أكد نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين زياد النخالة، أن الانتفاضة وضعت الاحتلال في مأزق كبير.
وأضاف في كلمة له خلال "المؤتمر العربي العام لدعم انتفاضة الشعب الفلسطيني" والمنعقد في بيروت، أنه في حين اعتقد العالم أن قضية فلسطين أصبحت من الماضي خرج الشعب الفلسطيني منتفضاً على الاحتلال وعلى تغول الاستيطان والمستوطنين.
وفيما يلي نص الكلمة:
ينعقد مؤتمرنا هذا والمنطقة العربية تمرّ بظروف لم تشهدها من قبل، حيث دمنا المسفوح يغطي كل الاتجاهات وكل الأماكن وهذا يستدعي منا جميعاً أن نرفع الصوت عالياً في مواجهة الموت والدمار، وفي مواجهة التوحش الذي يحاصرنا ويحاصر أحلامنا ويقتل الأبرياء حيث ما وصلت يداه.
أيها الأخوة كان لابد من هذه الكلمات القليلة التي تعبّر عن رفضنا لما يجري في المنطقة العربية من استنزاف لطاقات الأمة وإمكانياتها وتصويبها في الاتجاه الصحيح. فمن فلسطين إلى بيروت عاصمة المقاومة التي تحتضن هذا المؤتمر كما عودتنا دوماً، وكما احتضنت المقاومة عبر عقود طويلة ومازالت، فهي التي افتتحت بوابة الانتصارات على المشروع الصهيوني عام 2000، وهي التي حطمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر عام 2006، وهي التي أهدت كل تجاربها وخبراتها للمقاومة في فلسطين دعماً وتأييداً بلا حدود، فالتحية إلى لبنان وإلى شعب لبنان الشقيق من شعب فلسطين المقاوم، التحية للمقاومة في لبنان.
فمن بيروت ها هي فلسطين حاضرة بانتفاضتها الباسلة مرة أخرى، فلسطين التي لم تخيب آمال أحد ولم تخذل أحد في هذه الظروف الصعبة ليثبت الشعب الفلسطيني كما عودنا خلال أكثر من قرن من الكفاح أن على أرض فلسطين ما يستحق الحياة، وأن شعب فلسطين أكثر من يستحق هذه الحياة، وأن عليها أيضاً ما يستحق الفداء بالروح والدم؛ إنه المسجد الأقصى الذي تستهدفه "إسرائيل" بكل الوسائل والمكائد والقوة حيث نعيش الآن في زمن "يهودية الدولة" التي لن تكتمل إلا بزوال المسجد الأقصى وبناء "الهيكل" المزعوم مكانه، وهذا هو محل إجماع لدى المشروع الصهيوني. وهذا يدفعنا لفهم ما يجري في فلسطين الآن من انتفاضة شعبية مباركة وضعت الاحتلال في مأزق كبير ووضعت مرة أخرى قضية فلسطين كسبب رئيس لما يجري في المنطقة والعالم من صراعات. ففي حين اعتقد العالم أن قضية فلسطين أصبحت من الماضي خرج الشعب الفلسطيني منتفضاً على الاحتلال وعلى تغول الاستيطان والمستوطنين، ووصول خيار التسوية إلى طريق مسدود وبروز جيل من الشباب الفلسطيني الشجاع والذي أخذ زمام المبادرة وقرر أن يواجه المحتل متخذاً من القدس عنواناً لانتفاضته المباركة حيث العدوان الصهيوني المتكرر على المسجد ومحاولة فرض التقسيم الزماني والمكاني فيه تمهيداً لهدمه وبناء "الهيكل" الأسطوري المزعوم، والذي لم يعد مجرد حلم أو هلوسات صهيونية بل هو برنامج سياسي لحكومة الكيان الصهيوني الاستيطاني المتطرف.
