استأنفت فرق الدفاع المدني صباح اليوم، عمليات البحث وذلك لليوم الـ5 على التوالي عن المفقودين داخل نفق سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي شرق خان يونس جنوبي قطاع غزة،
والذي قصفته طائرات الاحتلال، وأدى إلى استشهاد 7 مقاومين وفقدان آخرين وإصابة عدد كبير من رجال الإنقاذ.
وقالت مصادر محلية، إن عمليات البحث تتم قرب الشريط الشائك وسط تحليق طائرة "فانتوم" التي تتابع عملية الحفر، فيما تمنع قوات الاحتلال البحث داخل ما يسمى "المنطقة العازلة" رغم أنها تقع ضمن الأراضي الفلسطينية في قطاع غزة.
في السياق، كشف رئيس مستشفى شهداء الأقصى كمال خطاب، تفاصيل خطيرة حول استشهاد عدد من المقاومين وإصابة عدد كبير من رجال الإنقاذ خلال عملهم داخل نفق سرايا القدس الذي قصفه جيش الاحتلال الاثنين الماضي.
وأكد خطاب في تصريحات صحفية، أن قوات الاحتلال استخدمت غازات غير معروفة وأكبر من قدراتنا، لكن المؤشرات الأولية تفيد بأنه نوع خطير من الغازات السامة، لا سيما وأن المصابين كانوا مهيئين كفريق إنقاذ من خلال لبس بدلات الغوص وأجهزة التنفس الصناعية.
وقال خطاب: "وفق شهادات المنقذين من الدفاع المدني، بعد مئات الأمتار من دخولهم النفق يشعرون بدوار وعدم وضوح في الرؤية وعدم قدرة على الكلام والمشي ويُغمى عليهم".
ولفت خطاب إلى مؤشر خطير حصل مع الشهداء السبعة، حيث "أنه بعد استشهادهم بساعات نزفوا دم من الأنف والأذن، وهذا يؤكد وجود مواد سامة تؤدي إلى تهتك في الأنسجة".
وأوضح خطاب أن هذه الدلالات تحتاج إلى بحث معمق في الصواريخ والغازات المستخدمة من قبل الاحتلال، مؤكداً على أنه لم يمرّ عليهم في المشفى من قبل مثل هذه الحالات، وأضاف "وفي الحروب الأخيرة استخدم الاحتلال غازات لكن ليس بهذه الطريقة ولا هذه الأعراض".
وطالب مدير مشفى شهداء الأقصى بتدخل الجهات الدولية المسؤولة لمعرفة طبيعة الغازات المستخدمة، وفضح جرائم الاحتلال، والتدخل لتمكين طواقم الإنقاذ من استكمال عملها في ظل محاولات قوات الاحتلال عرقلة عمليات البحث عن المفقودين.
وفي هذا السياق، اشترط جيش الاحتلال لاستكمال أعمال البحث عن المفقودين بالنفق المستهدف شرق خان يونس، بحدوث تقدم في ملف جنود الاحتلال الأسرى في قطاع غزة، في محاولة ابتزاز واضحة للمقاومة ولاسيما حركة حماس.
وعرضت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس العام الماضي صوراً لأربعة جنود للاحتلال وهم: "شاؤول آرون" و"هادار جولدن" و"أباراهام منغستو" و"هاشم بدوي السيد"، رافضة الكشف عن أية تفاصيل تتعلق بهم دون ثمن.
وتشترط حركة حماس أن أي مفاوضات مع الاحتلال تتعلق بصفقة تبادل أسرى، "لن تتم إلا بعد الإفراج عن محرري صفقة شاليط، الذين أعيد اعتقالهم مؤخراً".
بيان الدفاع المدني
هذا وأصدر جهاز الدفاع المدني الفلسطيني بياناً بخصوص البحث عن المفقودين في جريمة قصف النفق شرق خان يونس جنوبي قطاع غزة.
وأكدت البيان أنه: "منذ اللحظة الأولى لقصف الاحتلال الإسرائيلي نفقاً للمقاومة شرق خان يونس يوم الاثنين الموافق 30102017م، هرعت أطقم الإنقاذ بجهاز الدفاع المدني وبدأت جهودها في عمليات البحث عن المحتجزين داخل النفق، وبعد مرور 3 أيام على الحادثة لا يزال هناك العديد من المفقودين داخل النفق لم تستطع أطقم الإنقاذ الوصول لهم؛ نتيجة لصعوبة عمليات البحث نظراً لقرب المنطقة من السياج الحدودي مع الأراضي المحتلة، بالإضافة لانبعاث غازات خانقة بشكل كثيف من المكان".
