Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

لا قرارات مصيرية للمركزي في ظل تعمق أزمة النظام السياسي الفلسطيني!

لا قرارات مصيرية للمركزي في ظل تعمق أزمة النظام السياسي الفلسطيني!

  راسم عبيدات التحديات والمخاطر المحدقة بنا كشعب وقضية ومشروع وطني وهوية ووجود، بعد قرار ترامب المشاركة الأمريكية المباشرة في العدوان على شعبنا إلى جانب دولة الإحتلال، من خلال اعتبار القدس عاصمة لدولة الإحتلال،

وما تبعها ويستتبعها من قرارات وخطوات أمريكية، الهدف منها تصفية القضية الفلسطينية برمتها، ولذلك هذه المخاطر والتحديات المصيرية، تتطلب موقفاً فلسطينياً موحداً وقراراً موحداً واستراتيجية ورؤيا موحدتين، ومواجهة ذات بعد شمولي شعبي وجماهيري أولاً، متكاملاً مع السياسي والدبلوماسي والقانوني.. ومن هنا فالقرارات التي يجب أن تصدر عن المجلس المركزي، يجب أن تكون بقدر حجم المخاطر والتحديات، وأن تكون ذات طابع استراتيجي ومصيري يفترض أن يجري العمل على تطبيقها وتنفيذها، لا إستخدامها كتوظيف تكتيكي للعودة إلى المسار الأمريكي- الإسرائيلي، وأيضاً ينبغي عدم العودة إلى استخدام اللغو الفارغ والإنشاء المكرر والتهديدات والعنتريات الجوفاء.

وحتى يستطيع المجلس المركزي أن يخرج بقرارات حاسمة، وتحدث نقلة نوعية في الموقف ومستوى التحدي الفلسطيني، يجب أن تتوفر القدرة القيادية العالية على إمتلاك الإرادة السياسية، من أجل إحداث حالة من القطع مع المرحلة السابقة، ولكن ما نراه من شواهد فإن الأمور ليست ذاهبة في هذا الإتجاه، حيث أزمة النظام السياسي الفلسطيني عميقة وتتعمق، ومراكز القوى والنفوذ المستفيدة من إستمرار الإنقسام وهذا المشروع الإستثماري، من داخل السلطة وخارجها والتي نمت كطبقة ربطتها السلطة بمؤسسات النهب الدولي من بنك وصندوق دوليين، تجعلها تعمل بكل طاقاتها وقدراتها، ككابح ومانع لأية قرارات فلسطينية ذات بعد استراتيجي، من شأنه سحب الإعتراف بدولة الإحتلال، وتغيير دور السلطة ووظيفتها وإلتزاماتها، وبما يشمل إعادة صياغة شكل علاقاتها الأمنية والاقتصادية والسياسية مع دولة الإحتلال.

الشواهد والمؤشرات تقول بأن المجلس المركزي، والذي يعقد في رام الله، وعدم حضور قوى وازنه كـ"حماس" والجهاد له، وكذلك كيفية تعاطي السلطة مع المخاطر والتحديات، حيث نشهد بأن هناك مواقف "رخوة" و"مائعة" ولا تحمل طابع البعد التغيير الجوهري والإستراتيجي، فالسلطة التي تدرك تماماً بأن السعودية جزء من المشروع الأمريكي، و"صفقة القرن"، هي نتاج لطبخة صهر الرئيس الأمريكي كوشنر وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس عباس استدعي للسعودية، وتم إطلاعه على الصفقة، وليس فقط الإطلاع، بل مورست عليه ضغوط للقبول بها، وعضو اللجنة التنفيذية للمنظمة أحمد مجدلاني، وهو من أركان السلطة، قال بأن السعودية أبلغتهم بالصفقة وأنها تتضمن تصفية القضية الفلسطينية وتشكيل أوسع تحالف عربي لمواجهة إيران كـ"عدو" في المنطقة، وليتم التراجع عن ذلك ونفيه، وبأن ذلك لا يعبّر عن موقف الرئاسة الفلسطينية، وكذلك لقاء عضو اللجنة المركزية لـ"فتح" عزام الأحمد مع سماحة السيد حسن نصر الله الموثق بالفيديو، تم نفيه أيضاً، رغم أن سماحة السيد حسن نصر الله في لقاءه على "الميادين"، أشار إلى موافقة "فتح" على الإنتفاضة، وهي مكون أساسي فيها، وحصول هذا اللقاء.

هذه المواقف تجعلنا نقول بأن السلطة، ليست فقط تمارس عليها الضغوط، بل هي لا تريد أن تغادر خانة التحالف مع ما يسمى بـ"المحور السني العربي"، والذي ما زال يعيش أوهام الوسيط الأمريكي النزيه، والذي يعول عليه في أي حل للقضية الفلسطينية، ولذلك لا تريد أن تحدث حالة قطع مع المرحلة السابقة، أو تفتح القرار الفلسطيني على خيارات أخرى، أو تنتقل إلى إقامة علاقات علنية مع أوسع محور عربي- إسلامي- دولي مناهض للمشروع الأمريكي في المنطقة، بمعنى أنها لا تريد أن يكون خيارها دمشق- الضاحية الجنوبية- طهران، والإنفتاح على أرحب وأوسع فضاء، فهي محكومة للخيار والموقف السعودي.

