تحوّل مهرجان تأبين الشهيد مهند الحلبي، الذي نظمته حركة الجهاد الإسلامي، بقاعة سليم أفندي في مدينة البيرة ظهر السبت، إلى عرسٍ وطني أجمع خلاله الجميع على أهمية استمرار انتفاضة القدس باعتبارها ردًا طبيعيًا على عدوان الاحتلال واستيطانه وحملاته التهويدية.
كما أجمع المشاركون في عرس الشهادة على أن عملية الشهيد مهند البطولية كانت صاعق تفجير الانتفاضة، مشددين على ضرورة إنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية في مواجهة الاحتلال وعصابات المستوطنين.
مهند انتصر للقدس
وأكد شفيق الحلبي والد الشهيد، أن مهند انتصر للقدس والأقصى بدمائه، منوهًا إلى أن إجرام الاحتلال وعدوانه الهمجي هو الدافع للعملية التي نفذها ابنه.
ودعا الحلبي جماهير شعبنا لتبني نهج مهند حتى آخر نفس، معتبرًا أن هذا هو سبيلنا للخلاص من المحتل، الذي يدنس مقدساتنا، ويقتل أطفالنا، ويعتدي على حرائرنا.
وفي رسالة تحدٍ للاحتلال، قال والد الشهيد مهند :" يظنون أنهم بهدم منازلنا سيهدمون إرادتنا، وأقول لهم: خسئتم يا بني صهيون، سنبقى شوكة في حلقكم حتى النصر إن شاء الله".
أما شقيقة الشهيد مهند فوجهت في كلمة قصيرة لها ، وجهت رسالة للاحتلال قائلة : "احرق ما شئت من أرضنا ومزارعنا وأشجارنا لكنك لن تستطيع حرق إرادة الصمود فينا".
القدس بوصلتنا
من جانبه قال الأسير المحرر وبطل معركة الإرادة المحامي محمد علان : "إن في ذهاب الشهيد مهند حلبي إلى القدس لتنفيذ عمليته رسالة ذات مغزى فهو يريد أن يقول إن كل بوصلة لا تشير إلى القدس هي مشبوهة ومأجورة".
وبارك علان لذوي الشهيد اصطفاءه لهذه المرتبة الرفيعة قائلاً : "طوبى لتلك الأرحام التي أنجبت هؤلاء العظام ، ذهب مهند حلبي وترك خلفه جميع الصراعات بين المتنازعين على الدنيا وحطامها الزائل" . لافتاً إلى أن الشهادة لا ينالها إلا الصادقون والعظماء.
شعر بهدير الانتفاضة
بدوره، استهل عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ونائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين قيس عبد الكريم (أبو ليلى)، حديثه بكلماتٍ نقشها الشهيد مهند الحلبي على صفحته في "فيس بوك" قبيل يومٍ من ارتقائه، وأعلن فيها انطلاق الانتفاضة الثالثة.
وقال عبد الكريم :" عندما أطلق البطل مهند هذه الكلمات لم تكن الانتفاضة قد انطلقت بعد، لكنه كان يشعر بهديرها"، معربًا عن فخره واعتزازه بالصرخة التي أطلقها فداء لمسرى النبي محمد، ورفضًا للذل والمهانة لأمهاتنا وأخواتنا المرابطات في المسجد الأقصى المبارك.
ورأى أن هذه الانتفاضة أرسلت بوضوح رسالتين، الأولى للعالم بأن هذا الوضع القائم على استمرار الاحتلال توسيع الاستيطان وتهويد القدس وتدنيس المقدسات المسيحية والإسلامية، لا يمكن أن يستمر، وأن استمراره سيقود إلى مقاومته.
أما الرسالة الثانية فهي لكل الفصائل والقيادات ومفادها ضعوا كل المهاترات على المواقع القيادية والسلطة والحسابات الضيقة وسفاسف الأمور جانبًا، ووحدوا أيديكم في مواجهة الاحتلال، مشددًا على أن وفاءنا لدماء مهند هي بإعلاننا الاستجابة لندائه، وبإنهاء خلافاتنا وانقسامنا.
