قال د.عادل سمارة الكاتب والمفكر الفلسطيني، في أول تعليق له على خطاب رئيس السلطة محمود عباس في الأمم المتحدة: "لا أعتقد أن كلمة أبو مازن عبّرت عن طموح وتطلعات الفلسطينيين. هي كانت قبنلة في الأمم المتحدة وليست في الميدان وصراعنا مع المحتل هو في الميدان وليس في أروقة ألأمم المتحدة التي ليست منشغلة بنا بل ضدنا بشكل أو بآخر".
وأضاف في مقابلة خاصة على "فضائية فلسطين اليوم"، اليوم الخميس، ضمن برنامج "حدث وأبعاد"، بأن: "ما يتمناه الشعب الفلسطنيي أكثر من ذلك، يتمنى وقف التطبيع ووقف التنسيق الأمني وإزالة أوسلو وكل هذا لم يحصل".
"في السابق كانوا يقولون نريد القرار الوطني المستقل والآن ربما تبرعت السلطة للعرب والغرب بقرارات كثيرة. ولم يعد العرب يسألوا عنا ولديهم اهتمامات كثيرة أخرى".
وتساءل قائلاً: "هل أعدت السلطة الحوامل الضرورية للبدء بمقاطعة الكيان الصهيوني والبدء بتجاوز اوسلو، حامل اجتماعي، اقتصادي، ضرب الفساد، تقليص الضرائب التي فرضها سلام فياض، ونحن هنا لا نتحدث عن بنية عسكرية لمقاومة الاحتلال بل على الأقل بنية اقتصادية اجتماعية. لذلك حتى لو أعلن أبو مازن القطيعة لكن لا توجد هناك حوامل لتحقيق ذلك".
وقال: "لست متأكداً إذا كان أبو مازن قال سأفجر قنبلة أم لا بل حاشية من الهتيفة حوله تحدثوا عن ذلك، وهم الذين دائماً يلقون بمواضيع عدة دون وجود أرضية واقعية ويشبعون الشعب الفلسطني بالهواء. هناك فريق في الأراضي المحتلة يقومون بتخدير وتعمية الرأي العام الفلسطيني وهي ليست المرة الأولى التي يفعلون فيها ذلك، فهم دائماً يتحدثون بمثل هذا الكلام غير الواقعي وغير الصحيح ولكن لا يوجد من يحاسب وهنا تكمن المشكلة".
وقال: "الجانب الأخر لو كان هو معني ببناء منظمة التحرير وترتيب الوضع الداخلي الفلسطيني فلا داعي للذهاب إلى الأمم المتحدة وإلقاء خطاب هناك بل عليه تنفيذ إجراءات على الأرض على الأقل فيما يتعلق بإنهاء الانقسام والصراع الذي يوجج الانقسام".
وأضاف: "إذا صح أن السيد حمدلله طالب "إسرائيل" بعدم إعطاء قطاع غزة مطار وميناء فنحن نصعّد ضد بعضنا البعض في الأروقة السرية ونتحدث في العلن عن ضرورة إنهاء الانقسام".
وعن رؤية حركة الجهاد الإسلامي وطرحها لإعادة بناء منظمة التحرير وضرورة إنهاء الانقسام، قال: "لا يسمع رأي حركة الجهاد لأن الأطراف المشاركة في منظمة التحرير مستفيدة من الوضع القائم. ونقول إن كل من وافق على أوسلو وشارك بها هو في الحقيقة مع أوسلو تماماً من حماس إلى الجبهة الشعبية والديمقراطية والجميع".
وقال: "نحن نمارس التطبيع ونعمقه في المجتمع الفلسطيني ولأن الجهاد خارج كل هذه البنى التي تتناقض مع حقون شعبنا وحق العودة لا يسمع رأيها".
وتابع: "من يعتبر من المتحمسين أن خطاب أبو مازن كان مجدياً أو أنه غيّر على أرض الواقع في شيء فليعتبر ذلك، وهذا غير صحيح أبو مازن مازال ملتزماً باتفاق أوسلو وكل الاتفاقات مع الاحتلال، حتى التنسيق الحالي مختلف عن التنسيق السابق بل ومتقدم عنه. في السابق كان قوات الاحتلال تنفذ المطاردة للمقاومين ضمن مناطق سيطرتها ومن ثم السلطة تكمل المهمة في المناطق الخاضعة لها، ولكن الآن المحتل يدخل إلى عمق رام الله والضفة ومتى شاء وأينما شاء لمطاردة المقاومين ومطارة أبناء شعبنا. وبالتالي الاحتلال طبّق ما يريد من أوسلو ورفض ما لا يخدم مصالحه. ونشير بأن هناك قنوات كثيرة تنسّق مع الاحتلال غير القنوات الرسمية المعروفة. لذلك أعتقد أن أبو مازن يدرك تماماً بأنه لن يتخلى عن أوسلو وإسقاط هذا الاتفاق مع المحتل أصبح بعيداً".
