نعى مجلس الوزراء في مستهل جلسته الأسبوعية التي عقدها في مدينة رام الله، اليوم الثلاثاء برئاسة رامي الحمد الله، إلى جماهير شعبنا شهداء الجريمة التي اقترفتها قوات الاحتلال يوم أمس في قطاع غزة، وأدت إلى استشهاد سبعة مواطنين، فيما لا يزال خمسة مواطنين في عداد المفقودين، وإصابة أربعة عشر مواطنا والتي وصفت حالتهم ببالغة الخطورة.
ودان المجلس بشدة هذا العدوان، مؤكدا أنه يستوجب من المجتمع الدولي وعلى رأسه الإدارة الأميركية اتخاذ إجراءات حازمة لإلزام إسرائيل بوقف كافة الاعتداءات على أبناء شعبنا، والعمل على توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.
ودعا أبناء شعبنا إلى المزيد من التلاحم والتكاتف والتمسك بخيار الوحدة والمصالحة الوطنية والعمل بكل جدية لضمان نجاحها كرد على هذا العدوان الإسرائيلي الخطير، مؤكدا لمناسبة الذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم حق شعبنا في الدفاع عن نفسه بكافة الوسائل التي كفلتها المواثيق الدولية لشعب يقع تحت الاحتلال، وحق شعبنا في الدفاع عن وحدته ومصيره ووحدة أراضيه، وحقه في الحرية والاستقلال وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس.
ودان المجلس تصريحات رئيسة الوزراء البريطانية "تيريزا ماي" التي أكدت فيها إصرار بلادها على الاحتفال بهذه الذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم، وافتخارها بدور بريطانيا في تأسيس دولة إسرائيل، وأكد المجلس أنه من العار حتى بعد مرور 100 عام على وعد بلفور، تنظيم احتفالات استفزازية بتلك الجريمة والخطيئة الكبرى، وهو ما يدل على أن هذا الوعد ما زال قائما بنفس النهج والتفكير والعقلية الاستعمارية البريطانية التي ترفض مراجعة نفسها، وتحمل مسؤولية خطئها التاريخي الذي ارتكبته بحق شعبنا وترفض الاعتذار، كسلوك سياسي وأخلاقي يليق بالدول التي تحترم نفسها.
وشدد على رفضه واستنكاره لهذه الجريمة التي كانت حجر الأساس في التمهيد لسلسلة من الأحداث التاريخية والسياسية اللاإنسانية التي أدت إلى تجريد الشعب الفلسطيني من حقوقه الوطنية، والتهجير القسري له وحالة اللجوء المستمرة إلى يومنا هذا، وما زال شعبنا الفلسطيني يدفع ثمنها غاليا من أرضه ودماء أبنائه ومعاناته اليومية.
وطالب الحكومة البريطانية بتصحيح هذا الخطأ التاريخي الذي ارتكبته بحق شعبنا من خلال الاعتراف بمسؤوليتها التاريخية والقانونية والأخلاقية عن الأضرار التي لحقت بشعبنا نتيجة للسياسات التي طبقت بسبب إعلان بلفور، وإصدار اعتذار رسمي عن دور بريطانيا في هذا الظلم المستمر، والاعتراف بدولة فلسطين على حدود عام 1967، والتعويض للشعب الفلسطيني وفقا لأحكام ومبادئ القانون الدولي والعدالة والمساواة، والتزامها القانوني لضمان احترام القانون الدولي الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك اتخاذ جميع التدابير الفعالة لوقف جميع الاتفاقيات والتعاملات التجارية مع النظام الاستعماري غير الشرعي في فلسطين المحتلة.
وفي السياق، توجه مجلس الوزراء بالتحية إلى زعيم المعارضة في المملكة المتحدة "جيريمي كوربين"، لرفضه حضور "الحفل الرسمي" المقرر بمناسبة الذكرى المئوية لإعلان وعد بلفور، داعيا بهذه المناسبة أبناء شعبنا الفلسطيني في مختلف مناطق تواجده إلى المشاركة في الفعاليات والمسيرات الرافضة لهذا الوعد، مشدداً على أن إحياء الذكرى المئوية تأتي مترافقة مع استمرار الجرائم الإسرائيلية ضد أرضنا ومقدساتنا وشعبنا الأعزل في الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة، وما يتعرض له أهلنا في مخيمات اللجوء والشتات من معاناة وقهر وتهجير.
