته ووقت تناول الطعام. بالتالي، ينبغي على المريض اتباع مشورة الطبيب المعالج حول قدرته على الصيام، ولا يجهد نفسه ويعرضها للخطر امتثالاً لقول الله تعالى (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ).
وقد يكون مريض السكري قادراً على الصيام دون حدوث مضاعفات، بشرط أن يأخذ موافقة الطبيب بالنسبة لطبيعة حالته وأن يلتزم بتعليماته ومشورته. وفي أحيان أخرى، قد يشكل الصيام خطراً على المرضى خصوصاً المرضى الذين يعتمدون على حقن الأنسولين أو الذين لديهم اعتلالات في الكلى أو عدم انتظام سكر الدم، وحدوث نوبات هبوط سكر الدم، أو ارتفاعه.
قالت الدكتورة ريم الحسن، أخصائية أمراض الجهاز الهضمي والكبد في مستشفي ميدكير، "يتوجب على كل مريض سكري مراجعه الطبيب قبل وخلال الشهر الفضيل، لا سيما إذا كان المريض يعاني من مرض السكري غير المنضبط أو يتعرض لنوبات من هبوط أو ارتفاع السكر في الأشهر الثلاث السابقة لموعد شهر رمضان، أو إذا كان يعاني من أمراض بالكلية أو القلب أو اعتلالات شبكية العين. وفي هذه الحالة يتوقف صيام المريض على موافقة الطبيب من خلال إجراء بعض التعديلات على جرعات وأوقات الأدوية".
وشددت على أنه يجب تعديل الجرعات وتوزيعها لمريض السكري من النوع الأول، المعتمد على حقن الأنسولين وفقاً لما يقرره الطبيب ليتناسب مع موعد الإفطار والسحور، مع مراعاة قياس السكر أثناء النهار حتى لا يحدث لديه هبوط في مستوى السكر أو الإصابة بالحماض الكيتوني السكري الذي يظهر عندما يكون الجسم غير قادر على إنتاج ما يكفي من الأنسولين. كما يتوجب على مريض السكري الذي يسمح له بالصيام الاستعداد لشهر رمضان بتعويد الجسم على تباعد الوجبات، وضبط السكر قبل قدوم الشهر الفضيل.
وحول مرض السكري من النوع الثاني، توضح أن مريض السكري من النوع الثاني يعتمد على أدوية تعطى عن طريق الفم لخفض سكر الدم، ويفضل تغيير مواعيد الدواء لتناسب الإفطار والسحور. ويكون على دراية بأعراض هبوط السكر او ارتفاعه والأعراض المصاحبة له مثل التعرق، والغثيان، والرجفة، والتعب والعطش، مما يستدعي إجراء فحص منزلي من خلال جهاز قياس السكر في الدم، وينصح بالإفطار في حال الضرورة لذلك. وينبغي على مريض السكري المسموح له بالصيام التخفيف من الجهد العضلي المبذول والابتعاد عن ممارسه الرياضة قبل الإفطار لتجنب حدوث نقص السوائل وهبوط السكر.
وأثناء شهر رمضان، يجب أن يعتمد مريض السكري على تناول وجبتين رئيستين (الإفطار والسحور) وبينهما وجبتين صغيرتين. ويُنصح مريض السكري أن يبدأ إفطاره بتناول ثلاث حبات من التمر وكأس من الماء وبعدها وجبة الإفطار المكونة من الشوربات أو الأطعمة الغنية بالبروتين والنشويات والابتعاد تماما عن الدهون والمقالي والعصائر والاستعاضة عنها بالخضار والفواكه. أمّا السحور يجب أن يشتمل على على أطعمة غنية بالبروتين مثل اللبن والبيض والبقوليات، والنشويات (خبز كامل) والموز وتجنب العصائر، الحلويات، المخللات.
وفي حال التزام مريض السكري بهذه التوجيهات ومراقبة نسب السكر في الدم أثناء الصيام، يمكنه حينها استكمال تأدية فريضته بكل سهولة ويسر ودون أخطار.
إن الإهمال في تلك التوصيات وعدم الالتزام بتعليمات الطبيب، يعرض حياة مريض السكري للخطر أو يعرض جسمه للمضاعفات. بالتالي، فإن الحفاظ على صحتنا واجبة لأنها نعمة من عند الله ويجب المحافظة عليها.