Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

الحصاد الفلسطيني... نواف أبو الهيجاء

الحصاد الفلسطيني...  نواف أبو الهيجاء

  في قراءة لمسيرة التفاوض الفلسطينية ـ الإسرائيلية الممتدة على عقدين من الزمن، خلاف في تقييم النتائج التي أسفرت عنها، فبين من يجد أن فيها خريطة طريق لقيام الدولة الفلسطينية، مصراً على أن لا بديل غير التفاوض،

وبين من يؤكد أن محصلة هذا الجهد، كان إضاعة للزمن وإضاعة للأرض وتهديداً حقيقياً للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

الفريق الأول، يجد في «اتفاق أوسلو»، إيجابيات كثيرة يمكن التأسيس عليها دائماً. فقد اعترفت «أوسلو» بالشعب الفلسطيني وبمنظمة التحرير وبالحقوق السياسية للشعب الفلسطيني، كما حصل نتيجة لهذا الاتفاق، انسحاب تدريجي من المدن الفلسطينية، وعودة أكثر من 300 ألف فلسطيني إلى الضفة وغزة، إلى جانب مكسب أساسي، هو قيام السلطة الفلسطينية ومؤسساتها.

في الحقيقة، ليس كل هذا من المكاسب المثبتة، لقد كان هدف التفاوض في «أوسلو»، السعي لدولتين، وقد انطلق المفاوض الفلسطيني من تنازل تاريخي، وقبل بدولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران، ما يعني التخلي الصريح عن الأراضي الفلسطينية التي احتلت في العام 1948. ولكن المفاوض أصرّ على تكريس القرارات الدولية الخاصة بفلسطين التاريخية، عبر التمسك بالقرار 194 الخاص بحق العودة والقرارات 181، أي قرار التقسيم. وأضاف إليها القرارين الخاصين بنتائج حرب حزيران (242) وحرب تشرين 338.

نصوص الاتفاقات شيء والواقع شيء آخر. فبعد إبرام الاتفاق بخمس سنوات، كان يفترض أن تنشأ دولة فلسطينية. ولكن هذا لم يحصل.

بعد ذلك، أقدمت السلطة الفلسطينية على سحب الملف الفلسطيني من الأمم المتحدة وسلمته للإدارة الأميركية، عبر الرباعية الدولية. حدث ذلك في ظل الأحادية الأميركية ما أفقد الفلسطينيين قدرة التأثير وقوة «الحليف» الممكن، الذي ودع فيه الاتحاد السوفياتي العالم، تاركاً حلفاءه أيتاماً.

لم يتحقق اعتراف المحتلين بما قيل: المساواة في المناطق المحتلة العام 1948.. وحق الشعب الفلسطيني في الاستقلال في مناطق الاحتلال الثانية وفق قرار التقسيم، وأيضاً حق اللاجئين في العودة بموجب القرار 194.

بعدها، جرت مفاوضات «كامب ديفيد» التي في اثر فشلها في تحقيق الاهداف الفلسطينية، ورفض الرئيس عرفات التخلي عن الحقوق الفلسطينية كانت النتيجة تطويق عرفات ومن ثم التخلص منه.

وعادت المفاوضات الى الطاولة الاميركية في انابوليس في العام 2008 ومثلت أميركا فيها كوندليسا رايس حيث تم الاتفاق مرة اخرى على خريطة طريق تقوم على تبادل للاراضي بما يضمن ربطاً جغرافياً بين الضفة الغربية وقطاع غزة. والاعلان ان الهدف النهائي في إقامة دولتين. ووافق ايهود اولمرت في حينه على عودة خمسة آلاف لاجئ فلسطيني في غضون خمس سنوات، ورفض الطرف المحتل الاعتراف بحق العودة كما رفض مسؤوليته عن مأساة اللاجئين الفلسطينيين، وأصر على ان للقدس وضعاً خاصاً.

