علمت صحيفة «الحياة» من "مصادر فلسطينية موثوقة" أن رئيس السلطة محمود عباس مصمّم على أن يكون هناك «سلطة واحدة وقانون واحد وسلاح واحد».
وقالت المصادر لـ«الحياة» إن عباس أبلغ فصائل منظمة التحرير بأنه «لن تكون هناك مصالحة من دون قرار واحد وبندقية واحدة»، وأنه «لا يقبل تصريحات قادة حماس عن سلاح المقاومة»، علماً أن رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية وغيره من قادتها أعلنوا أن الحركة تسعى إلى أن يكون «قرار السلم والحرب واحداً».
وأضافت المصادر أن عباس وفتح يسعيان إلى «توحيد موقف فصائل المنظمة من القضايا المطروحة على طاولة الحوار في القاهرة» في 21 من الشهر الجاري، من خلال عقد اجتماعات «للبحث في نقاط الاتفاق والاختلاف، والتقدم بموقف موحد إن أمكن».
وكشفت مصادر أخرى أن القوى الديموقراطية الخمس (الجبهتان الشعبية والديموقراطية لتحرير فلسطين، وحزب الشعب، والمبادرة الوطنية، وفدا) تستعد لتوحيد مواقفها من قضايا حوار القاهرة المقبل وتقديم «رؤية موحدة» منها.
وترفض الجبهتان الشعبية والديموقراطية، كما حركتي حماس والجهاد الإسلامي وغيرها من الفصائل «المساس بسلاح المقاومة».
في الأثناء، استبق الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل حوار القاهرة المقبل ووصف منظمة التحرير بأنها «عجوز»، وحذر من «خطورة شيخوخة وعجز» المنظمة على القضية الفلسطينية.
واستنكر مشعل، في كلمة أمس من الدوحة ألقاها في مؤتمر «الأمن القومي الفلسطيني»، الذي نظمه أكاديمية الإدارة والسياسة في مدينة غزة أمس وأول من أمس «تراجع دور الشعب الفلسطيني في الخارج». واعتبر أن «التراجع في دور ومشاركة الشتات الفلسطيني تتحمل مسؤوليته القيادة الفلسطينية، حين اختزلت القضية في الضفة والقطاع». كما اعتبر أن «حال العجز والترهل التي أصابت المؤسسات الوطنية بعامة، وبخاصة منظمة التحرير، من العلات التي أصابت المشروع الوطني».
ورأى أن «المشروع الوطني يريد قيادة ومرجعية وتفعيل الكل الفلسطيني» في وقت يتردد اسم مشعل في أوساط سياسية وحزبية فلسطينية لترؤس المنظمة مستقبلاً.
وعبّر مشعل عن أسفه لتراجع القضية الفلسطينية «عند الأمة وعند الإقليم وعند المجتمع الدولي، بخاصة الدول الكبرى»، وذلك «أضعف المشروع الوطني الفلسطيني وزاد التحديات أمامه».
وانتقد وجود السلطة وعدم جدواها تحت الاحتلال، مشدداً على أنه «لا دولة ولا سلطة ولا سيادة إلا بعد التحرير، وإلا تصبح السلطة عبئاً كما هي اليوم».
وأكد أن المصالحة «خيار إستراتيجي» بالنسبة إلى حماس التي «تعمل على تحقيق كل متطلبات المصالحة الفلسطينية، على رغم كل التباينات».
وقدّم مشعل «تصوراً للنهوض» بالمشروع الوطني الفلسطيني يقوم على «التوافق على رؤية مشتركة، وتوحيد الصف الفلسطيني ومؤسساته الوطنية، وإدارة موحدة للمعركة مع الاحتلال، وإشراك الجميع في القرار السياسي من دون إقصاء»، مضيفاً «نريد قيادة وحكومة ومجلساً وطنياً ومؤسسات واحدة، وبرلماناً ورئيساً واحداً، ونطالب بإدارة موحدة ومشتركة للقرار السياسي واستيعاب الجميع الفلسطيني في المشروع الوطني».
بدوره، أكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس، محمود الزهار، حول مصير سلاح المقاومة في ظل مطالبات سلطات الاحتلال بنزع شرعيته لإتمام المصالحة: "لا أحد سيعترف بالاحتلال الإسرائيلي مهما كان؛ ومن يعترف ليس منا"، مشدداً على أن سلاح المقاومة لا يقايَض عليه.
وأضاف: "سلاحنا ثابت لا أحد يستطيع أن يمسه، ولن نسمح لأحد أن يمسه"، مؤكداً أن المعركة مع الاحتلال مفتوحة في سبيل تحرير الأرض.
من جهته، أكد عضو المكتب السياسي في حركة الجهاد الإسلامي الشيخ نافذ عزام، أنه لا خيار لنا سوى وحدة خندق الشرف والجهاد والمقاومة، مشدداً على التمسك بخيار المقاومة.
وقال عزام في كلمته خلال تأبين الشهيدين القساميين محمد جميل الأغا، ومصباح شبير، في خان يونس: إن خيار الجهاد للقسام والسرايا هو خيار أساسي.
وأضاف: "شرف كبير أن نقف بين يدي دماء الشهداء"، مشددًا على أن الشهداء هم الذين نقشوا أرواحهم قبل دمائهم على صفحات تاريخ الأمة.
وتابع: "مصباح شبير ومحمد الأغا أرواحهم تعانقت مع إخوانهم في السرايا يوجهون رسالة للعالم أن هذه الأرض المقدسة تفيض دوماً بالأخوة والعنفوان".
وأعلن مباركة حركته الخطوات الأخيرة والإيجابية لحركة حماس من تسليم المعبر وحل اللجنة الإدارية على طريق تنفيذ المصالحة الوطنية.
وقال: "سنبذل كل جهدنا من أجل وحدة شعبنا والتصدي لكل من يهدد أمنه ويهدد مقدساته".
جدير بالذكر، أن حركتي فتح وحماس تمكنتا من تنفيذ الشطر الأول الأقل تعقيداً من اتفاق المصالحة المتمثل في «تمكين» الحكومة الفلسطينية من ممارسة عملها في القطاع على كل الوزارات والمرافق والقطاعات، باستثناء الأمن الذي بقي في «يد» حركة حماس، كما تم تسليم المعابر لأجهزة السلطة.
ووفقاً للجدول الزمني لآليات تنفيذ اتفاق المصالحة الموقع في القاهرة في 12 من الشهر الماضي، الذي توافقت عليه الحركتان برعاية مصرية مباشرة وحثيثة، فإن كل الفصائل ستلتقي في 21 من الجاري في العاصمة المصرية لبحث الملفات الأكثر تعقيداً.
وستبحث الفصائل ملفات عدة هي إعادة تفعيل المجلس التشريعي، وتشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة وبرنامجها السياسي، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية كمظلة وطنية تضم حركتي حماس والجهاد الإسلامي، والانتخابات الرئاسية والتشريعية وانتخابات المجلس الوطني.