يترجل ابن قرية الشجرة في فلسطين المحتلة عن صهوة لجوئه، ليودع عالمنا الأرضي عن عمر يناهز الثلاثة والثمانين عاماً في مدينة حمص السورية بعد صراع طويل مع المرض.
لطالما كان إبراهيم محمد صالح المعروف بلقبه الشهير "أبو عرب" الناطق باسم ما في قلوب الفلسطينين ولسان حالهم. كان الرجل في لجوئهم عامود الخيمة..وفي توقنا إلى فلسطين كان جسر الحنين..وفي مقاومة المحتل الصهيوني كان يحمل في حنجرته سلاحاَ يقاوم، و يحمل في كلماته رصاصاً يمزق صمت الهزائم..يعلنها ثورة...وعلى هذا النحو كان أبوعرب مطرب الثورة الفلسطينية صوت الوطن والضمير.
الرجل الشامخ الذي كان يشبه في رمزيته الكوفية التي لطالما ارتداها في معظم أغانيه، استطاع أن يكرس نمطاً غنائياً خاصاً مترعاً بالحنين والشوق إلى فلسطين، و بتمجيد الثورة ورجالاتها، والدعوة لمقاومة المحتل..والصمود..فكانت أغنياته الكثيرة ومنها: "هدي يابحر"، "من سجن عكا"، و"العيد" و"يا موج البحر"... بالإضافة الى أغاني العتابا والمواويل والكثير من الأهزوجات.. كان بيانات للثورة وللشعب الفلسطيني.
ولد أبو عرب في قرية الشجرة قضاء طبريا في فلسطين عام 1931، وتنقل من لبنان إلى سوريا وتونس ومخيمات الشتات في العالم التي شهدت على حبه لأرضه.
شهد أبو عرب في طفولته انطلاق ثورة "القسام" 1936 التي كرس لها جده أشعاره كافة للإشادة بها كما كابد الرجل معاناة النكبة ، وعاش تحولاتها، وسار وعائلته في الخط الأمامي في ثورتها، فاستشهد والده في 1948 خلال اجتياح قوات الاحتلال لفلسطين، واستشهد ولده في 1982 خلال اجتياح المحتلين للبنان.
أسس أبو عرب فرقته الأولى في الأردن سنة 1980 وسميت بـ "فرقة فلسطين للتراث الشعبي"، وبعد اغتيال قريبه الشهيد الفنان ناجي العلي، اختار أبو عرب تغيير اسم فرقته ليصير فرقة ناجي العلي.
أبو عرب كان قد زار مسقط رأسه الشجرة على نحو سري، ولعله عاش هو يحلم بأن يعيد الزيارة ذاتها، وهاهو اليوم يعلن انفصاله عن لجوئه، ويموت..وفي روحه توق للعودة إلى فلسطين.