كشفت دراسة جديدة عن أن التكاليف الاقتصادية لهدم البيوت في القدس من قبل الاحتلال الإسرائيلي تجاوزت تسعة مليارات دولار خلال الفترة الممتدة من 1967م إلى 2013م.
وأظهرت الدراسة التي أعدها الباحث عيسى سميرات لصالح مركز المعلومات البديلة في القدس ونُشرت نتائجها مؤخرا، أن الاحتلال الإسرائيلي هدم وأزال حوالي أربعة آلاف منزل منذ عام 1967، مما أدى إلى تشريد ثلاثين ألف مقدسي معظمهم من الأطفال.
وتبين الدراسة أن أشكال وادعاءات الهدم الإسرائيلية تتنوع بين أربعة، هي: الهدم العسكري (48%)، والهدم العقابي (6%)، والهدم الإداري (20%)، والهدم غير معروف الأسباب (24%). ويعتقد معظم المقدسيين -وفق الدراسة- أن البناء دون ترخيص يأتي نتيجة لعدم منح تراخيص إسرائيلية للبناء لأسباب سياسية.
وتشير الدراسة إلى أن الضحايا تحملوا جراء ذلك تكاليف اقتصادية وغير اقتصادية، وآلاما كثيرة ومتعددة أثرت سلبا على مستقبلهم، بدءا من شراء قطعة الأرض بثمن مرتفع، ثم بناء البيت على نفقة الأسرة الخاصة، فضلا عن دفع ملايين الدولارات أتعاب محامين وبدل غرامات ومخططات ورسوم علاج بعض أفراد الأسرة في مصحات عقلية ومستشفيات، وما إلى ذلك من التحاق رب الأسرة بركب البطالة، مرورا باستئجار بيت أو خيمة لا تتسع للجميع، وصولا إلى فقدان وحدة العائلة التي لا تزال تشكل المكون الاجتماعي الرئيس في فلسطين.
ويوضح الباحث سميرات أن المقدسيين خسروا حقوق الملكية ومصادر عملهم ووظائفهم، وقد يظل الفرد منهم يبحث عن بيتٍ يقيم فيه لمدة تزيد على خمس سنوات بعد عملية الهدم، منبها إلى أن نسبة البيوت المُهدمة تقدر بـ25% من مساحة الأحياء غير المرخصة في القدس، في الوقت الذي ما زال فيه 85 ألف مقدسي يعيشون في تهديد دائم بهدم بيوتهم، في ظل غياب حل لإنهاء معاناتهم المستمرة.
وتذكر الدراسة أنه لا زال 15 ألف بيت -تُشكل ثلث أحياء القدس الشرقية- يهددها خطر الإزالة والتدمير، ولا يتمتع الأشخاص الذين يعيشون فيها بأدنى الحقوق الأساسية، إذ يمنعهم القانون الإسرائيلي من استخدام شبكتي المياه والمجاري، وهو ما أدى إلى انتشار أمراض خطيرة بينهم.
وتوضح الدراسة أنه لا يوجد ما يدل حتى الآن على أن هدم البيوت هو الحل لوقف البناء دون ترخيص أو التقليل من حجمه، إذ تُظهر نتائج الدراسة المسحية أن عدد البيوت التي بُنيت بترخيص يُشكل 17% فقط من عدد البيوت المبنية في هذه الفترة، فمثلا بني 1400 بيت مرخص مقابل 6700 غير مرخص بين 1992 و2001.
وتذهب الدراسة للتأكيد على أن عمليات الهدم لم يتم تنفيذها وفق ضوابط الضرورة العسكرية المطلقة وغير مجدية لتحقيق الأمن، موردة ما ذكرته دراسة إسرائيلية من أنه لم تعد هناك علاقة بين عدد العمليات التي ينفذها الفلسطينيون وبين ارتفاع عمليات هدم البيوت كعقاب.
المصدر: الجزيرة نت