Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

القرار الأممي 2334.. حتى لا نغرق في التفاؤل..!

القرار الأممي 2334.. حتى لا نغرق في التفاؤل..!

  راسم عبيدات نعم مثل هذا القرار لم يتخذ منذ 36 عاماً، حيث كان هناك قراراً شبيهاً وبنفس المضامين في 22 تموز 1979، وهذا القرار الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي مساء أمس بموافقة 14 دولة وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت،

بعدم شرعية الإستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ودعوة حكومة الإحتلال إلى وقف كافة انشطتها الإستيطانية في الضفة الغربية والقدس، وعدم جواز تغير الوضع القائم إلا بموافقة الطرفين، فهذا القرار شكل انتصاراً للحق والعدل والمظلومية ولقضيتنا الفلسطينية، وهو أيضاً شكل  نصراً وصفعة لدولة الاحتلال ولكل الطغاة المشوهين للقانون الدولي والعدالة والمتنكرين والرافضين دوماً لقرارات الشرعية الدولية، والعاملين على تكريس الإستيطان ونهب وسرقة الأراضي الفلسطينية.. ولكن هذا القرار المهم والذي شكّل كما هو قرار "اليونسكو" منظمة التربية والثقافة والعلوم في تشرين أول الماضي باعتبار المسجد الأقصى مكان مقدس للمسلمين دون غيرهم من أتباع الديانات الأخرى، وبأنه معلم تاريخي وتراثي وديني وحضاري إسلامي، ونفى الصلة ما بين الأقصى "الهيكل المزعوم" وبين اليهودية على المستوى الديني التلمودي التوراتي وعلى المستوى السياسي، هذين القرارين وغيرهما من قرارات الشرعية الدولية بالعشرات صدرت مناصرة للقضية الفلسطينية، وهي شكلت وتشكل خطوات مهمة في الإتجاه الصحيح، ويجب أن تكون حافزاً لمواصلة الضغط الدبلوماسي على كل الصعد لحمل دولة الإحتلال على تطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، ولكن ونحن إذ نثمن مثل هذا القرار ونقدر أهمية انتزاعه وطرحه من قبل أطراف دولية (فنزويلا، نيوزيلاندا، ماليزيا والسنغال) مناصرة للحق الفلسطيني، في وقت تراجع فيه من يفترض أن يكونوا رأس الحربة في طرح هذا القرار، الأخوة في مصر، الذين تراجعوا عن طرح المشروع بسبب وعود أمريكية جوفاء ندرك تماماً بأنه لا قيمة لها مع تجربتنا في الإنحياز المطلق والصارخ للإدارات الأمريكية المتعاقبة لصالح دولة الإحتلال، وكذلك هناك ضغوط كبيرة مورست على القيادة المصرية من قبل دولة الإحتلال، ولكن ما هو أخطر هذا مؤشر على تراجع الدعم الرسمي العربي للقضية الفلسطينية وربما تكون خلافات الرئيس مع الرباعية العربية في صلبها.

