بعد سنوات الحصار الطويلة التي يعيشها أهلنا في قطاع غزة أجد أنه من الصعب التعامل مع أزمة الكهرباء على أنها مشكلة عادية تعالج بالطرق التقليدية، بل إنني أعد حرمان قطاع غزة الكهرباء الجريمة الأخطر، بعد جريمة القصف والاستهداف من قبل جيش الاحتلال؛
لما يتسبب به انقطاع الكهرباء من قتل غير مباشر للمرضى في المشافي، واستخدام بدائلها مثل الشموع ومولدات الكهرباء، وكونها تدمر الاقتصاد وعجلة الإنتاج، وتحيل حياة الغزيين إلى جحيم لا يطاق، وأظن أنه مهما حاولت أنا أو غيري ممن لا يعيشون في قطاع غزة، ولم يجربوا معنى الحرمان من الكهرباء؛ فلن نستطيع استشعار المأساة بعمقها الحقيقي، وكل أبعادها، ولا جزء كبير منها.
أسباب أزمة الكهرباء معروفة للجميع، ويتحمل مسؤوليتها أطراف متعددة، ومنها أطراف فلسطينية، ولكن لا يمكن الاستسلام لهذا الواقع، والاكتفاء بتحميل تلك الأطراف المسؤولية؛ لأن هذا لن ينقذ مريضًا، ولن يعيد تشغيل مصنع، أو يخفف حر هذه الأيام عمن اختنقوا من شد الحر في (الكرفانات) أو منازلهم، وللعلم إن الكثير من أولئك يتهمون المسئولين بالتقصير؛ لأن لديهم الكهرباء على مدار الساعة وهم غير مستعدين للتفكير بجدية في مشاكل غيرهم، قد أختلف معهم، ولكنني أعذرهم لشدة معاناتهم، وفي المقابل إنني أطالب الجهات المسئولة ببذل جهود أكبر، وأنا على ثقة بأنهم قادرون على ذلك؛ لأن غزة عودتنا الإبداع عندما تتوافر الإرادة، وقوة الإرادة كما نعلم تتناسب طرديًّا مع قوة الإيمان بالحاجة لتحقيق الهدف.
أحد المواطنين من قطاع غزة _واسمه محمد صالح_ عرض فكرة وتمنى أن تصل إلى أصحاب القرار؛ فهو يطالب الجهات المختصة بدراسة إمكانية استخدام (توربينات أتش كلاس 8000) الألمانية التي تعمل بالغاز الطبيعي، ويمكن لـ(توربين) واحد أن يوفر احتياجات غزة من الكهرباء، هذه فكرة لا أدرى مدى نجاعتها، ولكنها دليل على اهتمام المواطنين في غزة باكتشاف حل ووضع حد لأزمة الكهرباء التي تضاعف معاناة سكان القطاع.
خلاصة القول: إنه يجب العمل على إنهاء أزمة الكهرباء بطرق إبداعية، وأن يشعر المواطن بجدية الجهات المسئولة في ذلك، وهذا كله لا يعفي من المسؤولية والمساءلة القانونية أي طرف داخلي أو خارجي تسبب بصورة مباشرة أو غير مباشرة في حصار غزة وحرمان أهلها الكهرباء.