Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

"سبايدر مان" الفلسطيني..

بطولات الشباب الفلسطيني في مقارعة المحتل ومواجهة جنوده المدججين بالعتاد تتجلى أيقونات من العطاء، سيما مع تطور المشهد داخل الأرض المحتلة.

 وتتضح بالتزامن مع الحالة الثورية، معالم إبداعات جديدة بأنامل شبابية مهمتها الأساسية إبراز الأبطال ونقلهم إلى العالمية.

إحدى تلك الإبداعات تمثلت بفن تقني حديث، يجسد الشبان الفلسطينيين على هيئة أبطال خارقين وقادة فاتحين، كانوا ولازالوا مثلا عليا في الخير والمحبة عند شريحة كبيرة من الأشخاص حول العالم بعيدا عن الديانات والأعراق التي يتبعونها.

هبة زغلول، فنانة فلسطينية من قرية ترمسعيا قضاء رام الله وتقيم مع أسرتها الصغيرة في ولاية شيكاغو الأميركية، تعد واحدة من أبرز المطوّرين لهذا الفن، مستخدمة هاتفها الذكي من نوع "آيفون" في إدخال الرسومات إلى صور المواجهات، وتصف هبة تجربتها قائلة: " بدأت هذه الرسومات والتصاميم فترة العدوان على غزة، وبعد الهبة الجماهرية التي حصلت في الضفة مؤخرا أدخلت شخصيات خيالية مثل سبايدر مان وسوبر مان".. وتضيف الفنانة الشابة: " صحيح أن سبايدر مان أو بات مان مسلسلات كرتونية، ومن المستحيل أن يحدث ذلك على أرض الواقع، ولكن هناك تشابها بالمبادئ والأهداف التي يتبعها أصحاب الشخصيات الخيالية والواقعية.. هذه الشخصيات تمثل الخير في مواجهة الشر، والشباب الفلسطيني يقاوم شر الاحتلال وغطرسته".

وعن إدخالها شخصيات تاريخية ودروعا وخوذا في الرسومات، تشرح زغلول بلهجة فلاحيّة جميلة: " الشب اللي بالخوذة والدرع والسيف ربطت فيه التاريخ القديم بجيل الحاضر، حملوها أسلافنا وصلاح الدين الأيوبي قديما لمقاتلة الأعداء لتحرير القدس العربية".

دور نسائي واضح في هذا النوع من الأعمال، فغالبية من يوظّفه إناث فلسطينيات بارعات في مجال الرسم، ما يدلل على دورهن في رفد الهبّة الشعبية، وإعجابهن ببطولات الشبان الفلسطينيين في ساحات المواجهات.. وهو ما تجلى في صور مميزة قدمتها الرسامة الشابة حنين نزال خريجة جامعة النجاح الوطنية. وتصف الفنانة الفلسطينية لوحاتها للرجل الأخضر ذي العضلات المفتولة و"روبن هود" الفلسطيني قائلة: "إنها نظرة إلى الشباب الفلسطيني المقهور المدافع عن حقه الطبيعي في العيش بجرأة وشجاعة، تقف عندها مدركا أن لا أحد في العالم يوازيهم قدرة.. هم خاروقون وما يجبرهم الاحتلال على فعله لا يفعله السوبرهيروز لو كانوا حقيقة".

وعلى اعتباره فنا جديدا قائما على استخدام تطبيقات الهواتف الذكية وبرامج التصميم المتطورة عبر الحواسيب لإعطاء الصور حلّتها، يحدث أن تتعدد الآراء ووجهات النظر حياله ما بين رفض وقبول.

رسام الكاريكاتير العالمي هاني عباس ابن قرية صفورية المهجرة في العام 48، يقول:" أي عمل مقاوم للاحتلال والظلم هو حق مشروع لكل الشعوب، وهي تفتخر وتعتز به".. ويتابع هاني الذي هجر مع عائلته عن مخيم اليرموك: "القضية تتمثل في مواكبة الفن للتفاصيل الحساسة التي تفيد و تدعم هذا النضال، وفي بعض الأحيان تضر به دون قصد صاحب العمل الفني"، مبينا "أنه يتوجب التركيز دائما على نقطة مهمة وهي حق الشعب الفلسطيني في النضال، كحق تضمنه له كل الشرائع الدولية، وإظهار ما يتعرض له من قتل وحصار واحتلال وتنكيل مستمر".

ومن هذا الباب تؤكد الباحثة والناشطة السياسية دينا جبر من رام الله، إعجابها بتوظيف فن جديد في خدمة القضية، وتتحدث بلهجتها الفلسطينية: "حلو حبيتو، بيخفف من توتر الشبان وبيلفت نظر إلنا حوالين العالم". وتتابع: "الرمزية دايما بتلفت، هدول الشخصيات رموز وأشياء حبتهم الناس بالأفلام والأطفال بالكرتون، ولما يتم ربطهم بقضية نضال بصيرو اللي حبو هالشخصيات يتابعو الشباب لأنو هاي الرموز دافعت عن الخير فربطها فينا بيعزز حقنا".

