مع قدوم فصل الربيع من كل عام، خصوصاً بعد منتصف شهر نيسان وحتى منتصف شهر حزيران، ينتظر الناس، خصوصاً الفتيات، بكثير من اللهفة انتشار ثمار "الجنارك" الخضراء اللون على عربات الباعة الجوالين، ليتسابقوا على تناولها، بل يتباهى بعضهم في أحاديثه بأنه تمكّن من شراء ثمار الجنارك بحجم كبير، على الرغم من سعرها المرتفع،
وكما يتسابق عشاق الجنارك لشرائها، فإن الباعة هم بدورهم يتسابقون لاقتنائها، لعرضها أمام دكاكينهم بمختلف أحجامها، ويعرضونها بشكل متميز للفت نظر المتذوقين للجنارك، مع حرصهم على وجود الوعاء الممتلئ بملح الطعام الناعم على أحد جوانب عربتهم، حيث يرشونه على الجنارك لزيادة لذة مذاقه، ويبيعه البائعون الثابتون في دكاكينهم بمختلف الأوزان، وحسب طلب الزبون، فإن الباعة يبيعونه على عرباتهم عادة بأوزان قليلة (لا تتعدى مئتي غرام) للزبون، والسبب هنا أن أغلب زبائن باعة العربات هم من العابرين والمتسوقين، حيث يتناولونه مع الملح وهم يتمشون في الطرقات.
الجنارك الذي يُعتبر أحد أصول ثمار الخوخ، ويُقطف عادة بلونه الأخضر قبل أن يتحول إلى خوخ بطعمه الحامض، يقبل الكثير من الناس على تناوله، وحسب الباعة والمهتمين، فإن النساء والفتيات الشابات، بشكل خاص، هن الأكثر إقبالاً على شراء وتناول الجانرك، بسبب حموضته التي تمنحهن شعوراً بالحيوية والنشاط، ولذلك يتناولنه في أي وقت من النهار والمساء، فيما يفضل الرجال تناوله مرة واحدة فقط مع طبق الثمار المسائي.
وعلى الرغم من أن الجنارك لا يُستخدم سوى كفاكهة موسمية ولأسابيع قليلة، حيث يتحول مذاقه الحامضي بعد ذلك إلى مذاق حلو مع تغيّر في لونه من الأخضر إلى اللون الأصفر، فإنه عادة يؤكل مع الملح الذي يكمل مذاقه اللذيذ، فيما لا يمكن تناوله بالملح بعد أن يميل طعمه للحلاوة، وعلى الرغم من ذلك فإن بعض ربّات البيوت الماهرات عملن على تخليله بشكل متقن، بحيث انضم الجنارك المخلل إلى العديد من ثمار الفاكهة التي يخلّلنها، وبات يباع مخللاً في أوان زجاجية مغلقة في أي وقت من العام، ومعلوم أن نجاح تخليله يعتمد على قساوته وحموضته، وليس حجمه، إذ يمكن تخليل الجنارك ذي الحجم الوسط والكبير، لكن سيتغير مذاقه قليلاً مع تخليله.
يرى الباحثون والأطباء أن للجنارك العديد من الفوائد الصحية والغذائية، فهو غني بالماء والألياف الغذائية ومضادات الأكسدة وفيتامين "C"، والمعادن، كالبوتاسيوم والماغنسيوم والفوسفور، ولذلك فإن الجنارك يُعتبر "سناكاً" صحياً لذيذاً يؤكل بين الوجبات، بسبب قلة محتواه من الوحدات الحرارية والسكريات، لكن مع الانتباه إلى عدم الإكثار من رش الملح عليه، للمحافظة على قيمته الغذائية، وتجنباً لتأثيرات الملح السلبية على الصحة.
أما فوائد ثمار الجنارك، فهي أنها تحسّن الشهية، وتنشط عملية الهضم، وتعزز المناعة، كما أنّها تليّن الأمعاء وتنظّفها من الفضلات، وبالتالي تكافح الإمساك، وتحمي الجهاز الهضمي من المشكلات السرطانية، بسبب محتواها من الألياف الغذائية ومضادات الأكسدة، ومن فوائدها أيضاً أنها تحسّن المزاج وتشعر بالسعادة والحيوية، بسبب وجود المغنسيوم، وتضبط الضغط الشرياني لمحتواها من البوتاسيوم، كما أنها مدرّة للبول ومفيدة للوقاية من أمراض الكلى.
وينصح الباحثون بعدم الإفراط في تناول الجنارك، لأنه قد يسبب الانزعاج الهضمي والإسهال، بسبب محتواه الكبير من الألياف الغذائية.