أية قرارات تصدر عن المجلس المركزي لا ترتقي إلى مستوى الجريمة المرتكبة، أو لا تعبر عن نبض الشارع وهمومه، فهي ستدفع نحو المزيد من تآكل هيبة السلطة المتآكلة أصلاً وفقدان الثقة بها وبنهجها وخياراتها، حيث أن الجماهير وخاصة في إحجامها عن المشاركة بزخم كبير وشعبي في الإحتجاجات الشعبية والجماهيرية على قرار ترامب بإعتبار القدس عاصمة لدولة الإحتلال، جزء منه تخوف من أن ما سيدفعه المقدسيون خاصة والشعب الفلسطيني عامة، من ثمن وتضحيات، يجري استثماره، ليس في إطار رفع سقف السلطة السياسي، واتخاذها قرارات على قدر من الأهمية والمسؤولية، بل هي تتخوف من الإستثمار والإستخدام، ولكي تعيد السلطة تبني نفس المواقف والخيارات، بمعزل عن المواقف الشعبية، ولعل تجربة قرار المجلس المركزي في آذار 2015، بوقف التنسيق الأمني، والتي لم تحترم أو يجري تطبيقها، وغيرها من القرارات ماثلة في أذهان الجماهير.

في ظل هكذا وضع فلسطيني، يعاني من إستمرار الإنقسام، والشرخ الذي يتسع سياسياً بين المكونات والمركبات السياسية الفلسطينية، حيث المقاطعة من قبل حركتي حماس والجهاد لإجتماع المركزي، تمكن الجهات التي لا تريد أن يرتفع سقف الموقف والقرار الفلسطيني، من فرض شروطها وإملاءاتها على المجلس، ولذلك الأصوات التي ستنادي بالقطع مع المرحلة السابقة، وإحداث تغير جوهري في الموقف والقرار الفلسطيني، ستجابه بمروحة ليست قليلة في المجلس المركزي تدعو إلى التريث والتعقل، إرتباطاً بموقف المحور السني العربي الذي يمارس ضغوطاً كبيرة عليها، لكي لا تتخذ قرارات حاسمة لجهة المجابهة الشاملة مع المشروع الأمريكي، ولربما السيناريو المتوقع، هو إعلان المجلس المركزي فلسطين دولة تحت الإحتلال، ودعوة دول العالم للإعتراف بها، والذهاب للإنضمام إلى 22 هيئة ومؤسسة دولية، وإحالة ملفات الجرائم الإسرائيلية إلى محكمة الجنايات الدولية، وبما لا يسحب الإعتراف بإسرائيل، أو يوقف التنسيق الأمني معها، والتحلل من التزامات أوسلو وما نتج عنها.

ولذلك من خلال ما نشاهده من تعمق أزمة النظام السياسي الفلسطيني، وعدم القدرة على التوحد على قضية كقضية القدس، المرتكز الأساسي للبرنامج الوطني الفلسطيني، فهذا يقودنا إلى القول، إذا كان أهل الولد غير قادرين على أن يحتضنوا ابنهم ويدافعو عنه، ويوفروا له الحماية والرعاية والحنان، كيف بمن هم يتربصون بهذا الولد، من أجل أن يبقي ذليلاً خانعاً ..؟؟ فلا يمكن لهم أن يكونوا جزءاً من حمايته والدفاع عنه.

المركزي ليس بحاجة لكي يخرج لنا بقرارات تؤكد على ضرورة البحث عن رعاية جدية للمفاوضات، فهذا حرث للبحر وهدر للوقت والجهد، وعودة إلى دائرة ومربع الماراثون التفاوضي العبث، المركزي بحاجة إلى قرارات مصيرية تفتح مساراً سياسياً جديداً وعملية سياسية جديدة، من خلال مؤتمر دولي مستمر وكامل الصلاحيات مرجعيته القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة التي تضمن الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية، وهذا يتطلب بناء رؤيا واستراتيجية فلسطينية موحدتين، ومشاركة حقيقية في القرار الوطني، بعد إنهاء الإنقسام واستعادة الوحدة الوطنية، وتوظيف كل عوامل القوة الفلسطينية، لخوض نضال متكامل شعبي وجماهيري وسياسي ودبلوماسي وقانوني، يحدث حالة تراكمية في تعديل ميزان القوى المختل لصالح الإحتلال، وبما يمكّن من تحقيق تسوية تلبي الحد الأدنى من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينين، وبما يفتح القرار والخيار الفلسطيني على أوسع وأرحب فضاء عربي وإسلامي، والإستفادة من كل التطورات والمتغيرات العربية والإقليمية.