تحل يوم غد السبت، الذكرى الـ35 لمجزرة صبرا وشاتيلا التي وقعت في 16 من أيلول/سبتمبر عام 1982 في مخيمي صبرا وشاتيلا في العاصمة اللبنانية بيروت.
واستمرت المجازر المرتكبة بحق أبناء المخيم لمدة 3 أيام وهي 16-17-18 أيلول سقط خلالها عدد كبير من الشهداء في المذبحة من رجال وأطفال ونساء وشيوخ من المدنيين العزّل، من الفلسطينيين، وبعض اللبنانيين، وقدّر عدد الشهداء وقتها بين 3500 إلى 5000 شهيد من أصل 20 ألف نسمة كانوا يسكنون صبرا وشاتيلا وقت حدوث المجزرة.
ويؤكد الكاتب محمود كعوش في رأي اليوم، بأنه في تلك الجريمة الوحشية تحالف أعداء الإنسانية وقيم الخير والحق والعدل من صهاينة غزاة وخونة محليين جلهم من ميليشيا “القوات الانعزالية اللبنانية” لشن حرب إبادة جماعية ضد أبناء المخيمين وحزام الفقر المحيط بهما، غابت عنها أبسط متطلبات التكافؤ العسكري، أكان ذلك لجهة العدد أو لجهة العدة والعتاد. وفي تلك الجريمة النكراء والمشينة التي كان فيها التعطش لسفك الدماء "سيد الموقف" تحالف جيش الحرب الصهيوني مع الانعزاليين اللبنانيين ليسطرا معاً بالدم والحديد والنار صفحة قذرة جديدة، تُضاف إلى صفحات الإثم والعدوان التي سطرها كيان العدو الفاشي بحق الفلسطينيين على مدار أكثر من 6 عقود ونيف، بذريعة الانتقام لاغتيال الرئيس اللبناني بشير الجميل، ولغرض تصفية الفلسطينيين في المخيمين على غرار ما حدث سابقاً في مخيمات تل الزعتر وجسر الباشا وضبية وما تبعه لاحقاً في مخيم نهر البارد وما يُنتظر أن يلحق به مستقبلاً في المخيمات الفلسطينية الأخرى، والذي تعبّر مظاهره عن نفسها من خلال ما يفتعل بين الحين والآخر من ضجيج حول إسطوانة التوطين المشروخة و"إيواء الإرهابيين"!!
قرار ارتكاب مجزرة صبرا وشاتيلا اتخذته في حينه لجنة صهيونية ثلاثية شيطانية عليا تشكلت من رئيس حكومة العدو في حينه مناحيم بيغن ووزير حربه آرئيل شارون ورئيس أركان جيش حربه رفائيل إيتان، وتقرر أن تكون ميليشيا “القوات الانعزالية اللبنانية” وقبل بدء المجزرة بيومين وتحديداً مع مساء 14 أيلول 1982 عقد القادة الصهاينة الثلاثة اجتماعات تخطيط وترتيب مطولة قرروا بنتيجتها اقتحام المخيمين من قبل القوات الانعزالية اللبنانية وبعد مرور يوم على ذلك الاجتماع (في 15 أيلول 1982) اقتحمت جحافل جيش الحرب الصهيوني الجزء الغربي من مدينة بيروت وطوقت المخيمات. وبعد مرور يومين وتحديداً في صبيحة 16 أيلول 1982 تمت الدعوة إلى اجتماع حضره القائد الأعلى لقوات الشمال في جيش الحرب الصهيوني الجنرال أمير دوري وقائد المجلس الحربي للقوات اللبنانية في حينه فادي افرام، وتم بموجبه تكليف أحد كبار المسؤولين الأمنيين في القوات اللبنانية إيلي حبيقة بالإشراف على التنفيذ.