اسرائيل كانت واضحة طوال فترات المفاوضات المباشرة وغير المباشرة. وخلاصة المواقف الصهيونية اعلنها نتنياهو: لا لحق العودة، القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، وضرورة الاعتراف بدولة يهودية في فلسطين. والدولة الفلسطينية يجب ان تكون منزوعة السلاح مع الإبقاء على المستوطنات والمستوطنين، وأن تبقى الأجواء والحدود بيد السلطة الاسرائيلية.

اربع جولات من المفاوضات المباشرة في «واي ريفر» و«انَّا بوليس» وغير المباشرة في عمان، ومبعوثون اميركيون من جورج ميتشل الى جون كيري مروراً بكلينتون، لم تنجح في جسر الهوة بين الطرفين، لأن الطرف الفلسطيني كان يتعرض لضغوطات اميركية وعربية في الوقت عينه بعد اقرار المبادرة العربية للسلام في العام 2002.. بينما الطرف الصهيوني لا يتنازل ولا يعلن التخلي عن أي من اهدافه سوى كلام عن دولة فلسطينية الى جانب دولة «يهودية».. والاصرار على ان تكون حدود الدولة الفلسطينية مؤقتة.

المئات من اللقاءات والجولات التفاوضية لم تثن الكيان الصهيوني عن مواقفه المعلنة، واستمراره في بناء المستوطنات والقيام بالعمليات الحربية والمصادرة والاغتيالات.. وكان انسحابه من غزة بهدف عزلها وتطويقها والتخلص من تبعات الخسائر التي كان الصهاينة يتلقونها في القطاع. كما اسهم هذا الإجراء في التمهيد للانقسام الفلسطيني بين القطاع والضفة الغربية وإقامة سلطتين واحدة بقيادة «حماس» في القطاع والثانية في الضفة الغريية بقيادة «فتح».

وفي فترة تجميد المفاوضات لم يكلّ الاميركي عن بذل جهوده للعودة الى المفاوضات المباشرة برعايته. والجولة الخامسة في المفاوضات التي بدأت في نهاية حزيران 2013 وعلى اساس ان تنتهي في 29 نيسان الحالي قبلت السلطة الفلسطينية مع وعد بإطلاق 104 من الاسرى القدامى.

لكن الكيان الصهيوني تنصل من الاتفاق في النهاية واستمر في بناء الوحدات الاستيطانية، كما ان نتنياهو لم يتخلَّ عن أي من اهداف الكيان الصهيوني التوسعية العدوانية. بل ان الاحتلال يتكرس والقدس تهود والأسرلة سارية المفعول، والتمسك برفض العودة والتخلي عن القدس الشرقية ثوابت الموقف الصهيوني الأكيدة.

الطرف الفلسطيني اتخذ قراراً بالانضمام الى 15 اتفاقية دولية من مجموع 63، والطرف الصهيوني يصر على التمسك بشروط اطلاق الدفعة الاخيرة من الاسرى وان يتم ابعادهم عن بيوتهم وان لا تقدم السلطة على أي إجراء احادي، وهو قد بدأ بتطييق عقوبات على السلطة من خلال عدم تسليمها اموال الضرائب.

خلاصة ما حصل عليه الفلسطينيون مجموعة مكاسب هشة ومتأرجحة: «اقرار بدولة معالمها مجهولة، وفي حدود الرابع من حزيران، من دون تحديد، تبادل محدود للأراضي، وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين على دفعات. أما الخسائر، فتتجلى في أن حرب الاستيطان مستمرة، وحق العودة مرفوض والقدس عاصمة لفلسطين غير ممكنة. والأسوأ، هو إلزام الطرف الفلسطيني بأن يبقى جالساً ومقيداً إلى طاولة التفاوض من أجل التفاوض... إلى عقود لاحقة.

هل يعيدون النظر في المسار كله؟ هل يتم سحب الملف من اليد الأميركية؟ هل يستعيد الفلسطينيون ورقة الوحدة الوطنية؟ هل... وهل، كثيرة هي التساؤلات والأجوبة مرهونة بما سيحدث خلال ايام ربما.. خاصة ان الطرف الفلسطيني اعلن استعداده القبول بتمديد المفاوضات إن تم إطلاق سراح اسرى 1948.