وتعلن المحررة من سجون الاحتلال والمبعدة إلى الأردن مريم ترابين وقوفها مع جميع المبادرات التي من شأنها إيصال رسالة الشباب الفلسطيني إلى العالم، قائلة: "شو ما أحكي صعب أوصف هاد الجيل اللي تعرض لانتقادات إنو جيل النت والجنز الساحل، بس الحقيقة إنو غالبية شبابنا خارقين وياما اسمعنا إنجازات مشرّفة على كتير أصعدة".. وتضيف الأسيرة المحررة: " أنا بأيد كل شخص عم يعمل بأي طريقة ليوصل للعالم حكاية الشباب الفلسطيني اللي عم بيموت كرمال يعيش حر على أرضه".

وللرسم الإبداعي أثره المباشر على العاملين في حقل الإعلام والصحافة. وهو ما عكسه كلام الصحفي الفلسطيني الشاب هادي خزعل في وصفه لـ"سبايدر مان" ورفاقه الفلسطينيين عندما يقول: "فن مبدع أن يتم تحويل المأساة والمقاومة لرسم.. الشخصيات المستخدمة خارقة والشاب خارق للطبيعة".. ويشير خزعل إلى أن المؤدّين لتلك الرسومات يسعون لسحب أبطال المواجهات من حالة المرارة، عبر تحويلهم لشخصيات ابتكرها بنو البشر.

الصحفية الجزائرية المهتمة بالشأن الفلسطيني لينا محمد، تعبّر أيضا عن إعجابها ببروز أبطال فلسطينيين جدد من خلال الهبة الشعبية، حيث تقول: " شخصية الفاتح لها بصمتها في الذاكرة الجمعية الفلسطينية؛ الخليفة عمر كان فاتحا؛ صلاح الدين، المعتصم والسيد المسيح كانوا أبطالا ومخلّصين". وترى لينا أن عودة تلك الرموز للظهور، يأتي مع حاجة المجتمع لأبطال يعيدون التأكيد على ثوابت متفق عليها، مبينة أن الشبان الذين مثلوا انقلابا جذريا على الممارسات السائدة طيلة عقدين من الزمن جعل المجتمع يمثلهم كأبطال مخلّصين.

أما الشاعر الفلسطيني الشاب رامي أبو صالح، فيفصح عن محبته لتلك الصور عازيا أسباب نجاحها إلى كونها فنا جديدا يظهر بطريقة غير مألوفة ضروب المعاناة.

ويشرح رامي وهو من المهتمين بمجال التصميم التقني: "الفكرة هي الرافع لقيمة هذا الفن ويمكن إدراجه ضمن الكاريكاتير التوثيقي، لكن للأمانة هو يحتاج لمزيد من التطوير والاحتراف التقني والتنويع، وضرورة طرح أفكار جهنمية". غير أن أبو صالح يستشعر مخاطر تحوم مع تداول تلك الصور، أبرزها عدم تعاطي العامّة بجدية معها واعتبارها حالة ترفيهية، دون فهم المغزى، نظرا لاستخدام شخصيات شهيرة من الأفلام.

وتميل خريجة كلية الإعلام في جامعة بترا بالأردن والعاملة في حقل المونتاج الشابة الفلسطينية ميرا ارشيد إلى اعتبار الصور توظيفا جيدا يخدم الفكرة المتمثلة بإبراز بطولة الشبان خلال المواجهات.

فيما ترى الشابة الفلسطينية دعاء قدورة المقيمة في ألمانيا، أن هذا النوع من التصاميم نجح في تخفيف الحالة المأساوية وإعطاء مشاهد سعيدة.  غير أنها لا تحبذ تحويل أبطال الانتفاضة الحقيقيين إلى شخصيات خيالية يقتدي بها الجيل الجديد.

فريق آخر من جمهور المتابعين يرى إشكالية في إسقاط أبطال غربيين على شخصيات الشبان الفلسطينيين بشكل قاطع..

نايف صمادي، عضو في حركة الشباب الفلسطيني بالولايات المتحدة، يعتبر أن مخاطبة الغرب برموز هوليودية لا يحمل الكثير من المعاني الصحيحة. مؤكدا على ضرورة إعادة الاعتبار للثقافة العربية. دون أن يبدي رأيه حول إسقاط شخصيات الأبطال الفاتحين على شبان الانتفاضة.

وتعزيزا للموقف عينه، يقول الصحفي والإعلامي الفلسطيني وليد صوان المقيم في النمسا: " إننا بهذه الرسومات نحمل الرسائل الغربية وننقلها إلى الشباب دون أن ندرك معاني هذه الرسائل".

أما الشاب الفلسطيني العامل في مجال التصميم والمهتم بالإخراج الفيلمي بسام أسعد فيحلل الموضوع من زاوية أكثر دقة، حيث يقول: "لدينا أبطال ولسنا بحاجة للرجل العنكبوت والرجل الوطواط، حتى التسميات العربية لم تستخدم على الصفحات والمواقع". ويتابع:"نحن صنعنا أبطالا بأسماء حقيقية بدل الأسماء الخيالية سابقا، ولدينا اليوم الرجل بطل الحجارة وبطل العمليات وصائد القنابل الدخانية وجميعهم رموز للخير".

ربما تختلف النظرة إلى هذا النوع من الفن الحديث بناء على عوامل تتعلق بالشخص نفسه وبنيته التعليمية والثقافية والبيئة التي تنشّأ فيها، غير أن شهادات من رسموا تؤكد مسعاهم لإبراز بطولة الشاب الفلسطيني، وفي جميع الحالات يبقى هذا الشاب بطل المواجهة والقائد الحقيقي نحو تغيير الواقع الذي يفرضه الاحتلال.