أكد الدكتور محمد الهندي عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، أن الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي مؤسس وأمين عام الجهاد، أعاد لفلسطين مكانتها باعتبارها القضية المركزية للأمة.
وأشار الهندي إلى أن الشهيد الشقاقي أحد أهم رموز العمل الوطني الفلسطيني وقادته ونضاله في العصر الحديث، والذي يصادف يوم غدٍ الاثنين 2610 تاريخ استشهاده (ذكرى مرور 20 عاماً على استشهاد الشقاقي، و28 عاماً على الانطلاقة الجهادية لحركة الجهاد الإسلامي).
وقال إن الشقاقي وأمثاله هم من زرعوا المقاومة في جينات شعبنا، مضيفاً أنه أعاد لفلسطين مكانتها في قلب النضال الإسلامي باعتبارها القضية المركزية للحركة الإسلامية وللأمة الإسلامة، معتمداً على قراءته للنص القرآني الكريم والحديث النبوي الشريف، وقراءته لمسار التاريخ الإسلامي منذ "جاسوا خلال الديار"، ودخول المسجد أول مرة، وفتح القدس على يد الخليفة الفاروق عمر رضي الله عنه وأرضاه، وحتى "أعدنا لكم الكرة عليهم"، وكذلك على فهمه للواقع السياسي المعاصر للأمة، ولدور "إسرائيل" كمشروع استعماري غرس في قلب الأمة الإسلامية لإجهاض وتخريب آي نهضة حقيقية أو استقلال حقيقي لأمة محمد صلى الله علية وسلم.
وأشار، إلى أن الدكتور الشهيد الشقاقي منذ اللحظة الأولى نعى اتفاق أوسلو "السلام المسموم" الذي أصبح سقفاً لكل التراجعات الفلسطينية الرسمية، وغطاءًا لكل جرائم العدو من سرقة للأرض وتهويد للقدس واعتداءات على الأقصى، وكذلك مبرراً للمهزومين والمهرولين العرب، الذين غسلوا أيديهم وقلوبهم من فلسطين، وادعوا بأنهم يقبلون بما يقبل به الفلسطينيون!، والمعني هو السلطة الفلسطينية وقادة "أوسلو".
القدس.. قبلة جهادنا
لما كان مشروع الحركة الإسلامية الجهادية في فلسطين يرتكز إلى اعتبار القضية الفلسطينية قضية مركزية للأمة العربية والإسلامية جمعاء، فإن مشروع تحرير فلسطين، وفي القلب منها القدس ومقدساتها هو تتويج لذلك المشروع الحضاري الكبير المصطدم بالمشروع الإستعماري الغربي الصهيوني الذي يستهدف إقامة "الدولة اليهودية" على كامل الأرض الفلسطينية، وتكون القدس عاصمتها "الأبدية" كما يدعي ويزعم قادة العدو الصهيوني، وإفراغها من سكانها الفلسطينيين، وإحلال اليهود المستوردين من كافة بقاع الأرض مكانهم، وذلك من خلال تغيير الطابع الديموغرافي والتاريخي والحضاري والديني للأرض الفلسطينية عامة، وللمدينة المقدسة بخاصة...
وبهذا الصدد يقول الدكتور فتحي الشقاقي "إن فلسطين وبيت المقدس ليست مسألة فلسطينية أو عربية وإنما قضية المسلمين جميعاً، الذين تهفوا قلوبهم لمسرى الرسول (صل الله عليه وسلم) لأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين؛ إلى الأرض التي باركها الله في محكم آياته. ومن هنا فلا يحق لأحد فلسطينياً كان أم عربياً أن يفرِّط بأرضٍ هي إرثٌ للمسلمين جميعاً وجزءٌ من عقيدتهم"...