وقال: "في الضفة الغربية لدينا شعبين شعب السلطة والشعب الفلسطيني، والإمبريالية من خلال تاريخها صاغت ذلك بمعنى أعطي البعض سلطة حتى ينفذ ما تريد وسيفعل ذلك. وكيري عندما التقى عباس قال له إذا قلت كذا سنوقف كذا، ولا يوجد من يموّل السلطة غير أمريكا".
وأضاف: "أتمنى أن يكون عباس يتحدث بجدية أكثر من السابق وإذا حاولنا قراءة هذا الخطاب وما حمله من مواقف على أرضية الماضي سيكون بمثابة التشكي أكثر من اتخاذ القرارات وهذا يدين كذلك من هلل للخطاب. وإذا كان هناك من قنبلة فهي الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وهنا نقول كما أذاقوا غزة في العام 56 الويلات يريدون أن يذيقوا الضفة الويلات، ولكن نعتقد حتى هذا لا يستطيع أبو مازن أن ينفذه، وإذا سألته سيقول فعلاً لا أستطيع تنفيذ ذلك".
وتساءل قائلاً: "كيف يمكن لأبو مازن أن يقول جيراننا الإسرائيليين هم أعداؤنا، وإذا كانوا جيران طيبين كيف نتشكى عليهم في الأمم المتحدة هذا كثير للغاية، وهذه لغة أوسلوستان وليست لغة أبناء شعبنا في فلسطين كل فلسطين".
وقال: "ما تحدّث عنه أبو مازن يبقى ضمن السياق المقبول بالنسبة للكيان الصهيوني الذي لن يقدم على منع أبو مازن من العودة إلى الضفة كما تحدث البعض، ولكن حتى لو حصل ذلك وتم منعه من دخول الضفة بالنهاية هذا عدو يمكن أن يقدم على فعل أي شيء وأبو مازن يعرف ذلك جيداً، وإذا ما قام الاحتلال بعمل ذلك فهو بالتأكيد يعمل عى تدبير مجموعة على يمين أبو زمان وهذا شيء خطير جداًً".
وختم كلامه بالتأكيد على ضرورة وجود حوامل اقتصادية، اجتماعية، وبنية مقاومة تمكننا من شطب اتفاقية أوسلو والاتفاقيات مع الاحتلال التي لم تجلب سوى الويلات لشعبنا، مضيفاً: "لا أعتقد أن أبو مازن يستطيع شطب أوسلوستان، فنحن نأكل ما لا نزرع حتى الزراعة من الكيان الصهيوي، ولا يوجد اقتصاد فلسطيني، نحن لا نزرع ولا توجد ميزانية للاقتصاد والتنمية بل هناك ميزانيات للأمن والرفاهية".
بدوره قال توفيق أبو طعمة الباحث السياسي ومسؤول مركز حق العودة في لوس أنجلوس: "الحقيقة خطاب أبو مازن كان ما دون المستوى، توقعنا منه أن تكون هناك قنبلة نووية إذا صح التعبير لكن تبيّن أنها قنبلة صوتية لا قيمة لها على الإطلاق. السيد عباس تطرّق لعدة مواضيع فيها استجداء للشعب الإسرائيلي وتحدث عن "حل الدولتين" وعن حماية دولية، كل ما تكلم عنه هو إعادة لخطابات سابقة وشعرت وأنا أتابع خطاب الرئيس وكأنها أسطوانة تعيد نفسها. خطابه لم يأت لتبية مصالح الشعب الفلسطنيي بل هو استجداء للشعب الإسرائيلي ومخاطبته بهذه الطريقة يدل على أن أبو مازن في وضع ضعيف جداً. وكان الأولى به أن يخاطب شعبه الفلسطيني وليس الإسرائيليين الذين انتخبوا هذه الحكومة الصهيونية المتطرفة، فالشعب الإسرائيلي شعب فاشي عنصري ولا داعي لمخاطبة هذا الشعب، بل الأولى مخاطبة أبناء الشعب الفلسطنيي أولاً وأخيرا. كذلك تكلم أبو مازن عن وقف التزامته باتفاقيات أوسلو وهذا لا يمكن أن نراه على أرض الواقع".