القرار قال بأن كل العالم المؤمن بالعدالة والإنسانية وحق الشعوب في الحرية والإستقلال وتقرير المصير وقفت إلى جانب شعبنا، ولكن علينا عدم التفاؤل والإفراط فيه، وإطلاق توصيفات لا صلة لها بالواقع، والمبنية على الأوهام والعواطف وتضخيم الإنجازات، فنحن لسنا أمام انتصار تاريخي ولا تدشين مرحلة جديدة في التعامل مع الصراع، فالإدارة الأمريكية الحالية التي تعيش أخر أيامها كانت منحازة  تماماً لصالح دولة الإحتلال حتى النخاع، وتراجعت في فترتي ولايتها عن كل الوعود التي قطعتها بإقامة الدولة الفلسطينية، وتعامل معها نتنياهو بعنجهية وغطرسة واستعلاء، حتى أنه أذلها في عقر دارها، ووجّه لها الصفعة تلو الصفعة برفضه دفع المفاوضات التي رعتها لمدة تسع شهور متواصلة من خلال وقف أو تجميد الإستيطان كلياً أو جزئياً في الضفة الغربية والقدس خلال فترة المفاوضات، فهذه الإدارة الأمريكية بمنطق الثأر الشخصي أرادت أن ترد الصفعة لنتنياهو وتعمّق من أزمته في الحكومة الإسرائيلية وهو المثقل بفضائح الرشى والفساد وخصوصا صفقة الغواصات الألمانية، وكذلك هي أرادت كما قال أوباما وكيري أكثر من مرة إنقاذ دولة الاحتلال من نفسها، حيث أن "أمن دولة" الإحتلال ونقاء يهوديتها سيكونان مهددين، بإستمرار الإستيطان وضم الضفة الغربية، ولذلك من المهم جداً عدم رفع سقف توقعاتنا من التغييرات الحاصلة في السياسة الأمريكية وخصوصاً، بأنا سنكون بعد أقل من شهر أمام إدارة أمريكية مغرقة بالتطرف وملامح سياستها باتت واضحة لنا، وهي من طالبت مصر بوقف طرح القرار على مجلس الأمن الدولي، وطالبت الرئيس الأمريكي أوباما باستخدام حق النقض "الفيتو" ضد القرار، وهي تهدد بأن الأمور من بعد 2212017 ستتغير في الأمم المتحدة، وبشائر سياستها الخارجية الصعبة على شعبنا وقضيتنا الفلسطينية، لم تعد خافية على أحد حيث نقل ملف العملية السياسية من الخارجية إلى مكتب الرئيس، وتعيين السفير المتطرف "ديفيد فريدمان" المؤيد لدولة الاحتلال والإستيطان حتى النخاع، بما فيه الإستيطان المقام على أراضي فلسطينية خاصة مستعمرة "عمونه" نموذجا،ً سفيراً لواشنطن في "إسرائيل"، وكذلك المساعي الحثيثة لنقل السفارة الأمريكية من "تل أبيب" إلى القدس.

حكومة الاحتلال كما هو متوقع رفضت هذا القرار الذي وصفته بالمخزي، وبأنه غير ملزم "لإسرائيل"، وبأنها ستستمر في الإستيطان بغض النظر عن هذا القرار، وبعض ردود الفعل وصلت لحد اتهام أوباما بالخيانة، في حين تباينت الردود، ما بين فشل دبلوماسية نتنياهو نتيجة اهتمامه بأموره الشخصية وتحالفاته مع اليمين المتطرف، وقد عكست العديد من الردود الإسرائيلية الرفض المطلق لهذا القرار فرئيس حزب يوجد مستقبل "يش عاتيد" يائير لابيد  علق على هذا القرار بالقول "لن يلزمنا أحد بأي قرار، لو سمعنا صوت العالم لما قامت إسرائيل بعد الهولوكوست". أما السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة المتطرف داني دنون فقد قال "لا مجلس الأمن ولا اليونسكو ستفصل بين علاقة الشعب الإسرائيلي بأرض إسرائيل".

السلطة الفلسطينية والقوى والفصائل قبل الحديث عن الإنتصارات والإفراط في التفاؤل عليها العمل على متابعة تطبيق وترجمة هذا القرار إلى حقائق على الأرض، وخصوصاً بأن هذا القرار يتطلب مراجعة دورية كل ثلاثة شهور من خلال تقرير يرفعه الأمين العام للأمم المتحدة، وهذا يتطلب تدعيم الوحدة الفلسطينية واستعادتها من خلال منظمة التحرير الفلسطينية، كبيت وإطار جامع للكل الفلسطيني، وهذا يتأتى بالعمل الجدي على إنهاء الإنقسام، وتمثيل وإشراك لحركتي حماس والجهاد في المنظمة، وفق عملية ديمقراطية انتخابية، وكذلك العمل على إستعادة مركزية القضية لدى الدول العربية، فعلى الرغم من ما تعيشه من أوضاع همومها القطرية والداخلية وازماتها والدخول في حروب التدمير الذاتي والمذهبية والطائفية، وتراجع القضية الفلسطينية في سلم أولوياتها، إلا أنه يجب تفعيل اهتمامهم بالقضية الفلسطينية كقضية مركزية، وعلى الصعيد العالمي يجب تفعيل كل سفاراتنا وممثلياتنا وجالياتنا الفلسطينية وأصدقائنا على المستويات الرسمية والشعبية لفضح وتعرية الاحتلال وما يرتكبه من انتهاكات وجرائم بحق شعبنا الفلسطيني، وتجنيد أوسع رأي عام مناصر لقضيتنا، وبما يعمق من عزلة الاحتلال عالمياً ويفرض أوسع مقاطعة اقتصادية وسياسية عليه.