تساؤلات كثيرة طرحت حول توجه السلطة الفلسطينية إلى مجلس الأمن وأخرى تداولها عدد من وسائل الإعلام والصحافة الفلسطينية بعد فشل مشروع قرار السلطة "إنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 مع نهاية العام 2017".
وإن كان التوجه إلى مجلس الأمن في الـ31 من كانون الأول/ ديسمبر الماضي كان محكوماً مسبقاً للفيتو الأميركي الذي كانت الإدارة الأميركية تلوّح به في حال نجاح المشروع بحصوله على 9 أصوات من أعضاء المجلس، فما هي اهداف السلطة الفلسطينية من هذه الخطوة؟
أسئلة كثيرة أجاب عنها وزير الخارجية في حكومة السلطة الفلسطينية رياض المالكي من خلال برناج "مقابلة خاصة" عبر شاشة فضائية فلسطين اليوم.
أهداف التوجه إلى مجلس الأمن
أكد وزير الخارجية رياض المالكي، "إن خطوة التوجه إلى مجلس الأمن كانت شبه مكللة بالفشل فلم يروّج أحد أننا ذاهبون ولدينا النجاح، إلا أن السلطة الفلسطينية كان لها أهداف أرادت تحقيقها من هذه الخطوة".
وقال المالكي "نحن قررنا الذهاب إلى مجلس الأمن لسببين، فنحن أردنا أن نقول أن المجلس هو الجهة الصحيحة المخوّلة بمعالجة مثل هذا الموضوع كونه هو المسؤول عن الأمن والسلم العالميين... كما أردنا أن يصبح هذا الموضوع على سلّم أولويات وعلى أجندة المجتمع الدولي ككل... الجميع كان يتحدث عن ضروة العودة للمفاوضات لإنهاء الاحتلال، لكنا أردنا أن نقول أننا الآن لا نريد أن نتحدث عن المفاوضات كمفاوضات وإنما أردنا ان نتحدث أن إنهاء الاحتلال هو القضية المركزية الأساسية للشعب الفلسطيني".
وأضاف المالكي "أردنا أن نثبت للعالم أجمع مدى أهمية هذا الطرح في مجلس الأمن وأنه لا يمكن التغاضي عنه حتى وإن فشل في الحصول على الشرعية... وإننا سنعود لطرحه في مجلس الأمن من جديد عندما تتوفر الإمكانيات لذلك".
نيجيريا... قلب الموازين في تصويت مجلس الأمن
حول موضوع تصويت الدول الأعضاء في مجلس الأمن على مشروع القرار، أشار المالكي إلى أن النتيجة كانت معروفة مسبقاً وأن تغيير موقف الدول التي امتنعت عن التصويت (بريطانيا، نيجيريا، روندا، لتوانيا وكوريا الجنوبية) لم يكن سيقلب الموازين لصالح مشروع القرار.
وعن تغيير موقف نيجيريا في النصف ساعة الأخيرة قبل التصويت قال المالكي أن الخارجية الفلسطينية كانت واثقة من تأييد نيجيريا لمشروع قرار السلطة "إنهاء الاحتلال" بعد تبلغها من قبل الخارجية النيجيرية بذلك إلا أن حكومة "نتنياهو" ضغطت على الحكومة النيجيرية للامتناع عن التصويت محاولة تجنيب الإدارة الأميركية إستخدام الفيتو. وأشار المالكي إلى أن هذا الضغط قد يكون من خلال التمويل العسكري أو الإستخباراتي "الإسرائيلي".
وأضاف المالكي "إن بعض الدول أبلغتنا بتصويتها لصالح مشروعنا أو امتناعها عن التصويت" مشيراً إلى أنه للمرة الأولى ينقسم قرار الاتحاد الأوروبي، حيث صوتت فرنسا ولوكسمبورج لصالح المشروع مقابل امتناع لتوانيا وبريطانيا عن التصويت.
العودة إلى مجلس الأمن
وبالعودة إلى قرار إعادة طرح المشروع أكد المالكي أن السلطة الفلسطينية تنوي العودة إلى مجلس الأمن وتكرار طرح مشروع قرار إنهاء الاحتلال مرات عدة للتصويت في المجلس، موضحاً أن السلطة الفلسطينية تدرك المعضلات التي ستواجهها في المرات المقبلة لاسيما ما يتعلق بالتغيير الدوري للدول الأعضاء من جهة والفيتو الأميركي من جهة أخرى.