أجمع المراقبون والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية على أن المجزرة بدأت فعلياً في الساعة 5 من مساء 16 أيلول 1982 عندما قامت 3 فرق عسكرية تكونت كل منها من 50 مجرماً وسفاحاً من عناصر “القوات اللبنانية” المدججين بمختلف أنواع الأسلحة الصهيونية الفتاكة باقتحام المخيمين وجوارهما والانقضاض على السكان في مضاجعهم، وإعمال القتل والذبح في كل من وصلت إليه أياديهم الآثمة دونما تفريق بين نساء وأطفال رُضّع وشيوخ طاعنين في السن، والقيام باغتصاب الفتيات البكر والنساء وبقر بطون الحوامل منهن وإخراج الأجنة منها ونثرها فوق القمامة وفي الأزقة والشوارع ومن بعد قتلهن بالسكاكين والبلطات والآلات الحادة التي استحضروها معهم خصيصاً لذلك الغرض الشيطاني. لقد نشروا الرعب في كل مكان مخلفين وراءهم ذكرى مأساوية سوداء ومؤلمة يصعب محوها مع مرور الأيام من نفوس من نجا من هؤلاء السكان المساكين.
واستناداً لشهود عيان كُتبت لهم النجاة فإن المجزرة قد تواصلت على مدار 3 أيام سود من القتل والسحل والذبح والاغتصاب في أجواء القنابل المضيئة التي وفرتها الطائرات الحربية الصهيونية لتسهيل المهمة ووسط قيام دبابات جيش الحرب الصهيوني بإغلاق كل مخارج النجاة في المنطقة المستهدفة ومنع أي كان من الدخول إليها، بمن في ذلك الصحافيين ومراسلي وكالات الأنباء المحلية والعالمية وممثلي المنظمات المدنية والإنسانية اللبنانية والوافدة إلا بعد انتهاء المجزرة في 18 أيلول، حين استفاق العالم على مذبحة من أبشع المذابح في تاريخ البشرية فوجدوا جثثاً مذبوحة بلا رؤوس ورؤوساً بلا أعين أو أنوف أو آذان، لأكثر من 3500 طفل وامرأة وشيخ وشاب من أبناء المخيمين الفلسطينيين وحزام الفقر اللبناني المحيط بهما، وفق تقديرات توصل إليها الكثيرون من بينهم الصحفي الإسرائيلي “آمنون كابليوك “. وقد ذهب البعض إلى القول بأن العدد تراوح بين 4000 و5000 ضحية!!
وفي الوقت الذي كانت المجزرة في ذروة وحشيتها مع مُضي مرتكبيها في استباحة قدسية الروح الإنسانية واستمرار تدفق شلالات دم الأبرياء من الشعبين الفلسطيني واللبناني أيقظ المحرر العسكري الإسرائيلي رون بن يشاي وزير الحرب الصهيوني الإرهابي آرئيل شارون ليستفسر منه عما كان يجري في الشطر الغربي من العاصمة اللبنانية بيروت، فجاءه الجواب ببرودة واستخفاف “عام سعيد”!! وبعد مرور بضع ساعات على ذلك وفي خطوة دراماتيكية وقحة للتنصل من الجريمة، وقف رئيس حكومة الاحتلال الإرهابي الأكبر مناحيم بيغن في "الكنيست" وقال بفرح وسرور بالغين “جوييم قتلوا جوييم…فماذا نفعل؟”،عانياً بذلك أن “غرباء قتلوا غرباء”، أي أن “الغرباء اللبنانيين” قتلوا “الغرباء الفلسطينيين” وأن لا دخل لكيانه العنصري وجيش حربه في ما كل ما جرى!!
أعوام مضت على المجزرة ولم يجرؤ المجتمع الدولي بطوله وعرضه وقده وقديده على ملاحقة الصهاينة المجرمين الذين خططوا لها وسهلوا تنفيذها والذين كان من بينهم من واصل ولازال ارتكاب جرائم القتل والإبادة ضد أبناء الشعب الفلسطيني خلال انتفاضتيه الأولى في عام 1987 والثانية في عام 2000، وخلال الاعتداءات العسكرية الصهيونية الإجرامية على قطاع غزة في الأعوام 2007 و2008 و2010 و2014 وفي مقدمهم الإرهابي المقبور آرئيل شارون، وأقرانه في حكومات العدو المتتالية.