وأكد المجلس على أن الوفاء لمعاناة اللاجئين ولحقوقهم يستدعي منا جميعا تسريع تحقيق المصالحة الوطنية، وإنهاء الانقسام وإعادة اللحمة بين جناحي الوطن، واستنهاض طاقات شعبنا لتوفير المزيد من مقومات الصمود والبقاء في مواجهة مخططات الاستيطان والتشريد والاقتلاع، والبناء في مواجهة الهدم والتدمير، وحماية هويتنا الوطنية وصونها، ومواصلة الكفاح لإنهاء الاحتلال وتحقيقه الاستقلال.
كما توجه بالتحية إلى شعوب العالم الحر كافة، وأصحاب الضمائر الحية والعمل على حشد الرأي العام العالمي بهدف اختراق الثقافة المجتمعية البريطانية والغربية بوجه الخصوص، والعالمية بشكل عام، لكشف تقاعس وتلكؤ المجتمع الدولي عن إنجاز حقوقنا الوطنية والحضارية في وطنه المحتل نتيجة لهذا الوعد، الذي شكل سابقة تاريخية فريدة، وكشف الانحياز البريطاني بالذات، والغربي بشكل عام، للكيان الإسرائيلي، وهو ما يستدعي ضرورة إزالة آثار هذا الوعد، ووضع المجتمع الدولي ومؤسساته والهيئات الحقوقية والمنظمات السياسية والأحزاب التحررية أمام مسؤولياتها ودورها من أجل تلاشي تصاعد خطورة الإنفجار في إنصاف شعبنا الفلسطيني.
واستمع إلى تقارير الوزراء حول تسلم وممارسة مهامهم في المحافظات الجنوبية والخطوات العملية الهادفة إلى التسريع في تحقيق المصالحة الوطنية وتعزيز الاتصال والتواصل، وتجسيد العمل الواحد لتكريس الوحدة بين شطري الوطن، ولإعادة ضخ الدماء والحياة في مختلف مناحي الحياة التي أنهكتها سنوات طِوال من الانقسام والحصار والعدوان، وبهدف إحداث التغيير الملموس على حياة أهلنا في قطاع غزة بأقصى سرعة ممكنة، بالإضافة إلى العمل على تنفيذ المشاريع التنموية المختلفة فيه، وبما يساهم في استعادة القطاع لدوره الاجتماعي والاقتصادي والثقافي الهام.
ودان قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي بإقامة حي استيطاني جديد، يضم أكثر من عشرة آلاف وحدة استيطانية جديدة على الأرض الفلسطينية المحتلة المعروفة بمنطقة مطار قلنديا شمال غرب القدس المحتلة، معتبرا أن هذا القرار من أكثر القرارات الاستيطانية التصعيدية خطورة واستفزازاً للشعب الفلسطيني والجهود المبذولة من قبل الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي لاستئناف العملية السياسية، ومحاولة مكشوفة وحاسمة لفصل القدس الشرقية المحتلة عن امتدادها الفلسطيني. وقطع الطريق أمام أي حلول لقيام دولة فلسطين تكون القدس الشرقية عاصمة لها.
كما حذّر من خطورة المرحلة الحالية التي تحاول فيها الحكومة الإسرائيلية تمرير مشروع ما يسمى "بالقدس الكبرى"، في تحدٍ واضح للمجتمع الدولي والإصرار على فرض سياسة الأمر الواقع، والذي يهدف لاستكمال عزل مدينة القدس المحتلة بحدود عام 1967 عن محيطها الفلسطيني، ومحاولة لهدم أي وجود لدولة فلسطين.
وأشار إلى أن التفكير في مثل هذا المشروع يشكل إمعاناً في سياسة الاحتلال الإسرائيلي الرامية إلى استكمال تهويد المدينة المقدسة وتفريغها من مضمونها الفلسطيني والعربي، عبر عزل جزء من أحياء القدس، التي تضم حوالي ثلث سكان القدس المحتلة.