والقدس، هذه المدينة المقدسة - كما يقول الشقاقي - هي "الأعمق جرحاً بين المدائن، وألأشد ألماً. تئن تحت أحذية الجنود وهي تنزف بلا انتهاء، لكنها في نفس الحين تخبيء عباداً أولي بأسٍ شديد وتمتشق الوعد الإلهي موسوماً بهزيمة بني إسرائيل ودخول المسجد المبارك...".
وكم كان يقظاً وفطناً ذلك العقل الذي قال يوماً إن "مصرع سلامهم المدنس القائم على أوهام القوة والغطرسة"، دائماً كان في القدس... إنها كاشفة العورات، ومقتل سلامهم الزائف المدنس، السلام الذي يريدون به إدخال الجمل العربي الإسلامي في ثقب الإبرة الصهيوني...
وهي لذلك فجَّرت أكثر من انتفاضة في وجه المحتل، وبمواجهة كافة مشاريع التسوية التي ستبقى تصطدم بالعقدة الجوهرية التي تمثلها القدس، وفي القلب منها المسجد الأقصى المبارك الذي سيبقى المفجر الدائم للصراع مع المشروع الإستعماري الصهيوني الغربي.
تفاصيل جريمة الاغتيال
تمكنت أجهزة الاستخبارات الصهيونية من التقاط خبر وصول الدكتور الشقاقي إلى ليبيا، والذي كان على رأس قائمة الاغتيال الصهيونية، فعملت شبكة من الموساد على التقصي والمراقبة، كما كُشف النقاب بعد تنفيذ جريمة الاغتيال عن أن مجموعة أخرى من الموساد كانت في مالطا تترقب وصول القائد الشهيد الشقاقي إلى العاصمة المالطية.
وعند الساعة العاشرة صباحاً من يوم الخميس 26 تشرين أول 1995م وصل الدكتور فتحي الشقاقي في سفينة ليبية إلى مالطا باعتبارها محطة اضطرارية للسفر إلى دمشق، في ظل الحصار الجوي المفروض على ليبيا، وحال وصوله توجه إلى فندق «دبلومات» في مدينة سليما على مقربة من العاصمة لافاليتا وحجز غرفة في ذلك الفندق عند الساعة 10.20 دقيقة وكان يحمل جواز سفر ليبياً باسم مستعار هو إبراهيم الشاويش.. وعند الساعة 11.00 صباحاً غادر الدكتور الشقاقي الفندق متوجهاً إلى مكتب للطيران حيث قطع تذكرة للسفر إلى دمشق في اليوم التالي وفي غضون ذلك، كانت شبكة من الموساد تتربص بالقائد الشهيد، لتختار الفرصة المناسبة لتنفيذ جريمة الاغتيال.
وعند الساعة الواحدة وعشرين دقيقة، وبينما كان الدكتور الشقاقي عائداً وعلى مقربة من فندق «دبلومات» في جادة «تاور»، اقترب منه أحد عناصر الموساد الصهيوني، وحين أصبح بجانبه شهر مسدسه وأطلق عدة رصاصات من مسافة قريبة جداً فاخترقت طلقتان جانب الأيسر من رأسه ولم يكتف من القاتل بذلك وتابع إطلاق ثلاث رصاصات على مؤخرة رأس القائد المجاهد الدكتور فتحي الشقاقي بعد أن سقط شهيداً مضرجاً بدمه الزكي.
وأكد شهود عيان أن القاتل سارع بعد ذلك إلى الفرار على دراجة نارية «ياماها» كانت تنتظره مع عنصرٍ آخر من الموساد، وانطلقت الدراجة بالاثنين لتختفي في مداخل المدينة. وقالت مصادر الشرطة المالطية إن القاتلين قادا الدراجة مدة 5 ـ 10 دقائق، ثم تركاها تحت جسر قرب مرفأ محلي للقوارب و(اللانشات) البحرية، حيثُ كان هناك ما يؤكد أنهما غادرا مالطا مباشرة على متن أحد المراكب التي كانت تنتظرهما هناك.