ومرة أخرى يثبت الشعب الفلسطيني أنه دوماً مستعد للتضحية من أجل قضيته العادلة في مواجهة الاتفاقيات الموقعة مع العدو، وخيار المفاوضات الفاشلة والكارثية لأكثر من 20 عاماً وبحجة غياب أو انعدام البديل. اليوم الشباب الفلسطيني وفي طليعتهم الشهداء الأبرار يرسمون بدمهم الطريق البديل. نعم الانتفاضة اليوم أصبحت أمام أعيننا صمدت واستمرت وتقترب من تجاوز شهرها الثاني بثبات وقد أسقطت حتى اليوم مشروع تقسيم المسجد الأقصى، وستستمر إن شاء الله حتى تحقيق هدفها الأوسع وهو دحر الاحتلال عن أرضنا بدءًا بالضفة الغربية والقدس بلا قيد أو شرط، ولا يظنن أحد أن تحقيق هذا الهدف مستحيل أو فوق طاقة الانتفاضة، فالذي أجبر جيش الاحتلال على الرحيل من قطاع غزة ومن قبله من جنوب لبنان هي المقاومة، وستجبره على الرحيل من القدس والضفة المحتلة بإذن الله.
إن الانتفاضة التي أعادت الاعتبار لفلسطين وقضيتها بعد أن نسيها كثيرون وانشغلوا عنها، الانتفاضة التي وضعت حكومة العدو في مأزق كبير، هذه الانتفاضة يجب أن نحافظ عليها ونحميها من التشكيك والتقليل من قيمتها وأهميتها، وكل محاولات الالتفاف عليها أو احتوائها، وعلينا أن نتوحد خلفها ونحافظ على استمرارها وديمومتها.
إن من أكبر التحديات التي تواجه الانتفاضة ومن السمات السلبية التي يحزن ويتألم لها شعبنا وشبابنا في فلسطين هو ضعف التفاعل العربي الرسمي وللأسف الشعبي مع هذه الانتفاضة المباركة. وهنا لابد من التأكيد على جملة مبادئ حتى تستمر الانتفاضة وتحقق أهدافها:
1ـ حسم الجدل حول التسمية والإصرار على إطلاق اسم الانتفاضة وليس الهبّة، بل ينبغي سحب هذه الكلمة من التداول لما تهدف إليه من تقليل من شأن ما يجري، ويُُفضّل استخدام انتفاضة القدس.
2ـ التأكيد على الطابع الشعبي للانتفاضة وفسح المجال للشباب لتصدّر المشهد، والابتعاد عن المزاحمة الفصائلية.
3ـ وضع هدف محدد وواضح للانتفاضة، ويجب عدم حصره في منع الاحتلال من التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى بل ينبغي رفع السقف ليكون الهدف التحرر من الاحتلال ودحره عن الضفة الغربية والقدس بلا قيد أو شرط حتى لو تم ذلك على مراحل.
4ـ التأكيد على فشل بل سقوط خيار التسوية كأحد أسباب الانتفاضة وحشد الشعب بكل السّبل لدعم وتبني خيار الجهاد والمقاومة.
5ـ التمييز بين موقف السلطة وموقف حركة فتح والانفتاح والتنسيق مع حركة فتح في كل المجالات وبلا حدود.
6ـ التأكيد على شمولية الانتفاضة في فلسطين كل فلسطين وعدم عزل غزة عن مسار الانتفاضة، فغزة عندها المبرر الدائم للانتفاضة والثورة من أجل إنهاء الحصار وإعادة الإعمار.
7ـ عدم الالتفات إلى حملات التثبيط والتشكيك في جدوى الانتفاضة التي تطلقها أطراف عدة.
8ـ العمل على استنهاض وتحريك الشارع العربي والإسلامي للتفاعل مع قضية القدس والأقصى، وإعادة الاهتمام بالقضية الفلسطينية في الإطار العربي والإسلامي والدولي بالرغم من كل ما يجري في المنطقة.
9ـ الدعوة إلى وقف الاندفاع غير المبرر من قبل بعض العرب نحو العدو الصهيوني ووقف دعوات التطبيع المعلنة والمستترة، وخاصة الدعوة لزيارة المسجد الأقصى تحت حراب الاحتلال.
10ـ العمل على توفير الدعم اللازم للشعب الفلسطيني في مواجهة سياسة القمع الصهيوني خاصة تدمير المنازل في القدس، ومنازل منفذي العمليات الفدائية.
في الختام تحية لكم
تحية للشعب الفلسطيني المقاوم
تحية للشهداء الذين يسطرون بدمهم أروع الملاحم
تحية للأسرى الأبطال
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
خاص/ موقع فضائية فلسطين اليوم