يصادف اليوم ذكرى مرور 49 عاماً على النكسة، والتي لا تزال تبعاتها قائمة في الواقع العربي، باستمرار الاحتلال "الاسرائيلي" للأراضي العربية في الضفة الغربية وهضبة الجولان، كما لا تزال تفاعلاتها وتداعياتها ماثلة في الواقع العربي، الذي يعيش أسوأ حالاته.
وللمناسبة أصدرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بياناً لها، اليوم السبت، شددت فيه على أن "الحروب الأهلية والطائفية باتت تهدد العديد من الدول العربية بخطر التقسيم، ما ينذر بتعزيز عوامل الضعف والانهيار العربي ،وبمزيد من الخضوع والاستسلام لمحددات المشروع الأمريكي الصهيوني الهادف إلى إعادة رسم الخارطة السياسية للمنطقة على أسس مذهبية وطائفية وعرقية، وإعادة صوغ التناقض الرئيسي في المنطقة، وجوهره الصراع العربي الإسرائيلي، بحيث يصبح تناقضا "سنياً- شيعياً بدعوى مواجهة "الخطر الإيراني"، بما يوفر المسوغات لوجود "إسرائيل" بكونها دولة دينية/يهودية، والاعتراف العربي بشرعية وجودها باعتبارها حليفاً للأنظمة العربية التابعة والمستسلمة في مواجهة الخطر المزعوم".
وأضاف البيان: "ضمن هذا السياق يمكن تفسير موافقة الدول العربية على تعديل "المبادرة العربية" بإدخال مبدأ "تبادل الأراضي"، الذي يعني في المضمون شرعنة الاستيطان "الإسرائيلي" في الأراضي الفلسطينية المحتلة، استجابة للضغوط الأمريكية، بالإضافة إلى ما تسرّب عن استعداد العرب لتعديل مبادرتهم في بندي "اللاجئين الفلسطينيين" و"الجولان"، وكذلك تواصل الضغط الأمريكي من أجل دفع الدول العربية للاعتراف "بإسرائيل" بدون اشتراط قبولها "للمبادرة العربية" بدعوى تشجيعها على العودة للمفاوضات، واتجاه العديد من الدول العربية لتطبيع العلاقات مع "إسرائيل"".
وقال البيان: "وضمن هذا الواقع العربي المتهالك تحاول فرنسا أيضاً لعب دور سياسي في المنطقة، عبر إعادة صياغة مبادرتها بما يستجيب للشروط الإسرائيلية والأمريكية. فهي تقوم على تجاوز مرجعية قرارات الشرعية الدولية، وتدعو للاعتراف بيهودية الدولة، وشطب حق العودة، وشرعنة الاستيطان، وتدعو لاعتبار القدس عاصمة مشتركة. وسعياً وراء استرضاء الجانب الاسرائيلي واقناع نتنياهو بقبول المبادرة، وجهت الحكومة الفرنسية بلسان رئيس وزرائها دعوة علنية للعرب للاعتراف بإسرائيل "دولة يهودية"، وتراجعت بشكل ذليل عن تصويتها في منظمة "اليونسكو" ووعدت بتصويب هذا الخطأ، مثلما تراجعت عن المطالبة بتحديد جدول زمني للمفاوضات، وعن وعدها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في حال فشل المبادرة".
وتابع البيان: "وبهذا الصدد، فإن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ترفض الترحيب الفلسطيني الرسمي بالمبادرة الفرنسية، التي تنتقص من الحقوق الوطنية الثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني، والذي من شأنه أن يشجع نتنياهو وحكومته على مزيد من التعنت، وبالتالي تركيز الضغوط علي الجانبين الفلسطيني والعربي اللذان لا يمتلكان أي من عوامل القوة الكفيلة بإجبار حكومة نتنياهو على تقديم التنازلات، بفعل حالة التمزق والانقسام والتبعية والتخلي عن خيار المقاومة، ما سيؤدي إلى اختزال المبادرة في الاعتراف بـ"يهودية الدولة" وتوفير الغطاء للعودة لطاولة المفاوضات الثنائية بمرجعية "اتفاق أوسلو" سيئ الصيت، وفقاً للشروط الإسرائيلية، وتهيئة المناخات لحل إقليمي على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية".
وازاء هذه المخاطر جددت الجبهة الشعبية الدعوة إلى: "التمسك بكامل الحقوق الوطنية الثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني وفي القلب منها حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم.. والالتزام بالثوابت الوطنية وببرنامج الإجماع الوطني وبمقررات المجلس المركزي الأخير".
كما دعت الشعبية "قيادة المنظمة إلى سحب التنازلات الفادحة التي قدمتها، بالاعتراف المجاني بحق "إسرائيل" في الوجود، وقبول مبدأ "تبادل الأراضي"، والحل "المتفق عليه" لقضية اللاجئين، ونبذ المقاومة، بما يوفر المقدمات الضرورية للخلاص من اتفاقيات أوسلو والتزاماتها، وبما يوفر المناخات لتجاوز حالة الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية على أسس وطنية راسخة".
ودعت "للمسارعة بدعوة إطار تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية للانعقاد، من أجل متابعة تنفيذ الاتفاقات الموقعة لإنهاء الانقسام، باعتبار ذلك المدخل الصائب لمواجهة التحديات التي باتت تهدد بانهيار المشروع الوطني وتبديد الهوية الجماعية للشعب الفلسطيني".
وجاء في البيان أن الجبهة الشعبية تدعو إلى "حماية الانتفاضة وتوفير مقومات استمرارها وتصاعدها لمقاومة وإنهاء الاحتلال، والإسراع في تشكيل قيادة وطنية موحدة لها، وخطط اقتصادية واجتماعية وفعاليات منظمة تؤدي إلى انخراط قطاعات جماهيرية متزايدة فيها".
كذلك، تنظيم وتوحيد الجهود لتوسيع حملة المقاطعة الدولية لدولة العدو والتي أثبتت نجاعتها في محاصرتها، وفي كشف عنصرية مؤسساتها كافة، وفي توفير شبكة دعم واسعة لنضال الشعب الفلسطيني.
وأكدت الشعبية على ضرورة "وقف التفرد في التقرير بالشأن الوطني، واحترام الموقف الوطني المشترك وصلاحيات اللجنة التنفيذية وسائر مؤسسات المنظمة في البحث والتقرير بهذا الخصوص، وتحذر الجبهة من خطورة التمادي في التفرد". وحذرت "من خطر المشاريع التي تستهدف تكريس انفصال قطاع غزة عن الضفة الغربية، وقطع الطريق على إمكانية إقامة الدولة الفلسطينية، تحت عنوان "الهدنة" أو غيرها من المسميات".
وفي ختام بينها، أكدت الشعبية على أن "أول الدروس المستفادة من الحرب العدوانية التي شنها الكيان الصهيوني في حزيران/ 1967 على الدول العربية واحتلاله لأراضي فلسطينية وعربية جديدة، يتمثل في حقيقة أن المشروع الصهيوني- الاستعماري في جوهره مشروع هيمنة وسيطرة على كل المنطقة العربية ويستهدف، بالتالي، كل شعوب الأمة العربية. وندعو القوى الثورية والديمقراطية العربية للتصدي لمحاولات الأنظمة المستبدة والمستسلمة للتحلل من التزاماتها القومية اتجاه القضية الفلسطينية..".