انطلاقاً من بيان المقاومة الإسلامية في لبنان حول عملية مزارع شبعا البطولية، وإصرار حزب الله على إدراجه ضمن "بيان رقم 1"، وما خبرناه من قدرة الحزب ونفسه الطويل في الرد على العدوان الإسرائيلي المتواصل والذي يستهدف قادة وكوادر المقاومة، بل ولبنان بشكل عام من اعتداء يومي ومتواصل
(اختراق للأجواء اللبنانية، اختراق للحدود والسيادة اللبنانية، استهداف للجيش اللبناني أكثر من مرة في الجنوب اللبناني، العمل على تفعيل شبكات التجسس في لبنان وزرع أجهزة تنصت على الحدود... الخ). يمكن لنا أن نقرأ ما بين سطور هذا البيان انطلاقاً من عنوانه "واللبيب من الإشارة يفهم"، بأن هذا البيان حتماً سيتبعه بيانات أخرى (رقم2، رقم3... وربما 4 و5 الخ). وهو ما يشير بما لا يدع مجالاً للشك بأن الحزب اختار بالفعل المواجهة مع كيان الاحتلال، بمعنى أولاً الاحتفاظ لنفسه بحق الرد ـ وهو ما حصل فعلاً في شبعا رداً على العدوان الإسرائيلي في القنيطرة ـ، وثانياً أن رسالة حزب الله لقادة العدو بأن أي تصعيد على الأرض من قبل كيان الاحتلال سيقابل برد أكبر من رجال المقاومة في لبنان، ثالثاً وهو ما ذهبت إليه بعض التحليلات والأنباء غير المؤكدة بأن العملية البطولية في مزارع شبعا المحتلة إضافة إلى أنها أسفرت عن وقوع عدة قتلى وجرحى في صفوف جيش الاحتلال، أشارت الأنباء الواردة بأنه تم خلال العملية أسر أحد جنود الاحتلال وسحبه إلى الداخل اللبناني، وهو ما لم تؤكده أو تنفيه مصادر العدو، فيما لايزال حزب الله يمارس لغة الصمت عن التفاصيل الكاملة للعملية النوعية والبطولية، ربما بانتظار خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بعد غدٍ الجمعة.
أما عن كونها عملية نوعية فهو ما له علاقة بالتخطيط الاستراتيجي والتكتيك العسكري واختيار الزمان والمكان المناسبين، بمعنى أن هذه العملية لم تأت من فراغ أو دون تخطيط ورصد مسبق لأرض الحدث، أي أنها بلا شك استدعت الكثير من الرصد والمراقبة والمتابعة من قبل رجال المقاومة الإسلامية في لبنان، لتنقلات جنود الاحتلال وآلياتهم العسكرية في مزارع شبعا المحتلة بل وحتى في الشمال الفلسطيني المحتل، لتبقى بذلك يد حزب الله جاهزة على الزناد لإطلاق الرصاص وتصويبه صوب العدو متى شاء وبالطريقة التي يراها مناسبة.
أما عن عنجهية المحتل وغطرسته وتهديده بالتصعيد بعد عملية شبعا، وهو ما صدر عن قادة الاحتلال ولاسيما رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وفي الوقت نفسه طلب رئاسة أركان جيش الاحتلال للمستوطنين في الشمال المحتل وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة، بأن يمارسوا حياتهم كما شاؤوا وبشكل طبيعي واعتيادي، في خطوة تهدف إلى تهدئة المستوطنين المذعورين من احتمال تسخين الجبهة بشكل أكبر من قبل المقاومة الإسلامية وتوسيع دائرة الاستهداف للمواقع والمستوطنات، فهي كذلك تحمل رسالتين: الأولى لها علاقة بتهديد أجوف وفارغ من المعنى والمضمون يدلّ على حالة التخبط التي يعيشها كيان الاحتلال بعد عملية شبعا وعدم وجود رؤية واضحة لماهية التعامل معها، والثانية تبعث برسالة إلى المقاومة الإسلامية في لبنان بأن كيان الاحتلال غير معني بالتصعيد وتسخين الجبهة إلى حد يمكن له أن يقود إلى وقوع حرب جديدة وعدوان جديد على لبنان، سيكون للمقاومة رد حازم وصارم عليه، ولاسيما مع تصريحات الأمين لحزب الله السيد حسن نصر الله وتأكيده أن المقاومة جاهزة لأي عدوان وأنها تملك الأسلحة والوسائل القتالية المناسبة والخبرة الكبيرة لذلك، وبقدرات لا يمكن للعدو أن يتوقعها تفوق بكثير ما حصل خلال عدوان تموز العام 2006.
إلا أننا نود أن نوجه رسالة لأخواننا المقاومين من حزب الله ولأمينها العام السيد نصر الله بأنه وكما تعلمون وتتعاملون على أساسه، فإن الحذر الشديد والدائم هو واجب مع عدو ماكر وغادر، سيما أن تناقض التصريحات داخل كيان الاحتلال بين طلب التهدئة والتصعيد والتهديد بالرد، ربما يكون وراءه خدعة لرجال المقاومة لها علاقة بضربة كبيرة ومباغتة تأتي على ذات مأمن وتؤدي إلى خسائر كبيرة ونوعية داخل صفوف المقاومة ورجالاتها، من هنا فإنه يجب التعامل بكل حذر مع تصريحات الاحتلال المتناقضة والمترنحة ما بين التهدئة والتصعيد.
إن عملية مزارع شبعا البطولية والنوعية فعلاً جاءت لتؤسس لمرحلة جديدة ومعادلة جديدة بأن أي عدوان لكيان الاحتلال على المقاومة ورجالاتها لن يبقى دون رد قوي وصارم، وهو ما خبرناه كذلك بالفعل خلال العدوان الأخير على قطاع غزة، حيث لقنت المقاومة الفلسطينية العدو درساً لن ينساه ومرغت أنوف قادته في وحل غزة العزة، ليقر العدو بهزيمته على لسان أكثر من قيادي عسكري وأمني بل وسياسي داخل كيان الاحتلال.
وبناءً على ما سبق فإن محاولات كيان الاحتلال لاستعادة ما يتمناه من قدرة موهومة ومزعومة على "الردع" بات ضرباً من الماضي وذهبت أدراج الرياح، سواء أكان في فلسطين المحتلة أو في لبنان أو باقي الأراضي المحتلة.. لقد أضحى العدو اليوم يحسب ألف حساب لأي خطوة حمقاء أو جريمة يمكن أن يقدم عليها، بعد أن أصبح جلياً له أنها لن تبقى دون رد بل ورد نوعي.
سامر العريفه