واعتبر المجلس أن إقرار هذا المشروع سيشكل ضربة لكافة الجهود الدولية الرامية لإعادة إحياء العملية السياسية، ويعيق حل الدولتين، ويشكل انتهاكاً سافراً للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية والأمم المتحدة بالخصوص، وهو تأكيد على أن الحكومة الإسرائيلية لن تدخر أي جهد لتقويض وإفشال جميع الجهود الدولية الرامية إلى إحياء مفاوضات جدية وحقيقية لحل الصراع، لرفضها الإقرار بحقوق شعبنا التي أقرتها الشرعية الدولية، مشدداً على أن إسرائيل لن تنعم بالأمن والسلام طالما لم ينعم بهما شعبنا الفلسطيني، وطالما ظلت إسرائيل رافضة الإقرار بحقوق شعبنا كاملة غير منقوصة، وتمكين شعبنا من تجسيد سيادته واستقلاله وإقامة دولته على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين الذين أخرجوا من أرضهم وديارهم بالقوة والإرهاب، وإطلاق سراح أسرانا البواسل الذين يتعرضون لأبشع أشكال الظلم والقهر والتعذيب والتنكيل في المعتقلات الإسرائيلية.
واستنكر المجلس محاولة اغتيال القيادي في حركة "حماس" توفيق أبو نعيم في قطاع غزة، وتمنى المجلس له الشفاء العاجل والتام، وحذّر المجلس من أن هذه الأعمال تهدف لخلط الأوراق في الساحة الفلسطينية، وإثارة الفوضى وتوتير الأجواء وتعطيل اتفاق المصالحة وتوحيد الصف الفلسطيني، وشدد على ضرورة توخي الحذر في هذه المرحلة الدقيقة، وعدم ترك أي فرصة أو ثغرة للأيادي الخبيثة التي لا تريد إنهاء الانقسام، كما شدد المجلس على ضرورة ضبط الجناة وتقديمهم إلى العدالة.
وتقدم المجلس بالتهنئة والتبريك إلى أبنائنا الأسرى الذين نجحوا في امتحان الثانوية العامة "إنجاز" لهذا العام، مما يدل على حجم الإصرار باتجاه استكمال التحصيل العلمي لأسرانا البواسل، رغم كل المعيقات التي يفرضها الاحتلال، وتوجه المجلس بالشكر والتقدير لطواقم وزارة التربية والتعليم العالي على جهودها في إنجاح هذا الامتحان بالتعاون مع هيئة شؤون الأسرى والمحررين، كما هنأ المجلس وزارة التربية والتعليم العالي على إصدارها لدليل معلمة رياض الأطفال والذي يعتبر اللبنات الرئيسية نحو تحقيق إلزامية التعليم ما قبل المدرسي وفق المسيرة التطويرية للتعليم التي تنتهجها الحكومة.
وأشاد بانعقاد المنتدى الحضري الفلسطيني الثاني بعنوان "نحو توطين الأجندة الحضرية، رسم مستقبل المدن الفلسطينية"، الذي يتزامن انعقاده مع يوم المدن العالمي المخصص يوم 31 تشرين الأول /أكتوبر من كل عام للاحتفال به بهدف تعزيز اهتمام المجتمع الدولي بالتحضر العالمي. وثمّن المجلس انتخاب دولة فلسطين ممثلة في وزارة الحكم المحلي كأحد نواب المؤتمر لمنطقة الشرق الأوسط خلال المؤتمر العالمي الأممي الذي عقد في مدينة كيتو في الإكوادور. كما ثمّن المجلس جاهزية وزارة الحكم المحلي لتكون سباقة في التحضير للمؤتمر الدولي الأممي الذي سيعقد في كوالالمبور في ماليزيا، في العام القادم.
وعلى صعيد آخر، هنأ المجلس وزير الصحة الدكتور جواد عواد على انتخابه نائباً لرئيس اللجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية في حوض المتوسط، وذلك خلال اجتماعات الدورة الرابعة والستين لمنظمة الصحة العالمية المنعقدة في الباكستان، متمنياً له المزيد من النجاح والتقدم بما يخدم فلسطين ويرفع اسمها عالياً في كافة المحافل الدولية.
المصدر: وفا