Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

"النمر" يفشل أوهام الاحتلال بعد سبعة عشر عاماً

  راسم عبيدات العملية التي نفذها الشهيد نمر الجمل في مستوطنة "هار ادار"، أثارت الكثير من التساؤلات وردود الفعل الإسرائيلية على المستوى الرسمي، ومنها مدى قدرة أجهزة الأمن الإسرائيلية على توفير الأمن والأمان لمواطنيها،

حيث تتبجح في مرحلة الهبوط الإنتفاضي وخفوت الإشتباك الشعبي بالقول بأن الهبات الشعبية والإنتفاضات الفلسطينية قد إنتهت، وكذلك الإسرائيليون تسرب إليهم هذا الوهم الخادع والمضلل ففي إستطلاع للرأي حول أهم الأشياء التي تقلقهم وتشغلهم في حياتهم، لم تكن القضية الفلسطينية على رأس سلم أولوياتهم، فهم أصبحوا يشعرون بالأمان، ولذلك كانت الرسالة بالنار للشهيد الجمل تحدث صدمة وإرباكاً عند أجهزة أمن الإحتلال والمجتمع الإسرائيلي.

والشيء الذي يجب أن نركز عليه بشكل كبير بأن توقيت العملية أتت بعد "طوفان" من الدعوات العربية للتطبيع العلني مع دولة الإحتلال فوزير الخارجية السعودي الجبير في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثانية والسبعون قال بشكل واضح لا داعي لإستمرار النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي وسبقه ملك البحرين في تخطئة المقاطعة العربية لدولة الإحتلال ودعوة مواطنيه لزيارة دولة الإحتلال، وكذلك كان حجم الإحباط واليأس كبيراً في خطاب الرئيس عباس في الجمعية العامة عندما قال: "نحن سلطة بلا سلطة"، والإستيطان يلتهم كل الأرض الفلسطينية، والقمع الإسرائيلي بكل أشكاله وتجلياته ونماذجه للشعب الفلسطيني متواصل بلا توقف والحكومة الإسرائيلية في قمة عنجهيتها وأعلى درجات البلطجة والزعرنة والرعونة، وتصريحاتها تركز على نهاية القضية الفلسطينية، وبأنها ليست أساس وجذر الصراع في المنطقة، وتزهو وتتباهى بأن علاقاتها مع ما يسمى بالمحور السني العربي متطورة وأعمق وأوسع مما ينشره الإعلام، وهي تتخطى علاقة اسرائيل في الإتحاد الأوروبي.

ولذلك اعتقدت حكومة الإحتلال ومعها أمريكا، بأن القضية الفلسطينية قد انتهت، وأن ساعة تصفيتها قد أزفت، بانية هذه المواقف على التطبيع الرسمي العربي معها، والذي ينتقل بشكل سريع من جوانبه السرية إلى العلنية ويأخذ أبعاداً أكثر من التنسيق والتعاون إلى مرحلة التحالف والإندماج الكلي،غير مدركة بأن شعب مصر رغم اتفاقية كامب ديفيد التي مضى عليها 39 عاماً فالتطبيع مع الاحتلال بقي في الإطار الرسمي، أما الشعب المصري فقد بقي رافضاً لهذا التطبيع، وكان شعبياً ومؤسساتياً يجرم كل من يطبع مع الإحتلال، ويتخذ بحقه إجراءات عقابية رادعة، ولذلك هذه المواقف لأنظمة غير شرعية وعاجزة ومتهالكة لا تعبر عن حقيقة الموقف العربي الشعبي، والعبرة فيما جرى في هبة باب الأسباط، عندما حاول المحتل المس بالمسجد الأقصى ومحاولة السيطرة عليه بخطة متدرجة بدات بنصب بوابات الكترونية ومحاولة نصب كاميرات ذكية، فالجماهير العربية قاربت على أن تقلب الطاولة على رأس انظمتها، ولربما وصلت الأمور حد الإنفجار الشمولي لو إستطال أمد هذه الهبة والأزمة لمدة أطول.

