يعتقد العلماء المهتمون بشؤون الحيوان وشؤون التغذية، أن الحاجة الماسة إلى الطعام هي التي دفعت إنسان الغابة الأول إلى أن يسطو على أعشاش الطيور ليسرق بيضها، خصوصاً بيض الدجاج، ومن هنا عُرف أكل البيض نيئاً في بادئ الأمر، ثم مطهواً فيما بعد عقب اكتشاف الإنسان إيقاد النار.
بيض الدجاج هو الأكثر شيوعاً بين الناس، لكننا نسمع عن أقوام تحب بيض البط والأوز، أو عن أقوام يشتهون بيض النعام أو التماسيح، كما نسمع بشهرة عن بيض السمك المعروف باسم الكافيار، وهكذا اختلف الناس كما اختلفت أمزجتهم في تناوله، فبعضهم يحبه مخللاً، بل إن آخرين يستهويهم البيض الفاسد، أو الذي كاد أن يفقس.
يتراوح وزن بيضة الدجاجة بين 55 إلى 60 غراماً، وتتكون من قطاعين هما: بياض البيضة الخارجي، المعروف باسم الأح، والصفار المعروف باسم المح، لكن أهم ما في البيضة هو ما تحتوي عليه من الزلال أو البروتين والدهون والأملاح، ووفرة فيتامين (أ)، وهذه جميعها مفيدة، وقابلة للهضم، وتلبي حاجة الجسم النامي.
هذا يعني أن البيض غذاء من أغذية البناء اللازم للصغار أكثر منه للكبار، بل إنه قد يكون ضاراً لكبار السن ومرضى ضغط الدم المرتفع وتصلب الشرايين، لوفرة ما يحويه صفار البيض من الكوليسترول وثلاثيات الجليسرين المتوافرة في دهن البيض.
ومن المؤكد أن القيمة الغذائية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بعمر البيض، لهذا يحرص الناس على شراء البيض الطازج واستهلاكه، نظراً إلى ارتفاع قيمته الغذائية، ولطعمه المحبب ونكهته المرغوبة.
والفرق بين هذا وذاك، هو أن البيضة الطازجة تتميز بوجود فراغ هوائي لا يزيد عن ثلاثة أرباع البوصة المكعبة، أو ربما أقل من ذلك، كما أن الصفار فيها جامد لا تشويه فيه كالبقع والدم، كما أن البياض رائق لا عكر فيه ولا لون.
وقشرة البيضة الطازجة خشنة، لو نظرت خلالها في ضوء الشمس أو أي شعاع قوي، فستجدها رائعة لا تشوبها بقعة ما ولا ظلال.
أمراض قد ينقلها البيض
الأمراض التي ينقلها البيض أو يتسبب فيها ليست كثيرة، لكنها تستحق النظر والتبصر والاحتراس، حتى لا يقع أحد في براثنها يوماً أو يتردى في مزالقها، وهي على النحو الآتي:
1- الحساسية: لدى بعض الناس استعداد فطري للحساسية من أحد مكونات البيض، خصوصاً زلاله، وهذا أمر تكتشفه الصدفة والملاحظة، ولا علاج له سوى البعد عن تناول البيض، والحذر من كل طعام يكون البيض ضمن تركيباته.
2- فرط الكوليسترول: يُعدّ البيض في تقدير أهل التغذية من أغنى مصادر الطعام بالكوليسترول والدهنيات الثلاثية، خصوصاً صفاره، حيث يتركز في الدهن الحيواني المصدر ما يقدر بنحو 300 ميليغرام من الكوليسترول في البيضة الواحدة، وهذا أمر لا بد أن يحذره مرضى تصلب الشرايين، والمصابون بضغط الدم المرتفع، أو من يعانون من أمراض القلب ونوباته، إلى جانب المصابين بحصى المرارة والكلى.
3- التسمم الغذائي: هناك نوعان من التسمم الغذائي، أحدهما تسببه ميكروبات يسمونها السالمونيلا، وقد وجدوها بنسبة توازي ثمانية في المئة في البيض، تتسرب إليه من الدجاج المريض، فإذا ما التهم الإنسان البيضة نيئة فإن عصيات هذه الميكروبات تتكاثر في الأمعاء، وتسبب له تسمماً يتميز بالإسهال والقيء والمغص وارتفاع درجة الحرارة، ويداهمه ذلك عقب يوم أو بعض يوم من تناوله البيض، لكنه ليس مرضاً قاتلاً، إذ يُشفى المريض منه بعد فترة ويعود إلى حاله.
أما التسمم الغذائي الآخر فهو بسبب مكورات على شكل عنقود العنب، لهذا سموه باسم العنقودية، وهذه تأتي من تلوث قشرة البيض، فإذا ما كسرها الطاهي من دون غسل، فقد يقع منها بعض ما يلوث الطعام، وإن البيض مزرعة طيبة لتكاثر هذه الميكروبات التي تفرز سمومها، وتؤدي إلى أعراض التسمم التي يعاني منها المصاب عقب ساعات معدودات من التهامه الطعام.