وأضاف المالكي أن السلطة الفلسطينية استخلصت العبر والدروس من توجهها إلى المجلس لإستصدار قرار بإنهاء الاحتلال وستحاول تجنب كافة العوائق أمام هذا المشروع.
وتابع وزير الخارجية قائلاً "نحن في حالة اشتباك إيجابي مستمر مع كافة الدول الأعضاء في مجلس الأمن، سواء أكانت دول جديدة أو دول سابقة، لأن هذه هي مسؤوليتنا كوزارة خارجية في التواصل المستمر من أجل أن نكون مهيئين في اللحظة التي تقرر فيها القيادة الفلسطينة العودة واللجوء إلى مجلس الأمن لطرح مشروع القرار من جديد لكي نعطي تقديراً لطبيعة التصويت التي يمكن أن تحدث في مجلس الأمن".
موقف الدول العربية من التوجه إلى مجلس الأمن
في هذا الصدد أكد المالكي أن التوجه إلى مجلس الأمن لقي قبولاً من كافة الدول العربية، مشيراً إلى أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلتقى وزراء الخارجية العرب وطرح عليهم مشروع القرار الفلسطيني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة عام 1967، حيث صدر عن هذا اللقاء قراراً عربياً يؤيد دعم توجه السلطة الفلسطينة إلى مجلس الأمن بالإضافة إلى تشكيل لجنة وزارية انبثقت عن مجلس الوزراء العرب لزيارة بعض العواصم من أجل حثها على دعم مشروع قرار السلطة.
واضاف المالكي "إن التوجه الفلسطيني إلى مجلس الأمن هو توجه عربي قبل أن يكون فلسطينياً، وعندما قدّم مشروع القرار سمّي مشروع القرار العربي الفلسطيني أي أنه قرار عربي قبل أن يكون فلسطينياً وهذا يعكس الدعم العربي الكامل لمشروع القرار دون أن يكون هناك أي تحفظ من أي دولة كانت".
إعمار غزة بين تسلم حكومة الوفاق زمام الأمر وتأخر صرف المنح المقدمة
في ختام الحوار مع وزير في حكومة السلطة الفلسطينية رياض المالكي تطرّق البديري إلى موضوع إعادة إعمار غزة وتأخر عملية الإعمار إلى الآن.
وحول هذا الموضوع قال المالكي أن المبلغ الذي التزمت به الدول المانحة في مؤتمر إعادة إعمار غزة في القاهرة والبالغ ما يقرب الـ5 مليار دولار لم يحوّل منه إلى الحكومة سوى 40 مليون دولار منها 25 مليوناً من قطر قسّمت بين إعادة تأهيل المباني المتضررة وتأمين الوقود اللازم لتشغيل محطة الكهرباء في غزة.
وفي هذا الصدد أكد المالكي أن أي مبلغ يصل إلى الحكومة "يخصّص لإعادة الإعمار ويوزع بكل شفافية" مضيفاً "للأسف الشديد حتى هذه اللحظة لم يأتينا من مجموع كل ما التزمت به الدول المانحة إلا 40 مليون دولار".
وأشار المالكي إلى أن تأخر تحويل الأموال اللازمة لعملية إعادة الإعمار هو بسبب حركة حماس قائلاً "إن حركة حماس لا تزال حتى هذه اللحظة تسيطر بشكل كامل على قطاع غزة وترفض السماح لمختلف وزارات حكومة الوفاق بتسلم مهامها في القطاع" مضيفاً "إن كل الدول المانحة بما فيها الدول العربية تقول أنه لن يتم تحويل أي أموال لإعمار غزة ما دامت حماس مسيطرة على معابر القطاع".
كما تطرّق المالكي إلى قضية معبر رفح، حيث قال "إن الجميع يريد أن يرى المعبر مفتوحاً في كلا الإتجاهين، وإغلاق مصر للمعبر يأتي بسبب الخطر الإرهابي الموجود في شمال سيناء، وذلك لإبقاء المواطن الفلسطيني بعيداً عن خط النار في المنطقة بحسب الحكومة المصرية، ونحن نتفهم موقفهم وفي كل فترة نطلب منهم فتح المعبر بشكل مؤقت لتسيير أمور المواطنين والمضطرين للسفر من وإلى غزة عبر رفح، إلا أن الأحداث الأمنية في المنطقة تعرقل الأمر".
وأوضح وزير الخارجية في حكومة السلطة الفلسطينية رياض المالكي أنه من المنتظر إعادة طرح موضوع فتح معبر رفح خلال لقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يوم الأربعاء القادم وفق تفاهمات جديدة تسمح بإعادة فتح المعبر لفترة أطول.