مضى إثنان وخمسون يوماً على إضراب المناضل الاسير خضر عدنان في تحدي لإرادة الجلاد الإسرائيلي الوحشية، ولنيل حريته المسلوبة. وتجربة الشيخ خضر مع الإضراب ليست الأولى، فأول إضراب خاضه، كان عام 2005،
عندما قامت سلطات سجن كفاريونا في العزل الانفرادي، فأعلن الإضراب المفتوح لمدة 12 يوماً، حتى خضعت سلطات السجن لإرادته. ثم إضرابه الـ66 يوماً عام 2012، عندما فرض إرادته أيضاً على الحكومة الإسرائيلية الإفراج عنه في أبريل 2012. أضف إلى أن أسير الحرية، عاش تجربة السجن ثماني مرات ما بين الاعتقال الإداري والحكم.
منذ بداية مشواره الكفاحي مع أجهزة الأمن الإسرائيلية، تميّز الشيخ عدنان بالصلابة وقوة الشكيمة في تحديه لقرارات وإجراءات جهاز "الشين البيت"، ففي العام 2011 عندما استدعاه جهاز المخابرات الإسرائيلي، رفض خضر الذهاب لمقابلتهم في منطقة جنين، وأعلن أمام محامي مؤسسة الضمير: "أنا ولدت حراً، ولن أذهب إلى السجن طواعية، وإحتجاز حريتي واعتقالي، هو إعتداء على هويتي". مما إضطر سلطات الاحتلال الإسرائيلية لاقتحام بيته واعتقاله.
سمة التحدي، التي عُّرف بها الشيخ خضر عدنان، صقلت تجربته الاعتقالية والكفاحية عموماً. وما يمثله الآن من تحدي لإرادة سلطات السجون الإسرائيلية، بإضرابه المتواصل منذ 52 يوماً، لخير دليل بطولته المتميزة. وهو المعروف أيضاً بإصراره على تحقيق هدف أي إضراب يخوضه، الأمر الذي يشير إلى أنه لن يستسلم لمناورات سلطات السجون، وسيواصل إضرابه حتى تحقيق هدف الإفراج عنه مجدداً.
تجربة الأسير خضر وقلة من المناضلين الأبطال، الذين خاضوا معركة الأمعاء الخاوية كالأسير سامر العيساوي، على أهمية تلك المعارك الفردية في تحدي إرادة الجلاد الإسرائيلي، إلآ أنها مازالت تعاني من ضعف الإرادة الجمعية لأسرى الحرية من مختلف الفصائل والقوى. الأمر الذي يستدعي من قادة الفصائل في سجون الاحتلال الإسرائيلي، الخروج من حالة المراوحة والانتظار، والبحث الجدي في تنظيم الإضراب الشامل لكل الأسرى دون استثناء لتحقيق المطالب المطلبية والسياسية. لأن بقاء معارك الأمعاء الخاوية محصورة ببعض الأسماء والمناضلين، يحول دون تحقيقها الأهداف العامة لكل المناضلين.
لذا هناك حاجة وطنية كي تتداعى كافة القيادات الوطنية في سجون الاحتلال الإسرائيلية من مختلف الفصائل والمستقلين لإجراء مراجعة لتجربة المواجهة مع سلطات السجون الإسرائيلية، والعمل على: أولاً التصدي للاعتقال الإداري، الذي يطال المثات من المعتقلين دون وجه حق، والعمل على إلغائه كلياً، رغماً عن حكومات "إسرائيل" وأجهزتها الإمنية؛ ثانياً رفض الأحكام الإسرائيلية كلها، لأنها أحكام جائرة، لا تمت للقانون والعدل بصلة؛ ثالثاً تصعيد الكفاح حتى انتزاع إعتراف من سلطات السجون، بأن الأسرى الفلسطينيين، هم أسرى حرب، وليسوا "إرهابيون"، بل هم أسرى حرية وسلام، وكفاحهم، كفاح تحرري، لا يجوز، وليس مقبولاً لأحد وصمة بصفات لا تمت للواقع بصلة؛ رابعاً تصعيد الكفاح وخاصة معركة الأمعاء الخاوية حتى يسمع العالم صوتهم من داخل باستيلات "إسرائيل" المارقة والخارجة على القانون؛ خامساً تتلازم مع كفاحهم داخل السجون الفعاليات والأنشطة الرسمية والشعبية على مختلف الصعد والمستويات لإرغام دولة الإرهاب المنظم الإسرائيلية بالإفراج الكلي عنهم.
الشيخ خضر عدنان نموذج متميز في كفاح الأمعاء الخاوية، يا حبذا لو أن يقتدي به أسرى الحرية لتحقيق مطالبهم وأهدافهم.