"الأمير" إسحق هرتسوغ رئيس حزب "العمل" ومرشحه لرئاسة الحكومة الإسرائيلية يحاول أن يخالف بنيامين نتنياهو في كل شيء.. فبينما يحاول نتنياهو أن يخاطب المتطرفين والمستوطنين لكسب أصواتهم
يعمل هرتسوغ على كسب أصوات "الشارع الإسرائيلي" الذي لا يعنيه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أو العربي الإسرائيلي بقدر ما يعنيه الرفاه الإجتماعي وأسعار المحروقات والشقق وسعر الفائدة في المصارف الإسرائيلية..
هذا "الشارع" وخاصة الذي "يسكن" المدن الكبرى: تل أبيب.. حيفا.. يافا وعكا.. يحبذ الحديث عن التسوية ويخشى من الصراع أو الحروب التي تفقده "الأمن والأمان".. بالاضافة إلى أن هذا الشارع يرى بالولايات المتحدة الراعي والضامن للمستقبل..
إسحق هرتسوغ الذي جاء من أسرة إسرائيلية سياسية ولها جذور عميقة في "الحكم" والمال رغم عدم قناعة البعض بشخصيته التي توصف بأنها لا تتحمل الضغط إلا أنه يحاول أن يضع خطوطاً مختلفة "للسياسة الإسرائيلية" المستقبلية حال وصوله إلى سدة الحكم تبتعد عن الخطوط التي امتدت لأكثر من أربعة عشر عاماً..
فالرجل يتحدث بجرأة عن استعداده إلقاء خطاب أمام البرلمان الفلسطيني في رام الله لإقناع أعضاءه بأفكاره حول التسوية.. الرجل أيضاً يعد الناخب الإسرائيلي بالرفاه الاجتماعي وبتحسين العلاقة مع واشنطن لاسيما بعد الخلافات التي دبت بين نتنياهو وإدارة أوباما لأسباب متعددة كان آخرها البرنامج النووي الإيراني..
إدارة أوباما وإن كانت وفق الأعراف الدولية والدبلوماسية لا تستطيع أن تعلن عن رغبتها بوصول هرتسوغ إلى سدة الحكم إلا أنها تصلي في كل ليلة أن يستطيع تحالف "هرتسوغ – ليفني" أن ينهي حقبة بنيامين نتنياهو..
أما نتنياهو فما زال يسير في ذات الطريق التي يرصفها بالأعداء والخوف من المستقبل إن لم يكن هو في هذا المستقبل..
إلى واشنطن سيتوجه رئيس الحكومة الإسرائيلية المنتهية ولايته ليقف أمام الكونغرس في دعاية انتخابية عنوانها (إيران).. نتنياهو سيحاول من خلال خطابه في الكونغرس أن يقول للناخب الإسرائيلي "أنا الوحيد القادر على منع إيران من امتلاك السلاح النووي.. وأنا القادر على التأثير في السياسية الأمريكية تجاه العالم وتحديداً تجاه أعداء إسرائيل"..
لكن الهجمة المضادة من القيادة الأمريكية تجاه زيارة نتنياهو إلى واشنطن ومحاولته كسب أصوات الإسرائيليين من البوابة الأمريكية قد تؤثر سلباً على الرجل.. لاسيما وأن وزير الخارجية الأمريكية جون كيري يعلن دفاعاً مستميتاً عن المفاوضات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى الدرجة التي أعلن فيها كيري ومن خلفه جواد ظريف بأن زيارة نتنياهو لن يكون لها تأثير على المفاوضات والاتفاق المرتقب.. وقد تكون هذه رسالة إلى الناخب الإسرائيلي من الولايات المتحدة وإيران بأن نتنياهو ليس هو المنقذ والحامي من إيران النووية وإنما المنقذ والحامي من ذلك هو ببقاء "إسرائيل" تحت رعاية وحماية الولايات المتحدة الأمريكية وليس بمخالفتها.. ومحاولة التشويش عليها في اتفاق - إن تم - سيجد تأييداً عالمياً ومخالفة إسرائيلية منفردة..
إذاً دعاية نتنياهو الانتخابية التي ستكون من واشنطن قد ترتد سلباً عليه وبدلاً من أن ترفع "شعبيته" المنهارة قد تزيد من الانهيار.. أما هرتسوغ الذي يريد الوصول إلى رام الله فقد اختار طريق المخاطرة في ظل اليمين الإسرائيلي المتنامي لكنه أمام المجتمع الدولي والراعي الإمريكي اختار المكان الأكثر أمناً.. لكن في النهاية لا أحد يستطيع توقع نتائج الانتخابات التي ستجري بعد منتصف آذار.. لكن المتوقع أن نتنياهو لن يغير من شكل الإتفاق الأمريكي الإيراني المنتظر ومراهنته على أن يقنع الشارع الإسرائيلي بأنه قادر على التأثير على القرار الأمريكي قد انتهت..