وختم عبد الكريم حديثه، بقوله :" مهند أعلن أن الانتفاضة الثالثة انطلقت، وأنا أضيف أنها مستمرة، وسيأتي اليوم الذي نعلن فيه أن الانتفاضة انتصرت".
ثورة الكل الفلسطيني
من جانبه، أعرب عضو اللجنة المركزية لحركة فتح جمال محيسن، عن فخره وهو يقف في حضرة الشهداء الذين هبوا نصرةً للقدس والمسجد الأقصى المبارك.
ووجه محيسن تحية لروح الشهيد مهند الحلبي، مفجر انتفاضة القدس، التي أكد أنها ثورة في وجه الاحتلال المجرم، الذي تدعمه الإدارة الأميركية الفاشية.
وقال:" إن كنا لا نمتلك الطائرات ولا الدبابات، لكننا نمتلك الإرادة القادرة على دحر الاحتلال، وتحقيق النصر"، مضيفًا:" من حق شبابنا أن يُبكوا النساء الإسرائيليات كما تبكي نساؤنا، مع العلم أن نساءنا يزغردن باستشهاد أبنائهن أو أزواجهن".
وشدد محيسن على أن هذه هي ثورة الكل الفلسطيني، مشيرًا إلى أن تجزئة الصراع لاعتبارات سياسية أو على نطاق جغرافي كأن نعتبره في غزة أو الضفة أو في أراضي الـ 48 تخدم الاحتلال، وتُضعف نضالنا.
رمزٌ وعنوان شعبي
من ناحيته، لفت عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير والقيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عمر شحادة إلى أن مهند يمثل نموذجًا ومثالًا لأجيال من الشباب تردد كل يوم: يا زهرة النيران في أرض الجليل .. إما فلسطين وإما النار جيلًا بعد جيل.
وقال:" لقد استشعر مهند خطر الحركة الصهيونية بعد أكثر من 20 عامًا على خدعة وكذبة ووهم سلام أوسلو، ليغدو اليوم رمزًا وعنوانًا للتحرر الشعبي العام من الخداع والتضليل السياسي".
وأضاف شحادة :" لقد رفع مهند الحلبي قوس التحدي للمشروع الصهيوني الذي كان يريد استغلال الظروف المحيطة في العالم العربي، والتي رمت بقضيتنا جانبًا، فأراد أن يواجه التحدي بتحدي أكبر ليثبت أن فلسطين وشعبنا أقوى من الموت".
وتابع يقول :" ها هي الانتفاضة التي فجرها الحلبي نجحت في منع تقسيم المسجد الأقصى، وتصدت لشبح تهويد القدس"، مؤكدًا في السياق ثقته بأن شعبنا سيحرر أرضه في نهاية المطاف، وكل العالم من شرور المشروع الصهيوني.
معجزة مهند
وتخلل المهرجان كلمة للمطران عبد الله يونس، الذي نوه إلى أن مهند قام بمعجزة بقدرة الله تعالى، موضحًا أنه كان الشرارة التي ولدت الشعلة، في إشارةٍ منه للانتفاضة المباركة.
ولفت يونس إلى أن الشهيد مهند أيقظ شعبنا من سباته العميق، ليتوحد الجميع حول أهدافنا السامية، وينتصروا للقدس.
وختم المطران يونس حديثه بترديد كلمات من أغنية لجوليا بطرس: استمعت إلى رسالتكم وفيها العز والإيمان، فأنتم مثلما قلتم رجال الله في الميدان .. ووعدٌ صادق أنتم، وأنتم نصرنا الآتي، وأنتم من جبال الشمس عاتية على العادي .. بكم يتحرر الأسرى .. بكم تتحرر الأرض، بقبضتكم بغضبتكم، يصان البيت والعرض.
المكتب الإعلامي- رام الله