الشهيد الجمل الهادئ ذو الوضع الإقتصادي الجيد، والحاصل على تصريح دخول للعمل في المستوطنات والداخل الفلسطيني- 48، حاولت أجهزة أمن الإحتلال أن تشوه صورته الشخصية، وأن تقول بأن عمليته لم تكن نتيجة قناعات وطنية ورغبة وحباً في المقاومة، بل هي أتت نتيجة خلافات عائلية وأسرية، وفي كل مرة ومع كل عملية تحصل، تحاول ان تبعد عنها صفة المقاومة، وأنها نتيجة ظلم وقهر وبطش الإحتلال، فتارة يتم ربط المنفذ بالإرهاب والعلاقة مع "داعش"، كما هو الحال في عملية الشهيد فادي القنبر، عندما دهس جنود الإحتلال بشاحنته على قمة جبل المكبر، وأخرى بالفقر والعوز أو الخلافات الأسرية والعائلية، وكأن الفلسطيني الذي يشاهد مسلسل الذل الذي يتعرض له شعبه بشكل يومي، بحاجة إلى سبب لكي ينخرط في النضال والمقاومة.

ومن استمع لتصريحات قادة الإحتلال بعد العملية يدرك مدى عنجهيتهم ورفضهم البحث عن أي خيار تفاوضي وسلمي غير خيار التوعد بالقتل والإعدام والمزيد من البطش، فالمتطرف ليبرمان يدعو إلى تفعيل قانون الإعدام بحق أسرى شعبنا والمتطرفة العنصرية نافا بوكر نائبة رئيس الكنيست الصهيوني تدعو إلى إلقاء جثث شهداء شعبنا في البحر، وما تسمى بوزيرة العدل الصهيوني اييليت شاكيد، تقول بأن القضاء جزء من الإستيطان، ووزير أركان جيش الإحتلال ايزنكوت يستجيب لطلب الجندي ازاريا بتخفيف حكمه على قتله بدم بارد للشهيد عبد الفتاح الشريف من عام ونصف إلى أربعة شهور وخدمة للجمهور، حكم مسرحي وهزيلي في زمن عربي مسرحي وهزلي أيضاً، ففي الوقت الذي يحكم فيها قاتل عمداً وبدم بارد بالسجن عام ونصف، وأطفال فلسطينيون يحكمون ثمانية عشر عاماً ومائتي ألف شيكل غرامة، لمجرد محاولتهم طعن مستوطنتين، فهذا يفضح حكومة الإحتلال وقضاء الإحتلال بشكل سافر.

ونتنياهو يقول أيضاً: سنهدم بيت منفذ العملية ولا تهاون مع "القتلة" و"الإرهابيين" وسنعمل على تغيير سياسة منح التصاريح، ناهيك عن سحب تصاريح عمل عائلة وأقارب الشهيد، وسنفرض المزيد من العقوبات الجماعية عليهم، وبما يشمل سن قانون طرد عائلات الشهداء لقطاع غزة وخارج فلسطين.

من يتسرب إلى قلبه بأن مثل هؤلاء المتطرفون سيصنعون سلاماً مع شعبنا فهو واهم، ويعيش خارج التاريخ البشري العاقل، فالسلام الذي يريدونه، هو ما طرحه المتطرف والعنصري بتسلئيل سموتريتش من حزب "البيت اليهودي"، من مشروع سياسي "خطة الحسم" يتلخص بتصفية القضية الفلسطينية من خلال فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة وتكثيف الاستيطان وحل السلطة الفلسطينية وتشجيع الفلسطينيين على الهجرة لخارج فلسطين التاريخية.

نعم يا أيتها المتطرفة شاكيد قضاؤكم جزء من الإستيطان وجزء من تبرير قتل شعبنا ورفض الإعتراف بوجوده، ولذلك الشهيد الجمل ليس ما دفعه لهذا العمل، هو خلافاته الأسرية والعائلية، بل إحتلالكم البغيض ومجمل ممارساتكم القمعية والإذلالية ووجود متطرفة مثلك كوزيرة للقضاء.