في الساعة الحادية عشرة من يوم الأربعاء الموافق 28 يناير الحالي نفذت مجموعة شهداء القنيطرة، التابعة لحزب الله عملية عسكرية ضد قافلة عسكرية إسرائيلية في مزارع شبعا، أودت وفق المعلومات الراشحة من "إسرائيل" والحزب بأربعة قتلى وتسعة جرحى وتدمير عدد من الآليات.
لم ينتظر الحزب طويلاً بإعلان تبنيه العملية، وأصدر بياناً حمل الرقم (1) الأمر الذي يشير إلى إمكانية صدور أكثر من بيان، تقديراً من الحزب أولاً لردود فعل إسرائيلية متسرعة؛ ثانياً إمكانية تنفيذ عدد آخر من العمليات العسكرية ضد دولة التطهير العرقي الإسرائيلية. وهو ما يؤكد، أن الحزب أيضاً لا يعتبر العملية العسكرية الناجحة، كافية للرد على العملية الإسرائيلية الأسبوع الماضي، التي أودت بحياة ستة من كوادر الحزب وأحد الجنرالات الإيرانيين.
إذا الحزب شرع بالرد على العملية الإسرائيلية، ولم ينتظر طويلاً. واختار الأراضي اللبنانية المحتلة مكاناً للرد الأولي، وليس داخل الجليل الأعلى أو في أماكن أخرى من العالم. وهذا الاختيار، له إيجابيات واضحة، كونه تم في الأراضي اللبنانية المحتلة، ولأن العملية ضد العسكريين الإسرائيليين، وليس ضد المستوطنين. وهذا الرد من المفترض أن يكبّل الحكومة الإسرائيلية المنحلة في الرد، ويقيد سيناريوهاتها بهذا الشأن. رغم الإدراك المسبق، بأنها حكومة ساقطة، وعلى رأسها شخص متهالك على البقاء في كرسي الحكم، ولديه ائتلاف يميني متطرف لا يأبه بأية معايير سياسية أو قانونية أو أخلاقية، كل ما يهمه بث سموم عنصريته على العرب عموماً والفلسطينيين واللبنانيين بشكل خاص، الأمر الذي يفتح الأفق لإمكانية مشاهدة تسخين الجبهة على الحدود الجنوبية اللبنانية وفي الضاحية والبقاع وجبهة الجولان وخاصة القنيطرة.
جاء رد حزب الله أيضاً رداً على الرسائل، التي بعثت بها "إسرائيل" وأميركا عبر سفيرها في لبنان، ديفيد هيل، الذي أشار أمس الأول، إلى ضرورة عدم انجرار حزب الله بالرد على العملية، لأن الرد الإسرائيلي سيكون كبيراً وغالياً، وذكر بحرب 2006، عندما قامت "إسرائيل" بتدمير الضاحية الجنوبية في بيروت. كما أن استهتار القيادة الإسرائيلية برد حزب الله، ودعوتها سكان الجليل والمناطق المحاذية للحدود بعدم مغادرتها، وعدم التخوف من الرد، إضافة لتصريحات جنرالات الجيش بما في ذلك رئيس الأركان، غادي ايزنكو، الذي لم يتسلم حتى الآن منصبه رسمياً، الذين توعدوا وهددوا الحزب ولبنان برد فعل غير مسبوق، جميع هذه الرسائل سرعت من رد حزب الله وحلفائه. كون الحزب شاء القول بصوت الرصاص والبرود لـ"إسرائيل" وحلفائها، لا نخشاكم، وكل الأثقال والأعباء والجبهات المفتوحة علينا، لن تثنينا عن الرد عليكم، لأن مصداقيتنا ستذهب مع الريح، وستفتح شهية المتربصين بنا للانقضاض علينا، ونهش لحمنا نياً..
عملية شهداء القنيطرة، سيكون لها تداعيات متواترة. ولن تقف عند حدود البيان الأول. نتنياهو المتهاوي، سيحاول استثمار العملية لصالحه من خلال خلط للأوراق في الجبهة الشمالية، لاسيما وأن المخطط الإسرائيلي المعد سلفاً، والذي أشار له أكثر من قائد سياسي وعسكري إسرائيلي، يستهدف حزب الله وترسانته العسكرية، التي تعافت وتضاعفت وازدادت قوة بعد حرب 2006. لذا سيهدف المخطط الإسرائيلي على الأقل لتقليم أظافر حزب الله بالحد الأدنى، وإن تمكنت من قصم ظهره لن تتأخر، لأن المعادلة في لبنان غيرها في فلسطين.
مع ذلك تخطىء "إسرائيل" إن افترضت أنها في ظل تصاعد حجم الفضائح في الجيش والشرطة والحكومة وقواها الحزبية والسياسية، أنها قادرة في اللحظة السياسية الراهنة على تحقيق ما تصبو إليه.. لكن المؤكد أن الجبهة الشمالية باتت على صفيح ساخن، ودخلت من الآن فصل صيف قائظ الحرارة..