وأضاف البيان: "في سبيل ذلك؛ تواصل جهاز الدفاع المدني الفلسطيني مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أجل إجراء التنسيق اللازم مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي للسماح لأطقمنا بالعمل في المنطقة المحاذية للسياج الحدودي لاستكمال عمليات البحث، ومرت عدة أيام دون تلقينا الرد على ذلك"، وأشار البيان إلى أنه "وبعد مماطلة سلطات الاحتلال لعدة أيام، أُبلغنا اليوم (أمس الخميس) من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر برفض الاحتلال السماح بالدخول لتلك المنطقة واستكمال عمليات البحث، واشتراطه مقابل ذلك الحصول على معلومات تتعلق بجنوده المفقودين خلال العدوان الأخير على غزة عام 2014م".
وأكد جهاز الدفاع المدني على ما يأتي:
"أولاً: إن هذه الاشتراطات من قبل الاحتلال هي عمل مُخالف لكل القوانين والاتفاقات الدولية، وتُعتبر ابتزازاً في قضية إنسانية لا يمكن ربطها بأي شيء آخر يطالب الاحتلال به.
ثانياً: نطالب جميع المنظمات الإنسانية والحقوقية الدولية والأمم المتحدة بالضغط على الاحتلال من أجل تمكين أطقم الدفاع المدني من الدخول للمنطقة الحدودية شرق خان يونس واستكمال عمليات البحث عن المفقودين.
ثالثاً: نؤكد أن كلّ تأخيرٍ يقوم به الاحتلال في هذا الأمر من شأنه أن يُهدد أي فرص بالعثور على المفقودين أحياء".
التماس لتمكين فرق الإنقاذ أداء مهامها
إلى ذلك، قدّم مركز عدالة ومركز الميزان لحقوق الإنسان (غزّة) مساء الخميس، 2.11. التماساً لـ"محكمة" الاحتلال يطالبان فيه بإجبار جيش الاحتلال على إتاحة الدخول الفوري لطواقم الإنقاذ الفلسطينية في غزة إلى "المنطقة العازلة" من أجل البحث عن المفقودين العالقين تحت الركام وإنقاذهم.
وجاء في الالتماس الذي قدمته المحامية منى حداد من مركز عدالة: "نجحت طواقم الإنقاذ بالوصول لمسافة 300 متر عن الشريط الحدوديّ، إلا أنّها لم تتمكن من الوصول إلى المفقودين والعالقين الموجودين في منطقةٍ أقرب للشريط، وذلك بسبب المنع الذي يفرضه الجيش الإسرائيليّ على دخول الفلسطينيين لمسافةٍ تقل عن 300 متر من الشريط، وهي المنطقة التي تعرّفها إسرائيل كمنطقةٍ عازلة. وهذا بالرغم من كونها أرض فلسطينية وتقع داخل حدود قطاع غزّة، وأن الطواقم هي طواقم طبيّة وطواقم إنقاذ".
وأكدت المؤسستان أن الاحتلال بمنعه البحث عن المفقودين وإنقاذهم ينتهك القوانين والأعراف والاتفاقيات الدولية، وتضيف المحامية حداد في هذا السياق أن "حماية الجرحى في زمن الحرب، وواجب توفير العلاج الطبي اللازم، ونقل جثث القتلى، وحصانة سيارات الإسعاف والمستشفيات والطواقم الطبيّة، هي بمثابة مبادئ مؤسِّسة في القانون الدولي الإنساني وفي مواثيق جنيف الأربعة. لذلك، فإن حركة الطواقم الطبية وطواقم الإنقاذ يجب أن تكون حرة، من أجل تمكينهم من البحث عن المفقودين دون أي تأجيل، ومن أجل زيادة احتمالات إنقاذهم وهم على قيد الحياة".
وعن موقف شرط "التقدّم بالمفاوضات حول الأسرى الإسرائيليين في غزة" الذي فرضته حكومة الاحتلال لقاء السماح لطواقم الإنقاذ بممارسة عملها، فقد جاء في التماس عدالة أنّ "الحكومة الإسرائيليّة تستخدم هؤلاء المفقودين العالقين تحت الأنقاض كورقة مساومة لأهدافٍ سياسيّة، وهي اعتبارات رفضتها المحكمة العليا سابقًا ورأت أنها لا تبرر مثل هذا المسّ الخطير وغير المحمول بحياة العالقين تحت الأنقاض".
على ضوء ذلك، طالب مركز عدالة ومركز الميزان "محكمة" الاحتلال بإصدار قرار يلزم جيش الاحتلال السماح بدخول طواقم الإنقاذ إلى "المنطقة العازلة" لأداء مهامهم.