لم يكن قتل 16 شهيدا فلسطينيا أعزل بواسطة قتلة ومرتزقة الكيان الصهيوني، الجمعة الماضية، كافيا لدول الغرب والولايات المتحدة لجعلهم يتوافقون على إصدار بيان يدين الممارسات الصهيونية، فمنعوا إصدار هكذا بيان، بل إن الولايات المتحدة عبرت عن أسفها بسبب تزامن موعد اجتماع مجلس الأمن مع عيد الفصح اليهودي، ما حال دون حضور أي صهيوني للاجتماع بحسب ما قاله المندوب الأميركي!.
الواضح أنه لم يلفت نظر الولايات المتحدة حجم القتل الذي اقترفه الجنود الصهاينة، وحجم الإصابات التي سقطت، وإنما لفت نظرها أن اجتماع مجلس الأمن جاء متزامنا مع أعياد اليهود (يا حرام)!، وكأنها تقول إن الدم الفلسطيني الذي أريق الجمعة الماضية ليس ذا قيمة؟!، وإن دول العالم لم يكن عليها الاستعجال لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن وإقلاق راحة إسرائيل التي تحتفل بأعيادها!.
الولايات المتحدة التي باتت هذه الأيام ناطقا باسم الكيان الصهيوني وتمرر سياساته الفاشية والنازية التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني تناست الدم الفلسطيني، وعبرت عن تهانيها للكيان الصهيوني بعيد الفصح، وبررت غياب أي دبلوماسي صهيوني عن اجتماعات مجلس الأمن، ولكنها تناست أن تقول لنا ولشعوب العالم ولتلك الدول التي ما تزال ترفض سياسة أميركا والكيان الصهيوني في المنطقة، إن الدبلوماسي يستطيع أن يغيب ويضرب عرض الحائط بمجلس الأمن واجتماعاته كما فعل كيانه منذ 70 عاما ويزيد وحتى اليوم، ولكن الجندي الصهيوني لا يغيب عن قتل الفلسطينيين العزل سواء توافق ذلك مع أعياد الفصح اليهودي أم لم يتوافق!.
اللافت أن الفاشي نتنياهو والنازي ليبرمان، أكملا المشهد الأميركي، فعبرا في تصريحات أقل ما يمكن أن توصف به أنها تصريحات نازية وعنصرية، عن شكرهما لجنودهما الصهاينة بعد قتل المدنيين العزل!.
الفلسطينيون الـ16 الذين استشهدوا الجمعة الماضية وآلاف الجرحى كانوا عزلا، وكانوا يحيون مناسبة يوم الأرض التي صادفت الجمعة أيضا، والتي يحيي فيها الفلسطينيون ذكرى استشهاد 6 منهم دفاعا عن أراضيهم المصادرة من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني العام 1976؛ حيث بات يحتفل بهذا اليوم الفلسطينيون في الداخل والخارج باعتباره حدثا يجسد تمسك الفلسطيني بأرضه ووطنه ويعبر عن رفضه لسياسات الاحتلال الفاشية التي تنوي وتريد وتهدف لاقتلاع أولئك المرابطين الصامدين المقاتلين من أرضهم وتهجيرهم، وهو ما يريده هذه الأيام الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومؤيدوه الذين يحاولون تسويق ما بات يعرف بصفقة القرن.
الجمعة الماضية، اقترف الصهاينة مجزرة جديدة بحق الإنسانية والطفولة، ولكن تلك المجزرة البشعة لم تكف ليستفيق الضمير العالمي الذي يظهر أنه دخل في سبات عميق لا يصحو منه عندما يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني، ونجده صاحيا مستنفرا إن تعلق الأمر بسورية أو بلد أو مكان في العالم لا يؤيد سياسات الغرب ويرفضها وينتقدها ويقف في وجهها.
بصراحة بات واضحا أن من يراهن على مجلس الأمن الذي وقف عاجزا عن إصدار حتى بيان يدين فيه الكيان الصهيوني بسبب مجزرته بحق الفلسطينيين، هو كمن يراهن على صحيان ضمير دول الغرب مثل بريطانيا التي كانت السبب الأول والرئيس في نكبة الشعب الفلسطيني، عبر تهجيره بوعدها لليهود بإقامة كيان لهم، وواصلت الولايات المتحدة تهجيره حتى اليوم.
بيد أن مسيرة العودة الكبرى التي انطلقت من قطاع غزة، الجمعة الماضية، كانت برهانا أكيدا للولايات المتحدة ودول الغرب وللبعض منا ممن يريدون اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه، ولعصابة الكيان الصهيوني النازية بأن الرصاص الحي أو المطاطي وقنابل الغاز وغيرها لن تمنع هذا الشعب من المطالبة بحقه والعودة لدياره التي هجر منها، وأن عمليات التطبيع التي تجرى على قدم وساق مع الكيان الغاصب لن تجعل هذا الشعب يستكين أو يضعف، فهذا الشعب يتمسك بأرضه ووطنه أكثر عبر السنين، وكل جيل يأتي يسلم راية الصمود والمقاومة للجيل الذي يليه.