وأضاف: "الإعلام الأمريكي لم يعط كل هذا الاهتمام للحدث في الأمم المتحدة باستثناء بعض القرارات التي تخدم مصالح أمريكا. ولم تعقد أي لقاءات للبحث في هذه المسائل أو غيرها من التي تحدث عنها أبو مازن. والمجتمع الأمركي يمشي مع السياسة الأمريكية وهذا ما تبدو عليه معظم المؤسسات هناك. والواضح أن رأي الجالية العربية في خطاب أبو مازن أنه بصراحة لم يكن بالمستوى المطلوب، بل كان خطاب ما دون التوقعات. الجالية هنا أصيبت بنوع من خيبة الأمل".
وقال: "أعتقد أن ما قاله السيد الرئيس أبو مازن بالنسبة لفك ارتباطاته والتزاماته بأوسلو غير واقع، لأنه لن يكون بمقدور السلطة فعل ذلك. العالم الغربي والعربي استثمر في أسلو والاتفاقات الهزيلة، ولن يكون هناك تسليم لسلطة وحلّ لها، وخطاب أبو مازن هو نوع من المناورة ومحاولة ممارسة الضغط على "إسرائيل" لتعود إلى المفاوضات من جديد، فلا شيء يمكن أن يتحقق على أرض الواقع لكون الإرادة عند القيادة الفلسطينية غير موجودة حتى الآن".
وقال: بأن اتفاق أوسلو بعد 22 سنة من المفاوضات لم يجلب سوى الويلات لشعبنا ولقد دمرنا المشروع الوطني الفلسطيني. هناك أكثر من 650 ألف مستوطن موجودين في الضفة الغربية والقدس اليوم في ظل اتفاق أوسلو، وكيف تتكلم عما يسمى "حل دولتين" لن يكون هناك أي حل". متسائلاً: "أين الدولة والسيادة في ظل وجود هؤلاء المستوطنين المسيطرين على كل شيء.زوأكثر من 500 حاجز بين طيار وثابت في الضفة. لا يمكن التحدث عن "دولتين" لا يمكن تحقيق وجود دولة في هذا الواقع القائم".
وقال: "إذا كانت الحماية الدولية في مصلحة الشعب الفلسطيني أهلاً بها أما اذا كانت تريد منع مقاومة الاحتلال لا نريدها وسنحمي أنفسنا بأنفسنا، والقيادة الفلسطينية يجب أن تكون مع شعبها وفي خدمته وحمايته دوماً وليس في ملاحقته ومطاردة أبنائه". مضيفاً: "الحماية الدولية لسنا بحاجة لها نحن نحمي أنفسنا، ولكن القيادة عليها أن تتوحد وتنهي الانقسام ونقول للفيتو الأمريكي الإسرائيلي كفى إننا سنتوحد ويجب أن نتوحد، هذا هو الحل الوحيد، بالإضافة كذلك إلى وقف التنسيق الأمني لنتقدم في أي مصالحة".
وقال: "استجداء المجتمع الدولي لتأمين حماية دولية هو مثل القنبلة التي كان يحاول أن يظهرها أو يفجرها أبو مازن في الأمم، هذا استجداء لن يغير أي شيء على وضعنا الفلسطيني ولا في معاناتنا ضد الاحتلال. الوضع سيبقى كما هو. وأبو مازن لن يتمكن من تحقيق وقف الاتفاقيات مع الاحتلال لأنه يجب أن يكون هناك أدوات ومنطق وفترة زمنية لتحقيق لذلك، لذا نؤكد بأن ذلك لن نتحقق أبداً".
وقال: "مهما قدمت للاحتلال فأنت ستبقى مقصّر هذه هي المعاملة مع الشعب الفلسطيني وقيادة السلطة، هم يعاملونك ما دون اللائق وبطريقة بشعة مهما قدمت لهم، والاعلام الإسرائيلي يسعى لإيهام شعبنا بأن عباس قدّم للشعب الفلسطيني شيئاً علماً بأنه لم يقدّم أي شيء".
وختم كلامه بالقول: "حق العودة هو حق لكل الفلسطينيين بالعودة إلى أراضيهم المحتلة منذ العام 48 والعام 67، ولا يستطيع أحد التنازل عن هذا الحق أياً يكن ومهما كان. من دون حق العودة لن يكون أي "سلام" أو إنهاء للصراع". مشيراً بأن: "القيادة الفلسطينية تخلت من خلال مفاوضاتها عن حق العودة واكتفت بحق عودة بعض اللاجئين وهو ما كشف عنه أكثر من مرة. حق العودة ليس على أجندة القيادة الفلسطينية حتى الآن ومهمل وهذا خطر جداً أن نعامل حق العودة بهذه الطريقة. هم يعلبون كذلك بالكلمات والمفردات من خلال القول: نريد حلاً عادلاً لقضية اللاجئين، علماً أن الحل الوحيد يكون بعودة كل أبناء الشعب الفلسطيني إلى أراضهم في فلسطين التي نعرفها ولا نعرف غيرها".